أهم النظريات الاجتماعية عند سبنسر في علم الاجتماع:
عرض سبنسر بعض النظريات في مجال السياسة والأخلاق والاقتصاد والدين، ويهمنا هنا أن نشير إلى بعض هذه النظريات:
تصنيف المجتمعات: يقسم سبنسر المجتمعات إلى نوعين، الأول: على أساس التكوين المورفولوجي، والثاني: من الناحية الوظيفية، فمن الناحية الأولى يرى أن المجتمعات إما بسيطة أو مركبة، ومن الناحية الثانية يرى أن المجتمعات إما صناعية وإما حربية.
فالمجتمعات تبدأ في حالة بسيطة مثلما هو حال الكائنات الدنيا وتكون في هذه الحالة متجانسة، وتعيش في حالة فوضى بدائية، ثم تأخذ هذه المجتمعات في النمو الكائن الحي، فتنتقل لدرجة أعلى من التعقيد والتركيب، والتنوع في النظم والظواهر والوظائف وبتوالي مثل هذه العمليات عبر الزمن تنتقل المجتمعات البسيطة الساذجة إلى مرحلة التعقيد والتركيب.
أما النوع الثاني فيقول عنه سبنسر أن من بين المجتمعات من يعيش أهله عن رغبة في القتال، كما كانت الحياة في نظر الاقطاع، ومن بينها من يعيش أهله، ﻷجل مكافحة متاعب الحياة ومواجهة مشكلاتها، فغايتهم الأساسية هي العمل، فالأولى هي المجتمعات الحربية، والثانية هي المجتمعات الصناعية، ففي المجتمعات الحربية يكون الجيش هو الأمة بأكملها ويكون في حالة حركة دائمة، أما في المجتمع الصناعي فيكون الجيش وراء الأمة، ويكون في حالة سكون بينما تكون الأمة في حالة حركة دائمة والسلطة في المجتمع الحربي تتركز في يد الحكومة بينما في المجتمع الصناعي تكون في أيدي الهيئات والنقابات.
نظرية سبنسر في الحكومة: ينظر سبنسر إلى الحكومة على أنها ظاهرة عرضية استدعتها ضرورة التنظيم الذي بدونه لا يتم تكامل المجتمع، فالتنظيم هو الضرورة، أما قيام الحكومة فلا ينطوي في حد ذاته على شيء من الضرورة والتنظيم ضروري ﻷنه يسهل التعاون بين أفراد المجتمع ويحفظ كيانه، ويحرص على استقراره، ويعمل على دوامه.
هذا وكما أن الكائن الحي عرضه للتغير وفقاً لظروف الطبيعة والبيئة، فكذلك يتغير شكل المجتمع، فقد يتحول المجتمع الحربي إلى صناعي، والصناعي إلى حربي ريثما تتوفر الظروف التي تؤدي إلى مثل هذا التحول.
ويفرق سبنسر بين نوعين من التنظيم، الأول: تنظيم تلقائي ينشأ بنشأة الحياة الاجتماعية ويرمي إلى تحقيق الصالح العام وتنظيم رغبات الأفراد في حالة الاجتماع البسيط، والثاني: تنظيم مقصود وهو ما تلجأ الحكومات إلى وضعه عن قصد، وتفرضه على الأفراد بالإلزام وقوة القانون، وغرضه أيضاً يكون الصالح العالم ويصطلح الأفراد عليه رغبة في قيام التعاون الاجتماعي وتنظيم الحريات وقيام الحكومة وما ينطوي عليه من نظم لا يحقق في نطرة التكامل السياسي إلا إذا توفرت شروط كثيرة.
منها صلاحية البيئة لنمو المجتمع من الناحية السياسية والاجتماعية، وضرورة تشابه الهيئات والطبقات، وينتقل بعد ذلك إلى تحديد وظائف الحكومة، وهي تتلخص في حماية الدولة من خطر الغزو الخارجي، وتحقيق الأمن في الداخل، وضمان تنفيذ العقود والإلتزامات القائمة بين الأفراد، ويعارض تدخل الحكومة في كثير من نواحي الحياة الاجتماعية.
نظريته في الاقتصاد: وهذه النظرية مترتبة على نظريته السياسية، فنراه في تظريته الاقتصادية يدافع ويدعم المذهب الفردي والنظريات الاقتصادية الحرة، وقد إتجه إلى هذه الوجهة لما شهده من إخفاق من جانب الحكومات وهيئاتها الإدارية وعدم كفائتها الاقتصادية، لذلك دعا للحد من تدخلها في الشؤون الاقتصادية، وقد وافق مالتس في القول بتحديد النسل وضرورته.
وقد إستند هنا إلى بعض مشاهداته عن تناسب الإنجاب مع النمو وكبر الحجم تناسباً عكسياً، فكلما كان الكائن الحي قوياً كانت ذريته قليلة العدد ﻷنه لا يحتاج كثيراً إلى من يدعمه والعكس صحيح، ولما كانت الإنسانية قد بلغت درجة كبيرة من التقدم فإنها ليست بحاجة إلى المزيد من التناسل، وبالتالي فإن تقدم البشرية تكنولوجيا يؤدي إلى تناقض الإنجاب أو تناقض القدرة التناسلية مع تزايد القدرات العقلية.
نظريته في الأخلاق: كانت نزعته السياسية والاقتصادية ذات أثر على نظريته الأخلاقية، لقد كان في الجانب الأخلاقي مادياً أنانياً، فيبدأ بتعريف الأخلاق على أنها سلوك الإنسانية والفعل الخلقي في نظره هو الذي يتفق مع ظروف الحياة، ويكون أكثر مطابقة لطبيعة الإنسان، ولما كان الإنسان يتجه دائماً لتحصيل اللذه وتجنب الألم، فإن الفعل الأخلاقي هو الذي يحقق اللذه ويبعد الألم، ومقياس اللذه هو المنفعة، وهي التي تساعدنا على الحكم على كل فعل بأنه أخلاقي أو غير أخلاقي.