إسهامات نظرية عامة في فهم التغير الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


إن التغير الاجتماعي هو أحد الظواهر الأساسية التي لفتت انتباه العديد من الباحثين في العلوم الاجتماعية؛ هذا لأنها مرتبطة بشكل مباشر بالحياة الاجتماعية، وكل المجتمعات البسيطة والمعقدة تخضع لها، يمكن القول أن التغير الاجتماعي هو أحد المفاهيم العظيمة التي اتخذت مكانة أساسية في بناء النظرية الاجتماعية يرى بعض العلماء أن التغير الاجتماعي هو أساس ولادة علم الاجتماع.

إسهامات نظرية في فهم التغير الاجتماعي:

للوهلة الأولى يبدو أن مصطلح التغير يشير من وجهة نظر لغوية إلى التحول و الاختلاف ويقال أن شيئًا ما قد تغير أي أنه يختلف عما كان عليه، أو أجرى إصلاحًا أو استبدله، أما من الناحية الفلسفية نجد أن التغير يعني فعل يتم من خلاله تغير شيء ما بشكل دائم، أو تغييره في واحدة أو العديد من سماته، ويعني أيضًا تحويل شيء إلى شيء آخر أو استبدال شيء ما من شيء آخر، من الناحية اللغوية يحتوي التغيير أيضًا على معاني أخرى مرتبطة ببعضها البعض مثل الاضطراب والتجديد والتغير والتطوير والتقدم والانتقال والتحسين.

مفهوم التغير ليس مفهومًا حديث لكن الفكرة نفسها قديمة قدم الفكر البشري، يكفي أن يتم ملاحظة ما أثبته الفيلسوف اليوناني القديم هيراكليتس (540-475 قبل الميلاد) عندما قال فيض من الماء ، فقال: “لا تنزل نهرًا واحدًا مرتين، لأن المياه الجديدة لا تتدفق أبدًا”.

إن التغير أمر طبيعي وواقع اجتماعي عام تصنعه جميع المجتمعات البشرية في كل ظواهرها وحقائقها؛ لأنه لا توجد قوة ثابتة أو ثابتة مطلقة بحكم تفاعل مجموعة من المتغيرات في هياكلها الأساسية، التغيير أيضًا لا يخضع لرغبة محددة بل هو نتيجة تيارات وعوامل ثقافية واقتصادية وسياسية تتداخل وتؤثر مع بعضها البعض.

إسهامات العلماء في عملية التغير الاجتماعي:

يمضي عالم الاجتماع الإنجليزي أنتوني جيدينز ليقول “التغيير الاجتماعي هو تحول في الهياكل الأساسية لمجموعة اجتماعية أو مجتمع، ويرى أيضاً أن التغير الاجتماعي هو ظاهرة تسير بشكل دائم مع الحياة الاجتماية، ولعل ما يتم فهمه من هذا هو أن التغير ينطوي في العمق على نوع من الاستمرارية لأن التغير في مستوى الواقع الاجتماعي هو عملية مستمرة ومتجددة في نفس الوقت يؤثر التغير بشكل أساسي على الهياكل الاجتماعية التي يتكون منها المجتمع في الواقع من الصعب تعريف التغير الاجتماعي كظاهرة.

قد يعني التغيير الاجتماعي ظهور اختلاف ملحوظ في البناء الاجتماعي أو العادات المعروفة أو في المعدات أو الآلات التي لم تكن موجودة من قبل، ربما ما يمكن أن يتم إدراكه من خلال التعريف هو أنه يركز بشكل أساسي على عنصر الاختلاف، وهو الاختلاف في الأشياء والأدوار والعلاقات والعادات الاجتماعية أي اختلاف يحدث في العناصر بمرور الوقت يُعرَّف حسب التعريف على أنه تغير اجتماعي.

عرّف سلفادور جينر التغير الاجتماعي بأنه “الاختلاف الملحوظ بين الحالة السابقة والحالة التالية لمنطقة معينة من الواقع الاجتماعي”، أو بالأحرى ما يحدث بين مرحلتين بمرور الوقت هنا يظهر عامل الوقت كعنصر أساسي في حدوث التغير الاجتماعي في الواقع، وعلى الأقل وفقًا لإميل دوركهايم في الغالب هي مرحلة انتقالية تاريخية بين حالتين اجتماعيتين مستقرتين.

يعتقد عالم الاجتماع الفرنسي غريغوري لازاريف أن التغيير الاجتماعي هو التحول الملحوظ الذي يؤثر على هيكل ووظيفة التنظيم الاجتماعي للمجموعة ويغير مسار تاريخها، هذا يعني أن التغير الاجتماعي عند لازاريف واضح إنه ملموس ومدروس، لأنه يمس أسس التنظيم الاجتماعي ولديه القدرة على تغيير السياقات ومجال التحول.

قال عالم الاجتماع الفرنسي جاي روشيه إن التغير الاجتماعي يعتمد إلى حد ما على التغيرات المرصودة والقابلة للتحقق في فترات قصيرة، فعندما يستطيع نفس المراقب خلال حياته أو حتى فترة قصيرة من حيات، أن يتتبع التطور ونتائج التعلم، أو التي يمكن اعتبارها مؤقتة نتيجة لتغير.

التغير الاجتماعي وفقًا لغاريث وميلز هذا التغير هو ما يحدث في الأدوار الاجتماعية للفرد وكل ما يحدث في النظم الاجتماعية، وقواعد الرقابة الاجتماعية المدرجة في البنية الاجتماعية في فترة زمنية معينة، وهذا يعني أن التغير الاجتماعي هو تغير في النظام الاجتماعي، ووفقًا لهذا التغير يتصرف الناس في أدوار اجتماعية مختلفة عما كانوا يفعلون في تلك الفترة ثم في الواقع ، يشير التغير الاجتماعي إلى نمط من العلاقات الاجتماعية في وضع اجتماعي معين يظهر فيه التغير الاجتماعي في فترة زمنية معينة.


شارك المقالة: