أهم الدعاوي المؤيدة في دراسة المجتمع الإنساني في المنهج العلمي

اقرأ في هذا المقال


أهم الدعاوي المؤيدة في دراسة المجتمع الإنساني في المنهج العلمي:

1- إن الإنسان جزء من العالم الطبيعي وكذلك المجتمع الإنساني، بحيث يخضع كل منهما لنفس القوانين الطبيعية، فإذا كان من الممكن اكتشاف القوانين التي تحكم الظواهر الفلكية أو الحيوية أو الكيميائية، فإنه يمكن بنفس أسلوب اكتشاف القوانين التي تحكم علاقة الإنسان داخل المجتمع.

2- إذا كان من الصعب تتبع التاريخ الإنساني إلى أعماقه البعيدة بدرجة عالية من الثقة، فإن أعمال التشابه بين أعمال الإنسان والارتباط الحتمي بينه وبين الأرض التي يعيش عليها، والتماثل الملحوظ في طبيعة الوقائع التاريخية، كل هذه أمور تؤدي إلى كشف التكرار والتواتر الذي يتيح الفرصة لتطبيق المنهج العلمي.

3- إن قيام المجتمع محكوم بمجموعة معينة من الظروف التي يمكن اكتشافها من خلال المنهج المقارن، الأمر الذي يمكن معه التوصل إلى مجموعة العموميات الاجتماعية والثقافية التي تقف وراء التنوع والاختلاف الظاهرين، فعلى الرغم من الاختلاف في التفاصيل أو في الشكل، فهناك اتفاق في المبادئ العامة، وهو ما يستهدف علم الاجتماع الكشف عنه.

4- لا يعد المنهج العلمي شيئاً مادياً ولكنه في جوهرة أسلوب عقلي محدد في التفكير، فالطبيعة العقلية للمنهج هي ما تمكننا من استخدامه في دراسة أية ظاهرة أياً كان نوعها.

5- يختلف المجتمع قطعاً من حيث مادته وظواهره عن مادة وظواهر العلوم الطبيعية ولكن هذا الاختلاف لا يتعلق بالمنهج، ولكنه يتصل بأسلوب البحث وأدواته فنحن في دراسة المجتمع لا تخضع الإنسان للتجارب العلمية ﻹمكان التثبت من صحة القضايا أو الفروض، ذلك ﻷن تنوع البيئات الثقافية والتاريخية يتيح لنا فرصة التنوع في الشروط والظروف.

وهكذا فإن يمكن في مجال علم الاجتماع أن تستخدم المقارنة والتجارب الطبيعية والأساليب الإحصائية، كبديل ممكن ومقبول عن التجارب العملية في العلو الطبيعية، وقد استطاعت بعض العلوم الاجتماعية أن تصل بالفعل من خلال استخدام هذه الأساليب إلى قوانين موضوعية، أمكن الاستفادة منها في مجالات التنبؤ والتحكم والضبط والتخطيط، كما هو الحال في علم الاقتصاد وعلم التربية وعلم النفس الاجتماعي.

6- يخلط المعارضون لتطبيق المنهج العلمي على دراسة الظواهر الاجتماعية بين المجتمع والثقافة، فالمجتمع هو مجموعة من التفاعلات والعلاقات والجماعات القائمة داخل بقعة معينة من الأرض، خلال فترة زمنية محددة، أما الثقافة فهي ما ينتج عن المنهج العلمي اكتشاف القوانين التي تحكم بناء العلاقات والجماعات بغض النظر عن التنوع الثقافي الذي ينجم عن تلك العلاقات.

الفرق بين المنهج العلمي والنظريات في علم الاجتماع:

يجب أن نميز في هذا الصدد بين الإجراءات العامة للعلم أو للمنهج العلمي وبين النظريات المعينة في نطاق العلوم الطبيعية، فعلم الاجتماع يشارك ويستفيد بدون شك من التقدم العام للمنهج العلمي، ولكن هذا لا يعني محاولة تطبيق المبادئ التي يتم الكشف عنها في مجال العلوم الطبيعية باستخدام ذلك المنهج، على الحياة الاجتماعية وعلى سبيل المثال فإنه من الخطأ محاولة استخدام مبدأ الجذب المتبادل بين الأجسام الطبيعية في تفسير العلاقة بين الأشخاص أو الجماعات أو المجتمعات.

والواقع أن محاولة بعض علماء الاجتماع قاموا بالاستعانة ببعض النماذج التفسيرية المأخوذة من العلوم الطبيعية، في مجال فهم ظواهر المجتمع، لم تقدم إسهامات ذات شأن في مجال التحليل السوسيولوجي فالمصطلحات السوسيولوجية عندما تصاغ في لغة العلوم الطبيعية تصبح فارغة المضمون.

ذلك ﻷننا على سبيل المثال لا نتمكن من تحديد الوحدات الأساسية لبعض المصطلحات مثل معدل التغير أو الاتجاه، ولم يستطع أن يقدم أنصار ما يطلق عليه علم الاجتماع الميكانيكي، أية إسهامات فعالة في مجال فهمنا للواقع الاجتماعي ذلك أن ما قدموه لم يكن في التحليل الأخير سوى مجموعة من القضايا فارغة المضمون مثل قولهم أن المجتمع مملكة آلية داخل نطاق الطبيعة الكلية، وأن الفرد داخل المجتمع يتحرك وفق نطاق آلي، وأن حياة الإنسان داخل المجتمع عبارة عن مجموعة من الحركات مثل حركة الكواكب وحركة الدم داخل الجسم العضوي، وأن المجتمع نظام جرمي يقوم على أساس التجاذب والتنافر بين الأعضاء.

وقد حاول بعض الباحثين مثل هنري كاري وهو من الرواد الأوائل لعلم الاجتماع الأمريكي في فهم المجتمع في ضوء ثلاثة قوانين طبيعية هي قانون الجاذبية، وقانون انتقال الحرارة، وقانون فناء المادة (42)، وقد سار بارسونز في نفس هذا الاتجاه عندما صاغ قانون القصور الذاتي الاجتماعي.

ويشير إنكلز إلى أنه على فرض أننا استطعنا أن نعطي مضموناً له معنى لمفاهيم الاجتماع المستوردة من العلوم الطبيعية، فليس هناك ما يبرر افتراض التماثل الكامل بين العلاقات التي تربط بين الظواهر والأشياء الطبيعية، وبين تلك التي تربط بين الظواهر والأشياء الاجتماعية، وعلى العكس من ذلك فهناك ما يدعو إلى القول بعدم التماثل.


شارك المقالة: