آل سعود بين الدولتين الأولى والثانية

اقرأ في هذا المقال


آل سعود في الدولة السعودية الأولى والثانية:

بعد استلام الأمير عبد الله بن سعود الإبراهيم باشا، أعلنت القبائل ولاءها للأخير، في حين فرّ الآخرون الذين لم يتجاوبوا معه ووصلوا إلى اليمن وعمان، ولكن إبراهيم باشا قام بأعمال عدوانية ضد السكان والأمراء، وأرسل آخرين أسرى إلى القاهرة واسطنبول في محاولة من أجل إبعاد أهل نجد عن البلاد، وهدم أيضاً الدرعية رمز أسرة آل سعود وهدم أسوار مدن أخرى لتفقد روح المقاومة أمامك.

وبعد ذلك قام  ماجد بن عريعر أحد زعماء بني خالد في الذهاب إلى الأحساء  في تلك الفترة، وكان ذلك في مساعدة إبراهيم باشا ليقوم في السيطرة عليها من قبضة آل سعود، وقد احتلها بالفعل بعد أن هرب أميرها، في حين وصلها قائد عثماني بقوة عسكرية فقام بأعمال عدوانية ضد سكانها إلى حد أن ماجد بن عريعر تخوف نفسه من أن يصاب هو وقومه بني خالد بالأذى، فهرب إلى حدود العراق، إلى أن سحب هذا القائد العثماني إبراهيم باشا واتباعه إلى الأحساء، وبعد أنّ أنهي إبراهيم باشا حملته على نجد والحجاز وقضى على الدولة السعودية.

قرر الانسحاب بقواته إلى الحجار ثم إلى مصر عام 1819 ميلادي، حيث جرت حالة فوضى في نجد والصراع بين حكامها، وكان محمد بن مشاري بن معمر وعبد العزیز بن محمود بن سعود الذي تركوا الدرعة بعد سيطرة إبراهيم باشا عليها، وقد استقروا في العينية، بعدها قام إبراهيم  في الانسحاب من نجد، ثم عادت الفكرة إلى ابن مشاري في إقامة دولة المسلمة، ولا سیما انه يرتبط مع آل سعود بالقرابة وأنّ الساحة شاغرة لمن يقود الأسرة ولديه أيضاً الأموال والأسلحة.

وكان هدف المعمر هو الدخول إلى الدرعية ذات المكانة المهمة لأهل نجد وهي قاعدة الدولة الجديدة لاستعادة مجد الدولة السعودية الأولى وحيث وصل الدرعية في عام 1818 ليقوم في إعادة بنائها، وبعدها قام في إستدعاء الزعماء ليقوموا في مبايعته، ولكن العديد من النجديين لم يتقبلوا حركته، وقرروا الاتصال بأمراء بني خالد من أجل تدمير والقضاء علی هذه الحركة الجديدة.

قام ماجد بن عريعر وأنصاره بالتوجه إلى نجد، ووصل العارض وانضم إليه أهل الرياء وحرملة والخرج وحاول ابن معمر کسب هذا التحالف وعدم الصدام معه وأرسل إليه الهدايا، ولأنه يتبع السلطان العثماني، فسار ماجد إلى دياره وزادت شعبية ابن معمر لدى أهل نجد وعاد إلى الدرعية من قام في تركها أثناء معارك إبراهيم باشا، ومنهم تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود، وشقيقه زيد واللذان ساعدا ابن معمر في تحركاته.

حيث غدت المدن النجدية تحت إدارة ابن معمر مما يشير إلى إعادة بناء الدولة، ولكن واجهته مشكلة أنّ مشاري بن سعود قد فر من مصر إلى المدينة المنورة ثم ينبع، ووصل إلى الوشم ومعه الأنصار من المدن النجدية واتجه إلى الدرعية ودخلها فما كان من ابن معمر إلّا التنازل عن الحكم. وقدم الناس للبيعة لمشاري بن سعود في الحكم وأفراد الأسرة السعودية أيضاً، ولكن هذا التأييد الواسع الكبير لسعود لم يفد شيئاً أمام رغبة ابن معمر في السيطرة على الحكم.

وخرج من الدرعية  إلى سدوس فجمع أنصاره ليعود إلى الحكم، وکسب معه فيصل الدويش زعيم قبيلة المطير، وسار این معمر إلى الدرعية ودخلها وقبض على مشاري بن سعود، وأرسله إلى سدوس وتوجه إلى الرياض واحتلها وغادر تركي بن عبد الله المدينة.

 قيام الدولة السعودية الثانية:

لم يقف تركي بن عبد الله آل سعود 1830-1820 مكتوف الأيدي أمام تحرکات ابن معمر، ونظر في البداية إلى مشاري بن سعود على أنّه الحاكم الشرعي، ودعمه وسانده ولما غدر به ابن معمر، قرر تركي أن يعيد الأمور إلى حقيقتها حيث انتقل من الحائر إلى ضرماء وسار معه أنصاره وفاجأ ابن معمر في الدرعية وقبض عليه واستولى على الرياض، وقبض على مشاري بن محمد بن معمر، وفي محاولة انقاذ مشاري بن سعود هدد ابن معمر بأنّه لن يطلق سراحه حتى يسلم إليه الأمير السعودي المعتقل، ولكن أنصار ابن معمر في سدوس تخوفوا من غضب القائد العثماني آبوش أغار وسلموه أتباعه وأخذ إلى عنيزة وتوفي في السجن هناك.

