تُعدّ الأمثال المرآة التي تعكس حكمة الأجداد الشفوية، وهي إرث التاريخ الثقافي للمجتمعات، كما أنها توصف بأنها عصارة تجارب حكماء الشعوب، فالأمثال قصص لحياة تحكيها الأجيال، وهي حكايات عن حكمة الأجداد التي تصلح لكل زمان ومكان على اختلاف اللهجات واللغات، فهي نتاج الثقافة الشعبية، وتبقى وليدةً للبيئة واللغة والحدث الذي نتجت منه.
مثلنا العربي هو عبارة تدلّ على موقف معين حدث في الماضي، وهي تتكون من عدة كلمات تصف وضعًا أو موقفًا ما يحدث في الحاضر، أو بمعنى آخر تشبيه لموقف معين مشهور حدث بالماضي، تناقلته الألسن عبر التاريخ، يقال في بعض البلدان العربية “أهل أول ما تركوا شيئًا ما قالوه”، وهذه الجملة كثيرًا ما تكون مقدمة لأحدهم للإدلاء بأحد الأمثال الشعبية المعروفة، لتعزيز الرأي باستخدام المثل باعتباره حكمة تاريخية من الماضي.
قصة مثل حبل الكذب قصير:
دارت أحداث قصة مثل “الكذب حبله قصير “، في مدينة بغداد في قديم الزمان، إذ سُلب من أحد التجار مبلغًا كبيرًا من النقود، وكان السارق واحدًا من خدمه، وبذكاء وحكمة شديدين، أقدم التاجر على وضع خطة ليكشف السارق، وقال قولته الشهيرة التي أصبحت مثلًا، أما بداية القصة، فيُحكى أنه كان لتاجر غني من بغداد عشرة خدم، وفي أحد الأيام تبين له أن أحدهم قد سرق منه كيسًا فيه ألف دينار، أخذ التاجر يفكر كثيرًا، ويبحث عن طريقة تجعله يكشف من هو السارق.
بعد تفكير عميق، وضع التاجر الغني خطة تمكنه من كشف الخادم السارق، إذ أنه قام بإعطاء كل واحد من خدمه حبلًا، يبلغ طوله نصف متر تقريبًا، وطلب إليهم أن يحضروا عنده صباح اليوم التالي؛ وذلك لأن السارق سوف يطول حبله عشرة سنتيمترات، وفي صبيحة اليوم التالي، حضر جميع الخدام، وأخذ يقيس حبل كل واحد منهم، وكانت جميع الحبال بنفس الطول، كما أعطاهم إياها سابقًا، ما عدا واحد، كان طوله أقصر بعشرة سنتيمترات، فعرف أنه السارق، والذي حصل هو أن هذا السارق قام بقص عشرة سنتيمترات من الحبل، لأنه ظن أن حبله بالفعل سيطول هذه المسافة، وعند اكتشاف من هو السارق، قال له التاجر: حبل الكذب قصير، ثم اشتكاه وحبسه، وأصبحت هذه المقولة مثلًا تتناقله الألسن حتى يومنا هذا.