اقرأ في هذا المقال
- استخدام نظرية الرابطة التفاضلية لمواجهة المشاكل الاجتماعية
- استخدام نظرية التبادل لمواجهة المشاكل الاجتماعية
بالتأكيد إن علماء الاجتماع قد قاموا باستخدام العديد من النظريات الاجتماعية في دراساتهم حول المشاكل الاجتماعية، فقد استخدموا نظريات اجتماعية من أجل تحليل وتفسير المشكلات الاجتماعية ونظريات من أجل معرفة أسباب المشاكل الاجتماعية ونظريات من أجل إيجاد طرق وحلول للمشاكل الاجتماعية، وفي هذا المقال سيتم التطرق إلى نظريتين هما نظرية الرابطة التفاضلية ونظرية التبادل التام تم استخدامهما من قبل علماء الاجتماع من أجل مواجهة المشاكل الاجتماعية.
استخدام نظرية الرابطة التفاضلية لمواجهة المشاكل الاجتماعية
ما هي نظرية الرابطة التفاضلية
تعتبر نظرية الرابطة التفاضلية هي نظرية من النظريات الاجتماعية التي يمكن أن تساعد علماء الاجتماع في الحصول على طرق لمواجهة المشاكل الاجتماعية والحصول على مزيد من الوضوح خاصة فيما يتعلق بالمشاكل الاجتماعية مثل مشكلة الجريمة ومشكلة المخدرات والمشاكل من العائلات، ومن خلال نظرية الرابطة التفاضلية لعالم الاجتماع السير ساذرلاند عام 1940، في التركيز على مشكلة الجريمة افترض السير ساذرلاند أن الإجرام يتم تعلمه بشكل مباشر أو بالارتباط غير المباشر مع أولئك الذين يمارسون السلوك بالفعل.
وإن أولئك الذين يتعلمون هذا السلوك الإجرامي يتم فصلهم عن الاتصالات المتكررة والحميمة مع السلوك الملتزم بالقانون، وتساعد معرفة هذه النظرية على سبيل المثال في فهم سبب قيام الناس بالخروج عن أعراف وقيم المجتمع وارتكاب الجرائم والأفعال المعاديه الأخرى كالانحراف، على سبيل المثال تساعد نظرية الرابطة التفاضلية في تقديم استعدادًا للتمييز؛ لأن المرء يتعلم هذا السلوك بالاشتراك مع الآخرين الذين تعلموا هذا السلوك.
وعلماء الاجتماع يطبقون هذه النظرية على مختلف المشاكل الاجتماعية لمساعدتهم على فهم أفضل لكيفية أن جمعيات الناس يمكن أن تضعهم في المشاكل الاجتماعية التي يواجهونها، وأيضاً فهم أن هذه الجمعيات قد تساعدهم على عدم مواجهة هذه المشاكل الاجتماعية.
استخدام نظرية التبادل لمواجهة المشاكل الاجتماعية
من وجهة نظر علماء الاجتماع إنه أخيرًا هناك نظرية اجتماعية أخرى تم أستخدمها في مواجهة المشاكل الاجتماعية من وقت لوقت آخر وهي نظرية التبادل لعالم الاجتماع دي بلاو عام1964، حيث أكد عالم الاجتماع دي بلاو من خلال هذه النظرية أن الإنسان ليس فقط يمكنه تبادل السلع المادية ولكن أيضًا تبادل الأشياء غير المادية مثل الحب والوقت والاهتمام والدعم والتعاطف، فالعديد من التفاعلات مع الآخرين والأشخاص والمجموعات والمنظمات هي تفاعلات تتضمن نوعًا من التبادل، وذلك كالذهاب إلى تاجر سيارات وتبادل الأموال مقابل سيارة جديدة أو الذهاب إلى متجر المواد الغذائية واستبدال الأموال بمواد البقالة.
فبعض الناس عند منح وقتهم لشخص ما أو مجموعة ما عادة ما يتلقون شيئًا ما من العودة، مثل الموافقة أو القبول أو الحب أو الاهتمام، فالوالد يمنح الحب لأبنائه، ويعيدون الحب والوقت والثقة لهذا الوالد، كما تعطي صديقة الوقت والاهتمام والحب وتأمل ذلك في أن تعطيها هذه الأشياء في المقابل، وفي الواقع تميل العلاقة إلى الاستمرار على أساس العطاء والاستلام المتبادلين، ومع ذلك فإن العلاقة في خطر، على سبيل المثال إذا تم أعطاء الحب والوقت والاهتمام لصديق أو صديقة لكن لم يعد يعطيون هذه الأشياء.