ونفذ تركي بن عبد الله تهديده مع ابن معمر وابن مشاري واتخذ تركي الرياض عاصمةً له بدلاً من الدرعية لأنها كانت مميزةً وكثرة المزارع، ولكن فيصل الدويش حاصره وأنصاره فصمد تركي أمامهم، وانسحبوا إلى الوشم وأرسل محمد علي باشا القوات للقضاء على محاولة تركي بن عبد الله لإقامة الدولة السعودية، ووصل حسين بك وقواته إلى نجد، وانضم إليها آبوش آغا ومن معه.

تسلسل وقائع قيام الدولة السعودية الثانية:

تحرك الجميع  في قيادة حسين بك حيث ووصلوا إلى الوشم، ووصل آبوش آغا ومن معه إلى الرياض، ودخلوا إليها وحاصر تركي بن عبد الله وأنصاره في قصر الإمارة، وتسلل تركي ليلاً إلى خارج المدينة واتجه إلى جنوب نجد، واستسلم من بقي من أنصاره ثم قتلهم غدراً هذا القائد العثماني، فقام حسين بك بأعمال عدوانية ضد السكان في الدرعية بعد أن طلب منهم المجيء إليه لتلبية طلباتهم، ثم اتجهت قواته إلى مدن نجدية أخرى لتمارس الأعمال نفسها ثم انسحب بقواته من نجد وترك عدة حاميات في المدن النجدية.

ثم تجددت حالة الفوضى من جديد، وثار السكان ضد القائد العثماني الجديد، وأمام المذابح التي ارتكبت بحق السكان والثورة ضد الحكام لم يبق من الجيش سوى قلةً في منفوحة والرياح إلا أنّ تركي بن عبد الله عاد في عام 1823 ميلادي، توجه لممارسة نشاطه بإخراج القوات من نجد، وتوحيد البلاد ووصل إلى بلدة عرقة في الرياض وفر إلى الرياض وشنّو حرباً مدة عام کامل.

وفي أواخر عام 1823 كان قد تقدم إلى منفوحة واستولى عليها، وشدد الحصار على الرياض حتى طلب قائدها العسكري  سکة توافق بری على ذلك، وتم الصلح علي أن يغادر القائد نجد مع قواته وتوحيد تركي بن عبد الله وانصاره الوشم، وحين تأكد من خروج القائد العسكري من الرياض تقدم إليها ودخلها في عام 1824. وأصبحت عاصمة حكم الدولة السعودية، وبدأت قيام هذه الدول التي سميت في الدولة السعودية الثانية.

انضم العديد من الأمراء إلى تركي بن عبد الله، وقاموا في إنشاء الجامعات العسكرية السرية وأن يستقر في الرياض، وبايعه الشيخ عبد الرحمن بن حسن محل جده الشيخ محمد بن عبد الوهاب إدارة الشؤون الدينية عام 1825، ووصل من مصر إلى الرياض، واستطاع فيصل بن تركي أن يعود من مصر إلى نجد، وأصبح مساعداً لأبيه الأمير تركي بين عبد الله. أما على الجناح الشرقي من شبه الجزيرة العربية فقد كان بنو خالد في الإحساء في حالة عداء مع آل سعود وخاصة بعد أن سيطروا على الإحساء أثر القضاء على الدولة السعودية الأولى ومجيء إبراهيم باشا.

بدأت حالة من المواجهة بين آل سعود والخوالد عام 1829 وتقدم عمر بن عفيصان إلى الإحساء بأمر من الأمير تركي بن عبد الله، وسار من جهة أخرى محمد بن عريعر والقبائل الأخرى معه وأتباعه،حيث أمر تركي أن يتصدى فيصل ابنه لهذا التحالف، وجرت معارك عنيفة بين الطرفين، وقتل ماجد بن عريعر وسار تركي ليلحق بابنه وأتباعه وهزم محمد بن عريعر ومن معه، وحصل آل سعود على الغنائم، وعرفت بمعركة السببيةً لكثرة السبي فيها من أموال وإبل وأغنام وغيرها.

كتب الأمير تركي بن عبد الله إلى أهل الإحساء لمبايعته، فوافقوا واتجه إلى هناك شخصياً وهربت أعداد كبيرة من بني خالد، ودخلها الأمير ومن معه واستسلم له محمد بن عريعر، فأصبحت الإحساء من ممتلكات الدولة السعودية. وعين الأمير تركي عمر بن عفيصان أميراً على المنطقة الشرقية وعاد إلى الرياض قواته العسكرية، ومن هذه القبائل سبيع والسهول والعجمان ومطير وقحطان حيث حضروا إليه ودخلوا في طاعته.

وبهذا أصبحت مدن وقبائل نجد كلها في طاعة آل سعود، أما في ساحل عمان، فقد كانت إمارات منها قد دخلت في طاعة آل سعود في الدولة الأولى، ثم جاء في عام 1928 وفداً منهم إلى تركي بن عبد آل حسین طلبوا أن يرسل إليهم قوات تقف معهم، فارسل جیشاً بقيادة عمر بن عفيصان وأصبحت البريمی خاضعة لآل سعود ومركزاً لهم في هذه الجهات، وبعد سنوات قليلة أرسل الأمير تركي حملةً إلى عمان وأظهر سلطان مسقط السلطان سعيد بن سلطان التودد للأمير ودفع له الأموال سنوياً ووصل نفوذه إلى عمان.


شارك المقالة: