اختلط الحابل بالنابل

اقرأ في هذا المقال


قام اللغوي المعروف المُبرِّد بتعريف المثل، إذ قال: “المثل أُخِذ من المثال، وهو مقولة سائرة شائعة يُشبّه بها حال الموقف الثاني بالأول، والأصل فيها التشبيه”، وأما ابن السّكّيت، فقد قال في المثل: “المثل عبارة تخالف المضروب لها، وتوافق معناها معنى تلك العبارة، شبهوه بالمثال الذي يعمل عليه غيره”.

أصل مثل “اختلط الحابل بالنابل” – وفيم يضرب؟

أما أصل مثل “اختلط الحابل بالنابل” فيرجع إلى زمن قديم، حيث كانت السهام تُستخدم في الحروب، عندما كانت مهام رمي النبال والسهام تُسند إلى بعض المحاربين، بينما يقوم محاربون آخرون بالقبض على حبال الخيول والجمال، فحين يشتد وطيس المعركة وتلتحم الجيوش المتصارعة، وتعجّ أرض المعركة بالغبار، يصبح أمراً صعباً أن يُميّز الحابل، “أي ممسك الحبال”، من النابل “أي مطلق السهام”، ومن هنا جاء المثل “اختلط الحابل بالنابل” أي اشتدت الأمور، واختلطت حتى أصبح من الصعب التمييز بين شيءٍ وشيءٍ آخر، ويُضرب هذا المثل عند الاختلاف في الرأي.

قصة مثل “اختلط الحابل بالنابل”:

أما قصة مثل “اختلط الحابل بالنابل” فتدور أحداثه في بلاد العرب في القديم، وهي إشارة إلى اختلاف الرأي، غير أن قصة المثل فيها أكثر من رواية، وبالتحديد هما روايتان، وكلاهما مقبول جداً، ويدل على الهدف الذي ضُرب المثل من أجله، أما الرواية الأولى فأبطالها الماعز وراعيها، وأما الرواية الأخرى فهي تدور في أرض المعارك بين طرفين، وكلا الروايتين يعطي المعنى المراد من المثل المشهور.

أما الرواية الأولى لقصة المثل، فيُحكى أن الراعي الذي يرعى الماعز، يقوم بتعريب القطيع بعد موسم التزاوج، أي أنه يفصل بين أنواعه، فيقوم بعزل الماعز “المعاشير” غزيرة اللبن على حدا، ويعزل الماعز “غير المعاشير” على حدا، وذلك كي يبيع غير المعاشير، ويحتفظ بالمعاشير غزيرة اللبن، لتدرّ عليه أرباحاً وفيرة، حين يقوم ببيع اللبن، ويُطلق على الماعز المعاشير “حابلاً”، وأما الماعز غير المعاشير فتُسمّى”نابلاً”، ويحدث في بعض الأحيان أن يختلط الماعز المعاشير بالماعز غير المعاشير أثناء التعريب، فيقول الراعي القائم على رعايتهم قولته الشهيرة: “اختلط الحابل بالنابل”.

أما الرواية الثانية لقصة مثل “اختلط الحابل بالنابل”، فيُقال: إن “الحابل” هم الجنود الذين يقومون بإمساك حبال الخيل والجمال في الحرب، وأن “النابل” هم الجنود الذين يرمون بالنبل أي بالسهام، فحين تشتد المعركة بين الطرفين، ويختلط هؤلاء بهؤلاء، حينها يُقال: “اختلط الحابل بالنابل”، ومن هنا ضُربت هذه الحالة مثلًا عند اختلاط الأمور وتشابكها، واختلاف الآراء حولها.



شارك المقالة: