الخليفة القادر بالله:
هو أحمد بن إسحاق بن الخليفة المُقتدر، أبو العباس، ولد سنة (336 هجري)، أمه أم ولد اسمها (تمني).
إمارة الأمويين:
سيّر محمد بن أبي عامر جيشاً إلى بلاد النصارى فنال منهم وغنم المسلمون كثيراً، وأسروا أحد ملوك النصارى. وتوفي محمد بن أبي عامرعام (393 هجري)، فحدث خلاف بين أُمراء البيت الأموي فملك سيلمان بن الحكم بن سليمان بن عبد الرحمن الناصر، وأعيد هشام المؤيد إلى الخلافة ثانية عام (400 هجري)، ثم عاد الحكم لسليمان ثانيةَ عام (403 هجري). كان علي بن حمود الإدريسي الحسيني في مدينة (سبتة) في بلاد المغرب، وكان أخوه القاسم بن حمود يحكم الجزيرة الخضراء في الأندلس، وكانا من أنصار سليمان بن الحكم.
كان خيران العامري من أنصار هشام المؤيد وخالف سليمان وقاتله، واضطر أخيراً أن يفرّ من قُرطبة، فسار إلى (المرية)، وكان في (مالقة) عامر بن فتوح وزير هشام المؤيد فراسل علي بن حمود الذي كان يطمع في السلطة فأجابه، وهكذا أصبح جنوبي الأندلس مُخاصماً لسليمان إذ أن أمير غرناطة وقف بجانب المعارضين أيضاً، وسار الجميع نحو قرطبة وقاتلوا سليمان وهزموا جنده، وأسروه.
ودخل علي بن حمود قرطبة وبايعه الناس خليفة على أساس أن هشام المؤيد قد قتل وقد جاءوا باسمه، ولقّب علي بن حمود بالمتوكل على الله، ولم يلبث أن خالفه خيران العامري وخرج من قرطبة. بايع خيران العامري أحد أفراد البيت الأموي وهو عبد الرحمن بن محمد بن عبد الملك بن عبد الرحمن الناصر ولُقَبَ بالمُرتضى، وخرج علي بن حمود من قرطبة، ودخلها المُرتضى لكنه قتل عندما سار إلى الجنوب لحرب زاوي بن زيري بن مناد.
سار علي بن حمود إلى (جيان) غير أنه قتل وتولى مكانه أخوه القاسم بن حمود، وهو أكبر منه، وبقي في قرطبة حتى عام (412 هجري)، يحكمها. خالف القاسم ابن أخيه يحيى بن علي بن حمود، وعندما خرج القاسم من قرطبة مُتجهاً نحو إشبيلية أسرع يحيى من مالقة، ودخل قرطبة، وأخذ البيعة من أهلها، ولُقِّبَ بالمُعتلي وأصبح في الأندلس خليفتان يحيى بن علي بن حمود في قرطبة والقاسم بن حمود في إشبيلية.
ذهب يحيى بن علي إلى مالقة فاستعجل عمه القاسم وسار إلى قُرطبة وأخذ البيعة من أهلها لنفسه، غير أن أمر ابن أخيه يحيى بن علي قد قوي في الجنوب كما قوي أمر أخيه إدريس فطمع أهل قرطبة بخليفتهم فعمت الفوضى، وساد النهب، واضطر القاسم أن يُغادر قرطبة واتجه نحو إشبيلية فلم يقبله أهلها بل ولوا أمرهم ابن عبّاد.
وقع القاسم بن حمود أسيراً بيد ابن أخيه يحيى الذي سجنه وبقي في سجنه حتى مات عام (431 هجري)، وعندما توفي يحيى بن علي خلفه أخوه إدريس بن علي، أما قرطبة فقد تولّى أمرها أحد أفراد البيت الأموي وهو عبد الرحمن بن هشام بن عبد الجبار بن عبد الرحمن الناصر وبايعته خليفة عام (414 هجري)، ولقب بالمستظهر بالله.
ولكن لم تلبث قرطبة أن ثارت على خليفتها، وقتله أهلها، وبايعوا مكانه محمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن عبد الرحمن الناصر عام (414 هجري)، ولقبوه بالمُستكفي، وبعد مدة ثاروا عليه فخرج من مدينتهم واتجه نحو مدينة سالم، ولم يلبث أن مات مسموماً على ما يبدو. وكاتب أهل قرطبة يحيى بن علي بن حمود في مالقة ليتولى أمرهم فأرسل إليهم نائباً عنه فأخذ البيعة له عام (416 هجري)، ثم ثار عليه الناس خوفاً من هجوم العامري على مدينتهم.
وقتل يحيى بن علي بهجوم على مدينة إشبيلية فبويع في مالقة مكانه أخوه إدريس بن علي ولقَب بالمتأيد وبقي حتى عام (431 هجري). اجتمع وجوه قرطبة وعلى رأسهم جهور بن محمد بن جهور أبو الحزم وبايعوا أبا بكر هشام بن محمد بن عبد الملك بن عبد الرحمن الناصر ولقبوه المعتد بالله.
ثم خلع وبويع أمية بن عبد الرحمن بن هشام بن عبد الجبار بن عبد الرحمن الناصر، وخرج أبو بكر هشام من قرطبة ثم قتل غدراً، أما أُمية فقد اختفى بعد أن طلب منه القرطبيون مغادرة مدينتهم مع المُعتد. استقل بقرطبة أبو الحزم جهور بن محمد بن جهور، وفي إشبيلية ابن عباد، وكان في كل مدينة ملك وسلطان.
إمارة اليمن:
ظلّت دولة بني زياد في زبيد حتى اختفت عام (402 هجري)، بعد وفاة الحسين بن سلامة الذي أخذ ولاية أمر بني زياد ويعتبر من مواليهم حيث لم يظل من بني زياد من يصلح للحكم سوى طفل صغير اسمه أبو الجيش بن إسحاق، وكان الحسين بن سلامة حازماً فاضلاً حسن الإدارة، وقد بعث دولة بني زياد من جديد، وخضعت له أكثر اليمن وأجزاء من الحجاز، وعندما مات تمزقت دولته وتغلب بنو نجاح على تهامة، وبنو يعفر على صنعاء، وغيرهم على بقية مدن اليمن وأقاليمها.
وعندما توفي الحسن بن سلامة أخذ بقيادة الدولة نجاح مولى بني زياد وصرّح نفسه سلطاناً على تهامة، وتواصل مع الخليفة العباسي القادر بالله مُعلناً له الطاعة والولاء، واستمر نجاح في الحكم حتى عام (452 هجري). وأما دولة بني يعفر فقد توفى أميرها عبد الله بن محمد بن قحطان عام (387 هجري)، وقام بعده ابنه أسعد وبقي حتى عام (393 هجري)، حيث دخل في طاعة الإمام القاسم بن علي العياني في (عيان).
وخلف الإمام القاسم بن علي العياني المُلقب بالمنصور ابنه الحسين بن القاسم والملقب بالمهدي وذلك عام (393 هجري)، وبقي الحسين حتى عام (403 هجري)، حيث قتل في معركة مع آل الضحاك في ريدة. أما صعده فكان فيها الإمام الداعي يوسف، وبقي أيضاً حتى عام (403 هجري).