هناك نوعان من النّاس حسَب أعمالهم وأفعالهم ووجودهم في المجتمع الذي يعيشون فيه أمَّا عن النّوع الأول نتَذكّره من خلال أعماله وتطوّره ونموّه وتأثيره في المجتمع وأمّا عن النّوع الثاني فهم يَعيشون الحياة بِلا معنى ولا يَسعَونَ إلى التغيُّر ولا نَتذكَرهم بسبب عدم وجود أعمال وآثار تَدلُّ عليهم وتُخلّد ذِكراهم في الحياة.
أموات على قَيد الحياة:
النوع الأول يُستَذكَرون من خلال أعمالهم وأفعالهم الخلّاقة أو الرَّائدة أو المُبدِعة أو الّتي تُقدّم إضافة إيجابية فكريَّة أو نقدية أو تقويمية جديدة لِما هو قائم مِن أفكار وأعمال وأقوال حتّى بعد وفاتهم بسنين مثل: “ابن خلدون والجاحظ وأبي حيان التوحيدي…وغيرهم الكثير.
وبنفس الوقت يعني هذا النَّوع الأفعال والأفكار الشاذّة أو المُتطرّفة أو ضِدّ الطبيعة البشرية كالجرائم السلوكية الحادّة أو الشاذّة أو القيادة الاجتماعية التي تَخدِم ذاتها ومَوقِعها وسُلّطتها ولا تَخدِم المجتمع ونموّه أو رفاهيته يُستَذكَرون أيضاً كنموذج سيء على أفعالهم وأقوالهم كالمجرمين الخَطرين وقادة المجتمع السفَّاحين والطُّغاة أمثال: أبو العباس السّفاح وهتلر وموسيليني وفرانكو…وغيرهم الكثير أيضاً. هذا النّموذج من الأفراد يُمثّل مشكلات اجتماعية سادَت ثمَّ بادَت.
أحياء في ذمَّة الخلود:
أمَّا النّوع الثاني هم الأحياء في ذمّة الخلود فإنَّه يُشير إلى الأفراد الّذين يَحيَون حياة رتيبة وروتينية مُمِلَّة يأكلون أو يَشربون ليومهم ولكنْ لا وجود لَهم ولا فاعلية لَهم في الحياة الاجتماعية لا يُغيرون أو يَتغيرون بل يساقون سَوقاً نحو الحياة لا طموح لهم ولا يُقدّمون أفعالاً أو أفكاراً جديدة لهم أو لغيرهم أو حتى فكرة خَلّاقة مُبدعَة لتنمو حياتهم وتزدهر أي يعيشون ليومِهم لا يَفعلون ولا يَنفَعلون بالحياة الاجتماعية النابِضة بالحيوية والتغيّر.
إنَّهم موتى اجتماعياً إنَّما أحياء جَسدياً يتحركون مكانياً لا يَعكِسون روح العصر المتطوّر يُمثّلون السُّبات الاجتماعي القاتل. يَكرهون التجديد والتغيير يعشقون السكون الخانق، يَحلُمون في الماضي السحيق، ينامون في واقع يستدعي اليَقظة والانتباه والتَّحرّك والوثوب نحو مرحلة مُتجدّدة ومُتبدّلة. إنَّهم افراز ونتيجة لمعضلة اجتماعية سَببها تَعسف النَسق المحوري في البناء الاجتماعي وهي أكبر من مشكلة وحلُّها عَسير لأنَّها تتَطلّب إزالة النَسق المحوري واستبداله أو تغيره للصالح العام لا الخاص.