حقيقة هذا المثل:
هذا المثل”رب أخ لك لم تلده أمك” يضرب في الشهامة، ويُكنى به عن وقوف الصديق والأخ بجانب صديقه في أوقات الضيق والشدة، إشارة إلى قرب أحدهما من الآخر، إذ يصبحون كالأخوة الذين لم تلدهم أمّ واحدة، كما أنه يضرب في حالة وجود تشابه كبير بين اثنين، ولهذا المثل أصل عند العرب.
في الكثير من الأحيان يُضرب هذا المثل ” ربّ أخ لك لم تلده أمك ” في مواقف الشهامة والنخوة والمؤازرة بين الأصدقاء والأصحاب، فيكونون أكثر شبهًا بالإخوة ذلك أنهم يقفون إلى جانب بعضهم البعض، ولا يتخلى أحدهم عن الآخر مهما يكن، ولكن قد يستغرب المرء كثيرًا، إذا ما علم أن أصل هذا المثل لم يضرب في واحد من تلك المواقف التي يتكاتف ويتحدّ فيها الأصدقاء، بل على العكس تمامًا فهو قد ضُرب كنوع من الهجاء والسبّ لرجل وامرأة في زمن الحكيم لقمان.
يُقال إن أول من أطلق هذا المثل هو لقمان بن عاد المشهور بلقمان الحكيم، والذي أمده الله سبحانه وتعالى بفصاحة اللسان والحكمة ورجاحة العقل، وحكاية المثل كما أوردها الميداني في كتابه مجمع الأمثال، تحكي أن لقمان مر في يوم من الأيام بخيمة فيها امرأة تجالس رجلًا، فطلب إليهم أن يشرب، فقامت المرأة وقدمت له الماء، وبينما هو يشرب لاحظ لقمان وجود طفل يبكي دون أن يهتم لأمره أحد، فسأل المرأة لمن الطفل؟ ولماذا يبكي؟ فقالت: إنه لهانئ، وهانئ هذا زوجها، وهو لم يكن بالخيمة حينها، فسألها لقمان عن الشاب الذي تجالسه فقالت: هذا أخي، فقال لقمان حينها حكمته الشهيرة: رب أخ لك لم تلده أمك، وكان يقصد بذلك أنه فطن إلى أن الرجل الذي يجالسها ليس أخاها.
قصة رب أخ لك لم تلده أمك:
في المساء شاهد لقمان الحكيم رجلًا يقود أغنامه، وهو متجه نحو الخيمة والتي لجأ ليشرب منها في الصباح، فلما مرّ به لقمان وجه الرجل إليه الدعوة ليستضيفه، فشكره لقمان الحكيم، وأخبره أنه استسقى امرأته في الصباح فسقته، وكان معها رجل تزعم أنه أخوها، فقال الزوج للقمان: وما أدراك أنه ليس أخاها، فقال له لقمان: لو كان من يجالسها أخوها لما جعلها تجيبني نيابة عنه، وبعد أن تأكد هانئ من صدق قول لقمان فيما حدثه به، انتقم لشرفه، ومن وقتها أطلق هذا المثل “ربّ أخ لك لم تلده أمّك” على الصديق الذي يجالس صديقه دائمًا ويكون له بمثابة الأخ الذي لا يتورع عن مساندة أخيه، غير أن المقصود في الأصل كان ذلك الأخ المزعوم لزوجة هانئ.