الكلاب تنبح والقافلة تسير

اقرأ في هذا المقال


ما أمثال الشعوب إلا انعكاس واقعي للمواقف التي مر بها الأولون، إذ إنهم تمكنوا ببراعتهم وإتقانهم وإجادتهم للّغة العربية، أن يقوموا بتصيير هذا الواقع إلى حكم وأمثال تتناقلها الأجيال، الجيل تلو الآخر، هذا بالإضافة إلى أن وراء كل مثل شعبي حكاية وقصة حدثت في حقبة ما، جعلته يترسخ في عقول الكثير من الناس، وتاليًّا في السطور القادمة، سأقدم لكم واحدًا من أكثر تلك الأمثال الشعبية شهرة، ألا وهو مثل “الكلاب تنبح والقافلة تسير”.

متى يُستخدم مثل: الكلاب تنبح والقافلة تسير؟

يُعتبر مثل “الكلاب تنبح والقافلة تسير”، واحدًا من أشهر الأمثال التي تُستخدم في أدبيات الحوار حتى يومنا هذا، وعلى الدوام يقال في وجه أعداء النجاح والحاقدين من البشر، ويُراد بهذا المثل الإشارة إلى أن كل الناجين والمبدعين يمضون في الحياة رغم أنف مثبطي العزائم، والذين يقللون من قدرات غيرهم من المكافحين والمبدعين، فالحقد يفعل بالإنسان كما يفعل الخريف بأوراق الشجر، يجعله خاويًا ويريد كل من حوله خاويين.

أصل مثل: الكلاب تنبح والقافلة تسير:

يُقال إن أصل هذا المثل يعود إلى واحدة من مقولات الإمام الشافعي -رحمة الله عليه-، إذ يُعتبر الإمام الشافعي -رحمه الله- ثالث الأئمة الأربعة، وهو- كما هو معروف- صاحب المذهب الشافعي في الفقة الإسلامي، وقد كانت كلماته توزن بالذهب؛ لذلك فقد اشتهر بذكائه وفطنته وسداد رأيه، ففي يوم من الأيام، أغضبه واحدًا من الأشخاص الحاقدين عليه، فرد عليه الإمام الشافعي بأبيات من الشعر:

” قل ما شئت بمسبتي فسكوتي عن اللئيم هو الجواب

لست عديم الرد لكن ما من أسد يجيب على الكــــلاب”

لقد قصد الإمام الشافعي بأبيات الشعر التي قالها، أنه لا يوجد ما يمنع الحاقدين من سبّ الناجحين والتقليل من قيمتهم؛ ذلك أنهم في آخر الأمر، هم أعداء النجاح، كما أنه يرى أن عدم الرد عليهم هو أفضل جواب، لأنهم لا شيء، فحديثهم مثل عواء الكلاب، وهو بالتأكيد لن يؤثر في مسيرة نجاح وتفوق الناجحين، ومن هنا جاءت مقولة “القافلة تسير والكلاب تنبح”، التي راحت مثلًا يردده الناس.

يشير الإمام الشافعي -رحمه الله- بأن السكوت كذلك ليس ضعفًا، إذ إنه لا يوجد أسد يرد على نباح كلب، الذي هو أقل منه شأنًا ومكانة، فالأسد صاحب الكلمة الأولى والأخيرة علاوة على أنه ملك الغابة، وهو من يحرك القافلة كما يشاء، لأنه هو القائد والسيد، كما أن الكلاب ذاتهم من ضمن رعيته، ومنذ ذلك الحين، أصبح الكثيرون يرددون هذا المثل، أمام أعدائهم والحاقدين على نجاحهم.


شارك المقالة: