إن الشعوب التي عاشت على وجه المعمورة، تمتلك الموروث الثقافيّ الذي يخصها، والذي يجعلها تتفرد به عن غيرها، وهو بدوره يعبّر عن الكثير من الوقائع والمناسبات، التي حصلت خلال التاريخ، ولعل من أكثر أنواع التراث شهرة “الأمثال الشعبية” والحكم، ويقوم الناس باستخدام هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي قيلت فيه تلك الأمثال، فيعبرون عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة، ويتداولها الناس جيلًا بعد جيل مع إضافة ما استجد من أمثال تعبر عن أحداث الحاضر، والمثل الذي بين أيدينا هو: “موت يا حمار”.
فيم يضرب مثل “موت يا حمار”؟
كثيرًا ما نسمع مثل: “موت يا حمار” يتردد على ألسنة الناس، وهي عبارة تُقال كي تعبّر عن طول البال والتأخير في إنجاز الأعمال، أو عدم النية على فعلها، فهي على الدوام تُحكى في حالات التسويف والتباطؤ، ولعل أكثر الناس لا يعرفون من قائل هذه المقولة أو حتى في أي مناسبة قيلت، ولماذا ارتبط ذكرها بالحمار، وليس بحيوان آخر؟ فإليكم القصة كما توارثتها الأجيال.
قصة مثل “موت يا حمار”:
أما قصة مثل: “موت يا حمار”، فيُروى أن واحدًا من الحكام في قديم الزمان قد شاهد حمارًا يقتحم حديقته، ويدخلها من دون استئذان؛ فثار، وجن، لدرجة أنه أمر بأن يُقتل الحمار، فحاول أحد الوزراء إقناعه أن الحمار حيوان لا يفهم، ولا يعرف شيء عن القواعد الملكية وآداب الدخول ولكن دون جدوى، إذ بقي الحاكم مصرًا على معاقبة الحمار لكي يتعلم احترام القواعد الملكية، ولتدارك الموقف، تقدم أحد الحاضرين وعرض على الحاكم عرضًا مفاده أن يقوم بتعليم الحمار القواعد الملكية، شريطة أن يمنحه الحاكم قصرًا جميلًا يعيش به، ومهلة عشر سنوات لتعليم الحمار، وبالفعل وافق الحاكم على هذا العرض العجيب، ولكنه أخبر الرجل أنه إن لم يستطيع تعليم الحمار القواعد الملكية في تلك الفترة، فسيقوم بقطع رقبته عقابًا له.
ما إن خرج الرجل من عند الحاكم، ورجع إلى منزله حتى أخبر زوجته بالحكاية، فخشيت على زوجها مما سيحل به، لأنه بالتأكيد لن يتمكن من أن يعلم الحمار القواعد، واستفسرت عما سيفعله؟، فأجابها الرجل قائلًا: “بعد عشرة أعوام إما أن يموت السلطان، أو أموت أنا، أو حتى يموت الحمار، وموت يا حمار”، ومن هنا بدأ تداول تلك مقولة في الأوقات التي يتأخر فيها أصحابها عن تنفيذ ما يوكل إليهم من أعمال، كدليل على فقدان الأمل فيهم، وظلت تنتشر حتى توارثتها الأجيال ووصلت إلينا لنستخدمها في حياتنا اليومية بشكل تلقائي.