ترى العديد من الدّراسات أنَّ أنماط الابتكار الاجتماعي تتكوّن وفق عملية تحكمها العناصر المكونة للأنظمة الاجتماعية من موارد بشرية أو موارد مؤسَّسية، والتي تؤثر في النقلَة النوعية للمنظمات والمؤسَّسات بما يُمكّنها من التكيَّف مع التعقيدات وأيضاً توسيع المشاركة والمساهمة والتعاون والتّعلم فيما بينها.
أنماط الابتكار الاجتماعي:
يمكننا تحديد أنماط الابتكار الاجتماعي حسب مُحدّدات ديناميكية تتمثّل بالآتي:
1- نمط شبكة العمل: وترتبط بشكل كبير ورئيسي بأنظمة التقنية والتي تعكس بشكل أساسي تطبيقات الإنترنت في نُظم الإدارة التربوية، ويُشير “هدارت ستيفن” إلى أنَّ العمل أصبح يتطوّر وينمو مع استخدامات الانترنت بحيث أصبح أقل هرمية وأكثر انفتاحاً وتلاشت المسافات بين المدير التنفيذي للمؤسَّسة وبين موظفيه، ويؤكِّد “القهيوي” أنَّ هذا التَّحوّل من الهيكل الهرمي إلى التنظيم الشبكي يُعَدّ مبدأ لاكتساب المعرفة.
2- تكنولوجيا المعلومات: ولها دور كبير في تمكين الابتكار الاجتماعي من إعادة هيكلة العمل، وتوسيع الذكاء للبشر، ومن خلال الدّراسات يتبيَّن إلى أنَّ العالَم يتجه نحو ربطه بشبكات اتصال تفاعلية، حيث تمكّنت تكنولوجيا المعلومات من نقل قدرة الإنسان نقلة نوعية نحو التَّكيّف مع التعقيدات الموجودة في البيئة، ومكَّنت العديد من النّاس والمؤسَّسات والمنظّمات على الابتكار الاجتماعي وترسيخه محلياً.
3- نمط التَّكيّف التنظيمي المرن: تعكس كفاءة الابتكار الاجتماعي من “نتائج ومخرجات وخدمات وعمليات” القدرة التنظيمية في استثمار مدخلات النَّظام وتحويلها إلى مخرجات تُلبي الحاجات والأهداف التي وُجِدَت من أجلها، تحتاج المؤسَّسات إلى أنماط عمل مرنة بسبب وجود تعقيدات وتغييرات مستمرة ومتزايدة في المجتمع، ومن أمثلة هذه الأنماط المرنة توظيف التكنولوجيا في الكثير من الأعمال المكتبية، ونحن في عصر التكنولوجيا والمعلومات أصبحت الكثير من الأعمال تُجرى من خلال مواقع العمل البديلة، كالعمل عن بُعد والاتصال عن بُعد والعمل الجزئي والعمل في الطريق والعمل في المنزل.
4- نمط التّكيّف: ويتكون هذا النمط من أربع دورات ونعرّفها بأنَّها دورات التَّكيّف، حيث يُوَّفر التكيف وسيلة لفهم الديناميات التي تدفع الاستمرارية والتغيير، كما يرى نمط التَّكيّف أنَّ المرونة تعني القدرة الكاملة على التَّكيّف مع التغييرات السريعة والمتزايدة.
مراحل التَّكيّف والاستمرارية عند “هالينق”:
حدّد “هالينق” أربع مراحل تمثّل دورات متكررة من أجل الحصول على التَّكيّف والاستمرارية وذلك كما يلي:
- مرحلة النمو السريع: وتحدث بشكل سريع.
- مرحلة الصيانة: وتعمل على المحافظة على النظام.
- مرحلة الإطلاق: أو مرحلة العمل وعمليات العمل والتطبيق.
- مرحلة إعادة التنظيم أو التجديد: يرى “بيانسو” أنَّ هذه المراحل تعتمد بشكل كبير على قوَّة عمليات الاتصال وطبيعته داخل التنظيم، ومدى المرونة في التنظيم الذي يتحلى بها.
إنَّ مراحل التَّكيّف تُمثّل مسارات غير خطيّة وتدور في حلقة لا نهائية، حيث تنطلق عملية توليد الأفكار القابلة للتنفيذ والتطبيق، والتي تؤدِّي إلى استدامة المؤسَّسة والمنظمة وتؤدِّي إلى حيوية عملياتها أيضاً، وتنتقل بعد ذلك بطريقة ديناميكية لمرحلة إعادة التنظيم والتجديد وفيها يتم أيضاً التجريب والتنفيذ والتطبيق للتأكد من سلامة هذه العمليات، ثمَّ بعد ذلك إعادة تجديد وتحديث البرامج للمؤسَّسة وتغييرها باستمرار وهذا ما نُطلق عليه التجديد أو إعادة التنظيم من أجل المحافظة على مرونة التنظيم، وبالتالي المحافظة على سلامة رأس المال أو الاستثمار الأفضل والأمثل للموارد الماديَّة والبشريَّة بالمؤسَّسة.
ثمَّ بعد ذلك تأتي مرحلة تطبيق وتنفيذ الأفكار كعمليات أو منتجات حيث تُعتبر مؤشِّر لتحقيق الفاعلية والكفاءة المطلوبة، وما أنْ تتمّ هذه العملية تسعى إلى المحافظة والصيانة المتكررة والدورية على العمليات الإدارية وأنظمتها المتطورة، للمحافظة على الفاعلية والكفاءة ومقدار تكيّف المؤسَّسة مع المتغيرات الخارجية والداخلية.