يختلف أفراد المجتمع في الدراية عن المشكلة الاجتماعية السائدة في المجتمع. ويرجع هذا الاختلاف إلى درجة القُربْ أو البُعد عن المشكلة وإلى نوع العلاقة بينهم.
الأفكار الخاطئة عن المشكلات الاجتماعية:
وتتمثل الانطباعات الخاطئة عن المشكلات الاجتماعية في التالي:
1- عدم الاتفاق بين الناس على ما يُعتَبر مشكلة اجتماعية: ويرجع عدم الاتفاق إلى الفروق في القناعات الشخصية للأفراد فما هو متفق عليه عند بعض الناس على أنَّه يُمثِل مشكلات لا يكون هكذا مع جميعهم. مثلاً: يَتّفق معظم الناس على أنَّ الفقر والبطالة وأزمة السكن تمثل مشكلات اجتماعية، ولكنَّ البعض الآخر لا يراها هكذا بل يَجد لها مردوداً حسناً للإنسان لأنَّها تساعده على إدراك حالة البؤس الإنساني.
والأغنياء يَرون أنَّ الفقر ضروري للمجتمع لأنَّه يجعل مالكي المال والثروة في أعلى السُّلَّم الاجتماعي. ويرى البعض الآخر أنَّ وجود العاطلين عن العمل ضروري للعاملين لكي يزيدوا من اندفاعهم للعمل وحِرصهم عليه وإخلاصهم فيه.
2- اعتبار المشكلات الاجتماعية شيئاً طبيعياً وأمراً لا يمكن تَجنّبه: البعض ينظر إلى المشكلات الاجتماعية على أنَّها حالات طبيعيّة حتميّة يتعذّر تجنبها، وفي الواقع لا توجد هناك مشكلة حتميّة ويَتعذّر تجنبها إنَّما هناك ظروف معينة تعمل على إنتاج أو طرح ناتج لا يمكن تجنُّبه أو منع وقوعه، أي أنَّ المشكلة ناتجة عن القانون الطبيعي ويمتلك الحتميّة الأكيدة.
3- المشكلات الاجتماعية ما هي سوى حالة شاذّه وغير عادية: البعض من علماء الاجتماع ينظر إلى المشكلات الاجتماعية على أنَّها حالات غير طبيعية لأنَّها أَحدَثت كسر للنظام الاجتماعي أو اختراق أو انحراف عن السلوك الاجتماعي السوي السائد بين الناس، ويرى أصحاب هذا الرأي أنَّ المجتمع يسير حسب قوانين موضوعة ومُتَّفق عليها في المجتمع وبعد الخروج على هذه القوانين يُعتَبر هذا هو الشذوذ ويَتطلّب الحلّ التصدي لهؤلاء الخارجين وبالتالي يتم القضاء على المشكلة. هذا التحديد أو هذه الرؤية تنطبق على بعض المشكلات مثل الإدمان على المخدرات أو بعض الجرائم، ولكنْ في الواقع قد تحّدث المشكلة بسبَب من السلوك السوي وليس على اختراق القوانين أو الخطأ.
4- تتسبب المشكلة الاجتماعية من قِبَل الأشرار والسيئين من الناس: هذه أوسع مغالطة على الإطلاق، إذ أحياناً يُحلّل بعض الناس المشكلات الاجتماعية تحت مضمون الثنائيّة المتبادلة أو المتقابلة مثل طيب وسيىء أو مقارنة الأشرار مع الأخيار. وفي الواقع قد يكون الناس السيؤون هم ضحايا لأخطاء يرتبكها غيرهم من الناس البريئون. إنَّ معظم المشكلات قد تَصدر عن الناس الأخيار وبالذات عند الذين يَتمتّعون بعقليّة سيئة أكثر من الأشرار أنفسهم.
5- المشكلات الاجتماعية توجد بسبب كثرة الحديث عنها: إنَّ الحديث عن وجود مشكلة اجتماعية بينَ الناس كالفقر والبطالة والجريمة أو هروب التلاميذ من المدرسة وغيرها من المشاكل يعمل على إثارة مشاعرهم وهواجِسَهم وخيالهم ويُوسِّع حَجمَها أو يبالغ في خطورتها بحيث تُصَوّر وكأنَّها مُعضلِة مُستعصية الحل تعيش في أحشاء المجتمع يفهمها السّامع وبأنَّ المسؤولين في المؤسّسات الإصلاحية غير قادرين على السيطرة عليها أو معالجتها.
إذ أنَّ تضخم المشاكل بين عامة الناس يعمل على قلقهم وعدم ارتياحهم فيصبح هذا التضخم مشكلة أكبر من حجمها وآثارها تتعسَّر على المصلحين معالجتها بيسر وسهولة. هذا الرأي الخاطئ لأنَّ كَتمَ المشاكل وعدم الكتابة عنها لا يحل المشكلة وإنَّما يزيد من تفاقمها وتزداد حِدتها.
6- المشكلات الاجتماعية سوف تحل نفسها بنفسها: يعتقد الكثير من الناس بأنَّه مع مرور الزمن وتواتر الأحداث وخضوع المجتمع لقانون التغير والتطور، فإنَّ المشاكل القائمة تكون في طريقها إلى الزوال وهذه رؤية غير واقعية إنْ لم تكن وهمية. لأنَّ العمل والصبر والجهد في حلّ المشاكل من القِيَم الاسلامية، والتغيّر يتم من خلال الجهود المثابرة والكفاح في مواجهة وحلّ المشكلات التي تعيق تطوّر المجتمع.
7- أماني النّاس: البعض من الناس لايرغب في رؤية المشكلة محلولة وذلك إمّا لكون معالجتها مُكلِفة لهم، مثال كأنْ يدفعوا ضرائب إضافية أو باهظة فتصبح إزالة المشكلة مؤثرة على نفوذهم وسُلّطَتهم، لذلك إنَّ بقاءها قائمة في نظر هؤلاء الناس داخل المجتمع يُعزِّز نفوذِهم ويزيد من تأثيرهم الاجتماعي ويُقلّل من خَسارتهم الماديّة.
8- تكون المشكلة مَحلولَة عندما تصبح حقيقيّة: من المعروف أنَّ دراسة المشكلة تتطلب الحصول على الحقائق المتعلقة بها. وإنَّ معرفة هذه الحقائق المتعلّقة بها أَمر مُهم جداً ولكنَّ الأَهم مِنْ ذلك هو معرفة كيف نستطيع التحقّق منها بواسطة التعرّف على أبعادها وعناصرها ويُصبِح للحقيقة معنى إذا استندت إلى قِيَم مختلفه فإنَّ وجود الحقيقة لا يستطيع حل عدم اتفاقهم. والحقائق التي يَتم الحصول عليها تحتاج إلى تفسير وترجمة في صورة خُطط عِلميّة تتطلّب الكثير من المال والجهد وأحياناً تحتاج إلى تغيير اتجاهات كثير من الناس.
9- يمكن معالجة المشكلات الاجتماعية بعيداً عن تغير المؤسسات الرسمية: يَعتقد البعض بأنَّه يمكن معالجة المشكلة الاجتماعية دون دفع تكاليف معالجتها مادياً أو معنوياً وهذا الاعتقاد بعيد عن الواقع لأنَّ معالجة أيَّة مشكلة يتطلب تغيراً سريعاً وجادّاً في المؤسَّسات وممارستها الوظيفية.