الانحدار العثماني هل هو واقع أم افتراض؟

اقرأ في هذا المقال


الانحدار العثماني:


إنّ أطروحة الرفض العثماني أو نموذج الانحدار العثماني (بالتركية: Osmanlı Gerileme Tezi) هي رواية تاريخيّة عفا عليها الزمن، ولعبت ذات يوم دورًا مهيمنًا في دراسة تاريخ الإمبراطوريّة العثمانيّة.
في أعقاب عصر ذهبي مرتبط بعهد السلطان سليمان القانوني (حكم 1520-1566)، دخلت الإمبراطورية العثمانيّة، تدريجياً في فترة من الركود والانحدار الشامل الذي لم تكن قادرة على التعافي منه، استمرت حتى تفكك الدولة العثمانية عام (1923)، تمّ استخدام هذه الأطروحة طوال معظم القرن العشرين كأساس للفهم الغربي والتركي الجمهوري للتاريخ العثماني، ومع ذلك بحلول عام (1978)، بدأ المؤرخون في إعادة فحص الافتراضات الأساسيّة لأطروحة الانحدار.
بعد نشر العديد من الدراسات الجديدة خلال الثمانينيّات والتسعينيّات والألفينيّات من القرن الماضي، وإعادة فحص التاريخ العثماني من خلال استخدام المصادر والمنهجيات غير المستغلة سابقًا، توصل المؤرخون الأكاديميون للإمبراطوريّة العثمانيّة إلى إجماع على أنّ فكرة الانحدار العثماني بأكملها الأسطورة – أنّ الإمبراطوريّة العثمانيّة في الواقع لم تكن راكدة أو تنهار على الإطلاق، بل استمرت في كونها دولة قوية وديناميكيّة بعد فترة طويلة من وفاة سليمان القانوني.


تمّ انتقاد أطروحة التراجع على أنها “غائية” و “رجعيّة” و “استشراقيّة” و “تبسيطيّة” و “أحاديّة البعد”، ووصفت بأنها “مفهوم لا مكان له في التحليل التاريخي”، وهكذا فإنّ العلماء “تعلموا أفضل من أنّ يناقشوه”، على الرغم من هذا التحول الدرامي في النموذج بين المؤرخين المحترفين، إلا أنّ أطروحة التراجع تستمر في الحفاظ على وجود قوي في التاريخ الشعبي، فضلاً عن التاريخ الأكاديمي الذي كتبه علماء ليسوا متخصصين في الإمبراطوريّة العثمانيّة.


ويرجع ذلك في بعض الحالات إلى الاعتماد المستمر من قبل غير المتخصصين على الأعمال التي عفا عليها الزمن والتي تم فضحها، وفي حالات أخرى على مصالح سياسية معينة تستفيد من استمرار سرد الانحدار.

متى بدأ انحدار الدولة العثمانية؟

شهد عهد السلطان سليمان الأول العظيم ذروة العظمة العثمانيّة، لكن علامات الضعف تشير إلى بداية تراجع بطيء ولكنه ثابت، كان العامل المهم في الانخفاض هو الافتقار المتزايد لقدرة وقوة السلاطين أنفسهم، سئم السلطان سليمان من الحملات والواجبات الإدارية الشاقة وانسحب أكثر فأكثر من الشؤون العامة.


تمّ بناء مكتب الوزير الأعظم ليصبح في المرتبة الثانية بعد السلطان في السلطة والإيرادات؛ تضمنت سلطة الوزير الأعظم الحق في المطالبة والحصول على الطاعة المطلقة، ولكن، في حين أنّ الوزير الأكبر كان قادرًا على تولي منصب السلطان في الوظائف الرسميّة، لم يستطع أنّ يحل محله كمحور الولاء لجميع الطبقات والجماعات المختلفة في الإمبراطوريّة العثمانيّة، وأدى الفصل الناتج بين الولاء السياسي والسلطة المركزيّة إلى تراجع قدرة الحكومة على فرض إرادتها.



شارك المقالة: