لكل أمّة من الأمم التي رسمت خطاها على وجه البسيطة الإرث الثقافيّ الخاص بها، والذي جعلها تتفرد به عن غيرها، وهو بدوره يعبّر عن الكثير من الوقائع والمناسبات، التي حصلت خلال التاريخ، ولعل من أكثر أنواع التراث شهرة “الأمثال الشعبية” والحكم، ويقوم الناس باستخدام هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي قيلت فيه تلك الأمثال، فيعبرون عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة، ويتداولها الناس جيلًا بعد جيل مع إضافة ما استجد من أمثال تعبر عن أحداث الحاضر، وفيما يلي سيتم ذكر قصة المثل العربي الشهير، هو: “جحا أولى بلحم ثوره”.
فيم يضرب مثل: “جحا أولى بلحم ثوره”؟
أمّا مثل “جحا أولى بلحم ثوره”، وصيغته هي ذات الصيغة في جميع أنحاء الوطن العربي، وهو يُضرب بين الناس ليدلّ على أن الشخص هو الأولى من غيره بما يملك.
قصة مثل: “جحا أولى بلحم ثوره”:
فيما يُروى أنّ حكاية مثل: “جحا أولى بلحم ثوره”، هي أن جحا قد اشترى غطاءً دافئًا لسريره، وفي إحدى الليالي، دخل على بيته أحد اللصوص وسرق الغطاء، فحزن جحا كثيرًا، وراح يبحث عن الغطاء في كل مكان مدة طويلة من الزمن، ولكن دون فائدة، فاهتدى إلى طريقة ذكية يجد من خلالها غطاء سريره، إذ كان عند جحا ثور هرم، فخرج إلى السوق ونادى بالناس بأنهم مدعوون عنده لتناول لحم الثور المطبوخ، وجاء أهل المنطقة جميعهم، وطلب إليهم أن يصطفوا عند الباب، وكان الطقس باردًا جدًّا، ولذلك لبسوا أثقل ما عندهم من ملابس وأغطية لاتّقاء شرّ البرد.
قام جحا بالمرور بالضيوف جميعهم، وهو يتلمّس ملابسهم وما يضعون على أجسادهم من أغطية، وكان يحمل صحنًا مملوء باللحم، غير أنّه كان يعتذر للشيخ بأنّ لحم الثور يضرّه، وللمريض بأن هذا اللحم سيزيده مرضًا، وطلب من الشباب الاصطفاف في مكان خاص، وتفقدهم، حتى إذا وصل إلى أحدهم عرف غطاء سريره الذي تدثّر به هذا الشخص، فأدرك أنّه “اللص”، فصاح جحا بالناس “بأنه وجد غطاء سريره”، “ها هو اللص”، فهرب الرجل حتى لا يُقبض عليه ويُعاقب، وطلب جحا من الناس الانصراف من بيته، وكان يحمل الصحن بين يديه، ولم يُعطهم منه ولا قطعة واحدة، وقال جحا حينها: “جحا أولى بلحم ثوره”، ومنذ ذلك الوقت أصبح المثل يُضرب بين الناس للدّلالة على أنّ الشخص أولى من غيره بما يملك.