هناك جانبان من الأهمية للخدمة الاجتماعية في المجال الطبي جانب علمي وجانب عملي. الأهمية العلمية تكمن في التعرُّف على واقع الممارسة العامَّة للأخصائي الاجتماعي في مستشفيات الأمراض النفسية والعصبية. كذلك تأتي أهمية البحث في تسليط الضوء على كيفية تطبيق أساليب الممارسة العامَّة. أمَّا بالنسبة للأهمية العملية تكون في العمل على تطوير دور الأخصائي الاجتماعي حتى يصبح أكثر فعالية وحث الجهات الرسمية على وضع برامج لإعداد الأخصائيين الاجتماعيين إعداداً عملياً.
أهمية الخدمة الاجتماعية الطبية ومبررات الحاجة لها
يمكن أن نحدد المبررات الآتية التي جعلت من الخدمة الاجتماعية الطبية أكثر أهمية في الوقت الحاضر وهي:
1- زيادة عدد حالات المعوقين، نتيجة لكثرة الحوادث والحروب وزيادة حالات العنف، ممّا يستدعي مزيد من الخدمة الاجتماعية الطبية.
2- زيادة عدد حالات المسنين، نتيجة لارتفاع المتوسط العمري للإنسان لتقدم علوم الطب، ممّا يستدعي أن تتقدم لهم خدمات اجتماعية طبيعة خاصَّة.
3- زيادة ضغوط الحياة وتواتراتها ومشكلاتها وتعقد المواقف الاجتماعية وظهور أمراض جديدة لم تكن منتشرة من قبل مثل أمراض جسمية لأسباب نفسية واجتماعية وهي ما يطلق عليها الأمراض السيكوسوماتية، مما يستدعي مزيد من الخدمة الاجتماعية الطبية لهؤلاء المرضى.
4- زيادة الرغبة في تقديم برامج الرعاية الطبية الاجتماعية لذوي الحاجات الخاصَّة مثل متخلفي العقل أو ضعفاء السَّمع أو فاقديه أو ضعاف البصر والمكفوفين أو المعاقين جسدياً، جعل من الضروري التوسُّع في تقديم الخدمات الاجتماعية الطبية لهذه الفئات أمراً ضرورياً.
5- زيادة فعالية حركات الدِّفاع الاجتماعي خاصَّة مع انتشار حالات الإيدز والإدمان والأمراض الجنسية جعل التوسع في طلب الخدمات الاجتماعية الطبية ضرورة لا غنى عنها.
6- تزايد أعداد المصابين بالاضطرابات والأمراض النفسية والعقلية، مع التوسع في تقديم الخدمات المتكاملة للإنسان مع حاجة المرضى وأسرهم إلى الرعاية الاجتماعية والتوعية الصحية، جعل من الخدمة الاجتماعية الطبية دوراً أساسياً لأي وحدة علاجية.
7- حاجة المؤسّسات الطبية إلى الأدوار المتخصِّصة للأخصائي الاجتماعي الطبي، لتنظيم جهود المؤسَّسة، ولضمان وصول الخدمة العلاجية لمستحقيها، ولتسيير إجراءات الاستقبال والعيادات الداخلية والخروج بعد الشِّفاء، وتزداد هذه الحاجة بزيادة أعداد المرضى وتعقد الإجراءات والتوسُّع في الأقسام العلاجية.
8- زيادة أعداد المرضى وكثرة الضغوط على الأطباء تجعلهم في حالة انشغال دائم وفي هذا تعاون بكفاءة الخدمة الاجتماعية الطبية.
9- اتساع حجم الخدمات العلاجية وتنوع إمكانياتها يجعل من الضروري أن تكون هناك أقسام للخدمة الاجتماعية الطبية لتبصير المرضى بالخدمات وكيفية الحصول عليها.
10- أصبحت عمليات تقويم الممارسات المهنية، والاهتمام بقياس مدى رضا المستفيدين عن الخدمات وأساليب تطويرها هدفاً أساسياً في المؤسَّسات الصحية، وتستطيع الخدمة الاجتماعية الطبية أن تقوم بدور فاعل في هذا الخصوص.
الاهتمام الشامل بالمريض
تشكل الخدمة الاجتماعية الطبية إحدى المكونات الأساسية التي تعزز الرعاية الصحية وتجعلها أكثر شمولاً وتأثيراً على الفرد. يترجم هذا النهج إلى فعالية أكبر في تحقيق العلاج والتآزر بين البُعد الطبي والبُعد الاجتماعي، مما يتيح للمرضى تحقيق أقصى استفادة من الخدمات الصحية المتاحة. في هذا السياق، يبرز أهمية الخدمة الاجتماعية الطبية على النحو التالي:
1. معالجة الجوانب الاجتماعية للمرض: تعتبر الخدمة الاجتماعية الطبية ركيزة أساسية لفهم ومعالجة العديد من القضايا الاجتماعية التي يمكن أن تؤثر على الصحة. من خلال التركيز على العوامل البيئية والاقتصادية والثقافية التي تحيط بالمريض، يمكن للمحترفين في هذا المجال تحديد التحديات وتقديم الدعم اللازم.
2. تعزيز التواصل الطبي: يلعب الخدمة الاجتماعية الطبية دورًا فاعلًا في تعزيز التواصل بين الطاقم الطبي والمريض. من خلال فحص الاحتياجات الاجتماعية والنفسية للمريض، يتسنى للفريق الطبي تحديد العلاج المناسب وتوجيه المريض نحو الخدمات الاجتماعية المتاحة.
3. دعم الصحة النفسية: تساهم الخدمة الاجتماعية الطبية في تحسين الصحة النفسية للمرضى. يتيح توفير دعم نفسي واجتماعي للمرضى التعامل بفعالية مع التحديات النفسية المرتبطة بالمرض والعلاج، مما يعزز الالتزام بالعلاج والشفاء.
4. تعزيز الالتزام بالعلاج: يلعب الدعم الاجتماعي دورًا حيويًا في تعزيز الالتزام بالعلاج. من خلال توفير المعلومات والدعم اللازم، يمكن للخدمة الاجتماعية تعزيز فهم المريض لخطة العلاج وزيادة انخراطه فيها.
5. تحسين جودة الحياة: بتوجيه الاهتمام إلى جوانب الحياة الاجتماعية للمريض، يمكن للخدمة الاجتماعية الطبية تحسين جودة حياتهم. هذا يشمل تحسين الدعم الاجتماعي، وتوفير الموارد اللازمة للتعامل مع التحديات، وتحفيز المشاركة في الأنشطة الاجتماعية.
في الختام: تجسد الخدمة الاجتماعية الطبية نهجًا متكاملًا للرعاية الصحية، حيث يتم دمج الجوانب الطبية والاجتماعية لتحقيق أفضل نتائج للمرضى. يعزز هذا التكامل الشمولي ويعكس الرعاية الحديثة التي تفهم الإنسان بكامله، وتسعى لتحسين حياته بشكل شامل.