اقرأ في هذا المقال
- فيم يضرب مثل أكل الدهر عليه وشرب؟
- معنى مثل “أكل الدهر عليه وشرب”
- وجهة نظر أخرى عن مثل “أكل الدهر عليه وشرب”
- الحكم الديني حول نص مثل “أكل الدهر عليه وشرب”
في الملمات والشدائد، يعمد الأشخاص إلى الاستناد إلى حكمة أجدادهم وآبائهم، وما أثمرته تجاربهم، والتي يزخر بها تراثهم العظيم من الحكم والأمثال والأقوال والأشعار، نحاول أن نتصبر بها، وأن نستلهم منها الوعي والقوة والعمل، وليس هناك أدنى شك أنّ للأمثال دورها الكبير في إظهار درجة فصاحة الشخص المتكلم أوالكاتب، وفي تمكينهما من أن يعبّرا بعبارة موجزة عن الكثير من الأفكار، فما يكاد يسمع أهل اللغة مثلًا أو يقرؤونه، حتى تتداعى المعاني في أذهانهم فتغني المتحدث والكاتب عن كثير من الكلمات والألفاظ، ولعل من الأمثال التي يكثر تداولها على ألسنة الناس، مثل: “أكل الدهر عليه وشرب”، والذي سنتناوله فيما يلي من سطور.
فيم يضرب مثل أكل الدهر عليه وشرب؟
يضرب مثل “أكل الزمان عليه وشرب” للذي طال عمره، كأنهم يريدون القول إن الدهر بطيء، وقد أخذ وقته زمنًا طويلًا في الأكل والشرب، وقد ورد هذا قي قول الشاعر: “كَم رأَينا مِن أُناسٍ قَبلَنَا شَرِبَ الدَّهرُ عَلَيهِم وأَكَل”.
معنى مثل “أكل الدهر عليه وشرب”:
انتشرت عند العرب بعض العبارات التي تستخدم للتدلّ على معنى بعيد عن معناها الظاهر، ولكثرة تداولها في أحاديث الناس، وفي الشعر والنثر، صارت أمثالًا تُطلق على كل حالة مشابهة لمعنى المثل، وواحد من الأمثال المتداولة بكثرة من زمن بعيد وإلى الآن، هو مثل: “أكل الدهر عليه وشرب”، أما المعنى القريب للعبارة، فهو غير واضح ولا يمكن إيجاد أي تفسير له؛ لأنه ضرب من المجاز، أما بالبحث عن أصل المثل ولماذا يُقال فقد يتبين أنه يُقال للشخص الذي فني ذكره ولم يعد يُسمع من أخباره شيئًا منذ أمد بعيد، وكأنّ المقصد أن الدهر قد مر عليه الكثير والكثير بعد ذكر هذا الشخص.
وجهة نظر أخرى عن مثل “أكل الدهر عليه وشرب”:
ثمة رأي آخر عن مثل “أكل الدهر عليه وشرب”، إذ يرى البعض أن المقصود بهذا المثل، هو أن الشخص المقصود قد طال عمره، وامتدت سنون حياته، وأنه أكل وشرب مدة طويلة من الدهر، ومما يجدر ذكره أن هذا المثل فيه استعارة مكنية إذ شُبه الدهر بإنسان يأكل ويشرب.
الحكم الديني حول نص مثل “أكل الدهر عليه وشرب”:
قد يتساءل المرء عن حكم الدين وما ينص عليه الإسلام عن هذا المثل، لأنه ثمة حديث نبوي يقول فيه صلى الله عليه وسلم: “لا تسبوا الدهر؛ فإن الله هو الدهر”، ولا بدّ من الإشارة هنا أن المقصود بالحديث النبوي ألا يسبوا مُسبب النوازل؛ لأنه سيعود إلى الله، بينما المثل أكل الدهر عليه وشرب فيُقصد به الأيام والليالي لا الله جل جلاله، ومما يؤكد أن المقصود هو الأيام والليالي، هو أن لفظة الدهر في القرآن الكريم استعملت للدلالة على الأيام والليالي، وهي في قوله تعالى: “وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ”، وهنا يُقصد الأيام والليالي التي يعيشها البشر وما فيها من نوازل ومصائب، فالمقولة المذكورة: “أكل الدهر عليه، وشرب” لا حرج فيها، ولا تعد سبًّا للدهر؛ فهي مثل يضربه العرب للأمر القديم، أو لمن طال عمره، جاء في كتاب اللباب في قواعد اللغة، وآلات الأدب: أكل الدهر عليه، وشرب، يضرب لمن طال عمره، يريدون أكل، وشرب دهرًا طويلًا، وقال النابغة الجعدي: “سألتني عَن أُناسٍ هَلكوا شَرِبَ الدّهرُ عليهم وَأَكلْ”.