الجبهة البيزنطية في عهد هشام بن عبد الملك:
استمر النزاع بين المسلمين والبيزنطيين في عهد الخليفة هشام بن عبد الملك، الذي عمل على إعادة إحياء العمليات الجهادية، واتخذ هذا النزاع صفة حرب مقدسة من جهة البيزطيون، فقام الخليفة في بداية الأمر بإنشاء الحصون؛ حتى يمتص الغارات التي يقوم بها البيزنطيين، وقام باتخاذها قواعد للانطلاق حتى يتم غزو الأراضي البيزنطية، وأيضاً أنشأ ستة حصون على الطريق العسكري الذي يمتد بين أنطاكية حتى المصيصة، كما أنه قام بترميم حصن ملطية.
وبعد عام من استلام هشام بن عبد الملك للخلافة كان المسلمون يقومون بالإغارة سنوياً على الدولة البيزنطية، وقاموا بفتح العديد من المُدن والحصون، منها: خنجرة وخرشنة وقيصرية وصمالو، كما أنهم حاصروا العديد من المُدن منها: دور يليوم ونيقية وطوانة وبرجمة، ونفذوا الحملات البحرية الإسلامية ضد العديد من الجُزر مثل قبرص وصقلية.
وكانت الظروف الداخلية في الإمبراطورية البيزنطية متزعزعة؛ حيث كانت الصراعات مع عبدة الأيقونات قائمة، ولذلك كانت ردود فعلهم على الحملات التي يقوم بها المسلمون قليلة؛ الأمر الذي جعل الخليفة هشام بن عبد الملك يواصل ضغطه على البيزنطيين.
وفي عام 122هـ سارت القوات الإسلامية وتوغلت باتجاه آسيا الصغرى، وقامت بمحاصرة ربض أكرن القريبة من عمورية، فخرج للقائهم ليو الثالث بنفسه على رأس الجيش البيزنطي، والتقى الجيشان في معركة حامية الوطيس وحقق الجيش البيزنطي انتصاراً واضحاً فيها، وكانت خسائر المسلمين كبيرة، وارتبط اسم البطل التركي عبد الله البطَّال في هذه المعركة التي قُتل فيها، وتم دفنه في قرية تقع في جنوب أسكي.
وكانت هذه المعركة آخر معركة يلتقي فيها الأمويون والبيزنطيون، وكانت نتيجتها أن خرج المسلمين من الجزء الغربي من آسيا الصُغرى وذهبرا للجزء الشرقي، كما أن الحملات التي كانت تذهب للغزو كانت قد قلَّت، ولم يحدث أي نشاط عسكري ما بين العامين 123هـ-125هـ، وكان ما يحصل لا يتجاوز صوائف عادية ليس لها أي نتئج مهمة.
وكانت قد تخلَّصت القسطنطينية من هجمات المسلمين ضدها، وارتداد البيزنطيين عن آسيا الصغرى، وهذه خاتمة مراحل النضال ما بين المسلمين والبيزنطيين، وبقيت هذه المنطقة جزءاً لا يتجزأ من الإمبراطوية البيزنطية بفضل نظام الثغور البيزنطي.