وعندما يعطي شخص ما شيئًا لشخص آخر على سبيل المثال الحب والوقت والاهتمام يتوقع شيئًا مشابهًا في المقابل لكنه لا يتلقى أي شيء في المقابل، وهذا ما يسمى كسر قاعدة المعاملة بالمثل، وهذا هو سواء تم أدراك ذلك أم لا فإنه يخلق توقعات التبادل عند القيام بذلك أي إنشاء أنواع مختلفة من العلاقات سواء أكان أبًا أو طفلًا أو صديقًا أو صديقة، زوج أو زوجة، مدرس أو طالبة، مدرب أو لاعب، صاحب عمل أو موظف، أو علاقة أخرى، بعبارة أخرى البشر تخلق معايير في التبادلات حيث إذا تم تقديم شيئًا ما فإنه يتوقع شيئًا في المقابل، وتبادل قد لا يكون بالضرورة مكافئًا، ولكن هناك توقعًا بالاستلام شيء في المقابل.
وقد قام علماء الاجتماع لتوضيح نظرية التبادل لمواجهة المشاكل الاجتماعية عن طريق تقديم بعض الأمثلة بشكل متدرج للوصول إلى فهم عام لهذه النظرية، على سبيل المثال:
1- إذا كان شخص ما طالبًا جامعيًا وقال مرحباً إلى شخص يعرفه أثناء سيره عبر الحرم الجامعي، فمن المحتمل أن يتوقع ملف مرحبا في المقابل، وإذا نظر هذا الشخص في الاتجاه الآخر وتجاهله، فسيفعل نفس التجاهل ربما لأدراكه على الفور أن هناك خرقًا لقاعدة المعاملة بالمثل بينه وبين الشخص الآخر.
2- ومثال آخر عندما يكون هناك شخصان يحبان بعضهما ويريدون منح بعضهم بعض الوقت والاهتمام والتعاطف والحب، ومع ذلك فإن واحد منهما هو أيضًا لاعب كرة قدم ويقضي 2 إلى 3 ساعات كل يوم في ممارسة أو اللعب في لعبة، ومن المتوقع أيضاً أن يقضي بعض الوقت مع إخوته، ولم يتبقى له سوى القليل من الوقت ليكون مع الشخص الأخر، ومن ناحية أخرى لدى الشخص الأخر الكثير من الوقت ليكون معه فهو ليس في نادي أو في فريق، كما إنه يريد قضاء المزيد من الوقت معه ولاكن الطرف الآخر لا يستطيع ذلك بالقضاء فقط قدراً معيناً وقليلاً معه.
وبسبب ذلك تتأذى مشاعر الشخص الأخر وذلك لمحاولته إعطاء الكثير من الوقت والاهتمام لكنه لا يرد بالمثل بنفس القدر من الوقت والاهتمام، ويمكن أن يشعر بأن القاعدة من المعاملة بالمثل قد خرقت، وهذا يمكن أن يعرض العلاقة للخطر.
وعلى الرغم من أن المثال الذي تم استخدامه للتو هو مثال رومانسي لنظرية التبادل إلا إنه يمكن أيضًا تطبيق قاعدة المعاملة بالمثل على المشكلات الاجتماعية، وذلك أن مليون من الناس في العديد من البلدان يعملون 40 ساعة في الأسبوع لكنهم يحصلون على أجور كبيرة تحت خط الفقر، وقد يستنتج هؤلاء الأشخاص أن هذه العلاقة هي التبادل غير العادل وقد يدخل في إضراب أو يتخذ بعض الإجراءات الاجتماعية الأخرى بسبب أنهم يعتقدون أن قاعدة المعاملة بالمثل قد تم كسرها.
ومن ثم فإن الكسر من قاعدة المعاملة بالمثل يمكن أن يؤدي إلى الصراع ونوع من التغيير الاجتماعي، لذلك يمكن أن يكون التبادل وقاعدة المعاملة بالمثل وكسر قاعدة المعاملة بالمثل جزءًا لا يتجزأ من مشكلة اجتماعية وحل ممكن من تلك المشكلة، وبالتالي يمكن للمرء أن يرى كيف يمكن أن تكون نظرية التبادل جزء من نظريتي الصراع والتغيير الاجتماعي التان تم توضيحهم سابقًا من قبل علماء الاجتماع، حيث أن التفاوتات المختلفة في التبادل أو كسر التبادل المتوقع بين العلاقات الاجتماعية يمكن أن تكون أسبابًا للصراع والتغيير الاجتماعي اللاحق في المجتمع.