ما كل بيضاء شحمة ولا كل سوداء تمرة

اقرأ في هذا المقال


كلّ أمة من الأمم التي رسمت الخطى على وجه الأرض لها موروث ثقافيّ يخصها، وكما إنه يجعلها تتفرد به عن غيرها، وهو بدوره يعبّر عن الكثير من الوقائع والمناسبات، التي حصلت خلال التاريخ، ولعل من أكثر أنواع التراث شهرة “الأمثال الشعبية” والحكم، ويقوم الناس باستخدام هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي قيلت فيه تلك الأمثال، فيعبرون عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة، ويتداولها الناس جيلًا بعد جيل مع إضافة ما استجد من أمثال تعبر عن أحداث الحاضر، والمثل الذي سنتناوله هنا، هو: “ما كلّ بيضاء شحمة، ولا كلّ سوداء تمرة”.

ما المقصود بمثل: “ما كل بيضاء شحمة ولا كل سوداء تمرة” وفيم يضرب؟

المقصود من مثل: “ما كلّ بيضاء شحمة، ولا كلّ سوداء تمرة”، هو التنبيه والإشارة إلى أن الأمور قد تبدو متشابهة، وهي في الواقع مختلفة تمامًا، فأمر سهل ومشابه له في الصورة وهو في غاية الصعوبة، وهو مثل يُقال فيمن يغرّه المظهر عن المخبر، ويُعميه البريق، أي أنه لا يحكم على الشيء إلا بظاهره.

قصة مثل: “ما كلّ بيضاء شحمة، ولا كلّ سوداء تمرة”

أما حديث مثل “ما كلّ بيضاء شحمة، ولا كلّ سوداء تمرة”، أنه كانت هناك امرأة، تُدعى “هند بنت عوف بن عامر بن نزار بن بجيلة” وهي زوجة ذُهل بن ثعلبة بن عُكابة، فولدت له عامرًا وشيبان، ثم هلك عنها ذهل، فتزوجها بعده مالك بن بكر بن سعد ابن ضبة، فولدت له ذهل ابن مالك، فكان عامر وشيبان مع أمها في بنى ضبّة، فلما هلك ملك بن بكر انصرفا إلى قومهما، وكان لهما مال عند عمهما قيس بن ثعلبة، فوجداه قد أتواه، فوثب عامر بن ذهل فجعل يحتفه، فقال قيس: يا ابن دعني، فإن الشيخ متأوه، فذهب قوله مثلًا، ثم قال: ما كل بيضاء شحمة، ولا كل سوداء تمرة، يعنى أنه وإن أشبه أباه خلقًا فلم يشبهه خُلقًا، فذهب قوله مثلًا يُضرب في موضع التهمة، فالتمرة سوداء حلوة مغذية نافعة، وقد توجد تمرة تشبهها في السواد، ولكنها مرة مؤذية لآكلها، والشحمة بيضاء وهي ذات منافع متنوعة، ولكن ليس كل شيء لونه أبيض يكون مثل الشحمة في منافعها.


شارك المقالة: