الأسرة عند شيريكاهوا والأباتشي

اقرأ في هذا المقال


إنَّ الأسر فى معظم المجتمعات التي تقع بعيداً عن نطاق تأثير الثقافة الأوروبية الغربية تتميز ببناء أكبر حجماً وأشد تعقيداً بكثير، كما أنَّ نطاق القرابة يلعب دوراً فى تشكيل عمليات التفاعل الاجتماعي.
ولم يحدث هذا نتيجة إلغاء الأسرة النووية، وإنَّما عن طريق إدماجها على نحو أو آخر ضمن جماعة قرابة أكبر حجماً. وسوف نعمد في هذه المقالة إلى دراسة نوع من هذه الأسر الممتدة، وهذا النوع الموجود عند قبيلة شيريكاهوا الأباتشي التي تعيش فى جنوب غربي الولايات المتحدة.

حياة شعب شيريكاهوا والأباتشي:

يشبه شعب الشيريكاهوا كثيراً شعب الإسكيمو فى خاصية التنقل والترحال، إذ يعتمد فى حياته على الصيد وجمع الثمار غير أنَّ المكان الذي يعيشون فيه يسمح بقيام تجمعات كبيرة، على الرغم من أنَّه منطقة شبه قاحلة، وليست غنية بمواردها الطبيعية.
وهكذا يعيش شعب الشيريكاهوا في ثلاث مجموعات، تتكون كل مجموعة من عدد من الجماعات المحلية أو المجتمعات المحلية. وتعيش كل مجموعة كبرى من هذه المجموعات الثلاث فوق منطقة محددة بحيث يمكن للجماعات المحلية المنتمية إليها أن تتجول في حدودها في أثناء عملية البحث عن الطعام.
إلا أنَّ تلك الجماعة الكبرى هي في الحقيقة عبارة عن وحدة اجتماعية غير منظمة لا يربطها بعضها ببعض سوى الاشتراك في الثقافة واللغة. لذلك ينعدم فيها أي شكل من أشكال التنظيم السياسي، ولا تمارس أي سُلطة على أفرادها.
والجماعة المحلية ضعيفة وهي على الرّغم من أنَّ لها زعيم معين (هو في العادة رب أكثر أسر تلك المجموعة احتراما) وللأسـر التي تتكون منها تلك الجماعة مُطلق الحرية في أن تنفصل عن هذه الجماعة في أي وقت تشاء.
وليس لهذا الزعيم أي سُلطة، سوى ما يترتب عن مكانته كرجل كبير في السِّن وأكثر مقدرة وأكثر خبرة ومعرفة. ويترتب على هذا أنَّ عضوية الجماعة المحلية في تغير وتبدل مستمر، حيث يمكن أن نجد أسرة معينة تنتمي في غضون جيل واحد في فترات مختلفة إلى ثلاث أو أربع جماعات محلية.
وفي هذه الوحدة الاجتماعية والتي هي عبارة عن أسرة مشتركة تقوم على نظام السكن عند الأم، لأنها تتكون من مجموعة من الأسر النووية تجمع بينها رابطة القرابة والسكن المشترك.
وعندما تتكون من خلال الزواج أسرة نووية جديدة، فإنها تنتمي إلى الأسرة المشتركة للزوجة وتقيم معها. وقد لاحظنا أنَّ الأسرة المشتركة تلعب دوراً فائق الأهمية في حياة الفرد الأباتشي.
لا نبالغ إذا قلنا أنَّ الفرد فى ذلك المجتمع يقضي الجانب الأكبر من حياته في صحبة أقاربه. فالأسرة هي التي تشبع جميع احتياجات الأساسية للأفرادها من الطعام، والملبس، والمأوى، وغيره من الضروريات.
نجد التعاون والانسجام في الأسرة المشتركة الواحدة من جهة، والأسر المشتركة مع بعضها ونرى ذلك من خلال الحقائق التالية:

  • الفرد في الجماعة يبذل جهد فى رعاية الطفل وتدريبه على الوظائف المطلوبة منـه كبالغ داخل الأسرة المشتركة. ويعتبر الأطفال رأس مال اقتصادي بالنسبة للأسرة المشتركة، ذلك أن الإناث لن يبقين فحسب داخل الأسرة، وإنما سوف يعوضن، بواسطة أزواجهن، الخسارة في الذكور الذين يتزوجون، ويتركون الأسرة المشتركة.
  • تشجع الأسرة روح التعاون وشعور الأُخوّة بين الإخوة وأبناء العمومة من نفس النوع. وتعتبر هذه النقطة ذات أهمية خاصة بالنسبة للأخوات وبنات العمومة، اللاتي يقضين فى الأسرة المشتركة كل حياتهن في تعاون وثيق بعضهم مع بعض.
  • العلاقات الجنسية بين الأخوة وأبناء العمومة ممنوعة. ويؤدي هذا دور الطابع الرسمي، كما تؤدي القيود المفروضة على تلك العلاقة إلى دفع شباب الأسر المشتركة إلى البحث عن شركاء حياتهم بعيداً عن الأقارب، مما يؤدى إلى خلق عوامل الارتباط وتآلف بين الأسر المشتركة التي تربطها صلة فيما بينها، عن طريق عملية القرابة.
  • يتحتم على الذكور الذين أصبحوا أعضاء في الأسر المشتركة كأزواج أن يتجنبوا الأقارب الدمويين لزوجاتهم، أو يقيموا معهم علاقات غاية في الرسمية. والسبب في ذلك واضح: فالمرأة عندما تتزوج تترك كوخ والديها وتذهب لتعيش في كوخ آخر مع زوجها، ولكنَّها تظل داخل معسكر أكواخ الأسرة المشتركة.

شارك المقالة: