أبعاد المشكلة الاجتماعية

اقرأ في هذا المقال


الأبعاد هي المراحل التاريخية التي مَرَّ بها مفهوم المشكلات الاجتماعية وتمثل رؤية علماء الاجتماع لها والمصطلحات التي أطلقوها عليها أيضاً.

المراحل التي مَرَّ بها مفهوم المشكلات الاجتماعية

بدأ علم الاجتماع الأمريكي في دراسة المشكلات الاجتماعية مع بداية التصنيع السريع والتَحضر في المجتمع الأمريكي، حيث ظهر مفهوم يجمع في إطاره مفهوم المشكلات الاجتماعية، وأُطلِق عليه مصطلح العِلّة الاجتماعية ثمَّ تبعه مفهوم الوهن التنظيمي أو التفكُّك الاجتماعي ثمَّ السلوك المنحرف.

ما هي الباثولوجية الاجتماعية؟

الباثولوجية الاجتماعية أو العِلّة الاجتماعية تعني: الخروج عمّا هو مألوف في الوضع السوي والسائد في التنظيم الاجتماعي. ودخل مصطلح العِلّة الاجتماعية إلى علم الاجتماع من منظور سوسيولوجي للدراونية الأحيائية أو البيولوجية. حيث شَبهوا المجتمع بالعضو في الجسم من حيث تطوّره وعلاقته بوظائف أجزاء الجسم الأخرى من حيث السواء، ويتميّز المجتمع السَّوي عن المنحرِف بسِمات تتمثل في الحالة الطبيعيّة من الصحة والظروف المعتادة الطبيعيّة للمجتمع وأفراده، وأي انحراف عن هذه الحالة يُعتبَر عِلّة مرضيّة لأنَّها لا تُمثِل الحالة الطبيعية كما اعتادوها، أو حالة شاذّة أو غير سَويَّة لأنَّها لا تُعبّر عن السواء الاجتماعي للمجتمع الإنساني.

نشأ هذا الاتجاه في جامعة شيكاغو عام 1892م وحتى أربعينات القرن العشرين. واعتبروا هذا القسم “علم الاجتماع” مركزاً للبحوث الاجتماعية. ينتمي أصحاب هذا الاتجاه إلى أصول اجتماعية متماثلة، فمعضمُهم من أبناء الطبقة الوسطى البروتستانية، ومن مجتمعات زراعية صغيرة، وبعضهم كانوا من أبناء وزراء، ومعظمهم يُمثِلون تنظيمات ومؤسسات الرعاية الاجتماعية قاموا بدراسة أوضاع المعيشة للفقراء المهاجرين من الدول الأوربية والأفريقية والآسيوية واستوطنوا في المدن الحضرية التي تنمو بصورة سريعة وتتميز بالحِراك الاجتماعي العمودي، واهتموا بدراسة المناطق المتخلفة التي تَعجّ بالعديد من الظواهر مثل الفقر والجرائم والانحراف والطلاق والأُسَر المُتصدِعة والصراع العِرقي وأطلقوا عليها مصطلح العِلل الاجتماعية.

اهتم العالِم ” مليز ” بدراسة أصول وقِيَم العِلل الاجتماعية فوجدها غير مُمَثِلَة للحالات الحضرية، وإنَّما تُمثل نمط الحياة الاجتماعية الريفية، وكشفت خصائص العينة أنَّ معظمهم من الشباب المهاجرين وينحدرون من الطبقة الوسطى للمجتمع الحَضري الأوروبي، ولم يُمثلوا الطائفة البروتستانتية المسيحية وانصب اهتمامهم على دراسة الانحراف عن المعايير والقواعد التي يُحددها المجتمع لأنماط السلوك المرغوب، وكان الهدف من دراسة السلوك المُنحرِف هو تحديد المشكلات الاجتماعية وإيجاد حلول ووسائل لمواجهة هذه المشكلات.

في أثناء هذه الفترة ظهرت المدرسة الإيكولوجية التي اهتمت بدراسة التفكك الاجتماعي، وترى أنَّ التفكك الاجتماعي ينشأ عندما يتعرض المجتمع لتغير اجتماعي سريع وحادّ فيؤدي إلى انهيار النظام القِيَمي في المجتمع.

لاحظ بارك ورفاقه في دراسته انتشار مظاهر من التفكك الاجتماعي كالفقر والجريمة في مناطق معينة في المدينة، بزيادة المظاهر في وسط المدينة وتقلّ في أطرافها.

ويُرجِع أصحاب مدرسة شيكاغو مصدر المشكلات الاجتماعية للفرد ذاته لأنَّه فشل في التمثل لمعايير وقِيَم مجتمعه، وانتقدوا الفرد لأنَّه غير قادر على التكيّف مع الحياة الجديدة، وكان هدف أصحاب هذا الاتجاه تعزيز النِظام الاجتماعي والمحافظة عليهِ أكثر من دراستهم للمشكلات الاجتماعية نفسها، وكانوا أيضاً غير مُهتَمين بالخصوصيّة الثقافية والإنسانية للمهاجرين، وطالبوا بإعادة تعليم المهاجرين لحلّ مشكلاتهم من خلال إيجاد وتنظيم برامج تعليميّة وندوات لتعليم المهاجرين العادات والقِيَم المُرتبطة بطبيعة الحياة الاجتماعية للمجتمع الجديد.


شارك المقالة: