الاختيار والتدريب والإشراف على الباحثين الميدانيين في البحوث الأنثروبولوجية

اقرأ في هذا المقال


يحتاج البحث الأنثروبولوجي من وجهة نظر الأنثروبولوجيا أن يمر بمراحل بدايةً من اختيار الباحثين الميدانيين وتدريبهم والإشراف عليهم، لذلك سنتناول في هذا المقال موضوع الاختيار والتدريب والإشراف على الباحثين الميدانيين في الأنثروبولوجيا.

الاختيار والتدريب والإشراف على الباحثين الميدانيين في البحوث الأنثروبولوجية:

إن كل بيانات البحث الأنثروبولوجي يتم جمعها شخصياً بواسطة باحث أنثروبولوجي ويحتاج ذلك اتصالاً مطولاً ومستمراً بمجتمع واحد.

وهنا رأي ذو شقين أولهما حول التعميم بأن البحث الأنثروبولوجي لا يجريه إلا باحث واحد فرد، إلا أننا نلاحظ في كافة بلدان العالم أن هناك أبحاثاً أنثروبولوجية أجرى كل منها فريق للبحث يزيد عدد أفراده أو يقل وفقاً لطبيعة الموضوع ومجاله. ثانيهما: أن هناك أيضاً أبحاثاً أنثروبولوجية قام بها باحثون فرادى أو كفريق غطت المجتمعات المختلفة مجتمعين على الأقل بهدف عقد المقارنات بين موضوعات بعينها.

إن هذا المدخل يساعد الباحث على إجراء دراسة متعمقة في وقت قصير من خلال اتباع خطوات محددة تدور كلها حول فن العمل الميداني، واستخدام أدوات محددة، ونستكملها ببعض التوجيهات الخاصة باختيار الباحثين الميدانيين، وتدريبهم، والإشراف عليهم.

اختيار الباحثين في البحوث الأنثروبولوجية:

إن اختيار باحثين حاصلين على درجة الماجستير في الأنثروبولوجيا أو أحد العلوم الاجتماعية كالخدمة الاجتماعية، وعلم النفس وغيرها. يعد مطلباً يصعب تحقيقه في أحوال كثيرة لذا يمكن اختيار باحثين حاصلين على درجة  الدبلوم أو البكالوريوس، ولديهم خبرة في البحث الأنثروبولوجي الميداني في مجتمعات محلية، ولديهم الرغبة في العيش في الميدان أو بالقرب منه. ويشترط أيضاً ألا يكون الباحث من العاملين بصفة رسمية في مجال الدراسة، كالوحدة الصحية أو الرعاية الصحية مثلاً، وقت إجراء البحث.

ويضم فريق البحث الأنثروبولوجي باحثين من النوعين مع مراعاة ظروف المجتمع المحلي على أن يكون كل منهم قادراً على تكوين علاقات ألفة مع مجتمع بحثه، وأيضاً أن تكون لديه القدرة على جمع البيانات بكفاءة وتسجيلها بعناية.

وإلى جانب التأكيد على محكات اختيار الباحثين الأنثروبولوجيين، يمكن إضافة أن اختيارهم يمثل حجر الزاوية في إنجاز البحث في وقت قصير، وبالتعمق المطلوب.

كما أنه يجب التعايش عن قرب اختيار فريق البحث الذي يعمل في بحث أنماط المجتمع والمتغيرات الديموجرافية، حيث يكون الاختيار دقيق حيث يكون الحرص الدائم على أن يكون الباحثون المشاركون ذوو اتجاهات علمية واحدة أو متقاربة حتى لا يفقد البحث واحدة من أهم مميزات الأنثروبولوجيا التقليدية.

تدريب الباحثين في البحوث الأنثروبولوجية:

بعد اختيار الباحثين لا بد من تدريبهم سواء كانت لديهم خبرة أنثروبولوجية سابقة أو لم تكن. حيث تتوقف طول الفترة المخصصة للتدريب على مدى الخبرة السابقة. والإلمام بتقنيات جمع المادة الميدانية. كما تستغرق فترة التدريب أسبوعاً على الأقل مع عمل مكثف وتشمل محاضرات، مناقشات وجلسات ميدانية.

والجدير بالملاحظة أن الباحثين الميدانيين من ذوي الخبرة في مجالات التطبيق مثل العاملين في الخدمة الاجتماعية، أو العيادات النفسية. تواجههم غالباً صعوبة جمع البيانات بطريقة محايدة، حيث أنهم ألفوا إسداء النصح والإرشاد. لذا يجب التركيز في تدريبهم على محاولة تغيير اتجاههم.

فتقديم نصيحة واحدة تجعل الإخباري يغير من واقع البيانات ويخفي الجوانب التي لا تسر الباحث، ويقدم إجابات مرغوباً بها تتناسب والنصيحة المقدمة. لذا على الباحث في المجالات التطبيقية أن يعي بدقة أهمية ذلك وأهمية التعرف على وجهات نظر الإخباريين. كما أنه على القائم على البحث الأنثروبولوجي أن يكرس وقتاً لتكوين تآلف بين الباحثين الميدانيين وبين موضوع البحث الأنثروبولوجي وأهدافه ومن الأهمية أيضاً أن يعي الباحثون أهداف جمع نمط معين من البيانات.

وأثناء عقد المناقشات، على القائم على البحث الأنثروبولوجي أن يشرح كل جزئية في دليل جمع البيانات، مستعيناً في ذلك بآراء وخبرات الإخباريين كما عليه توضيح أن جمع البيانات حول المعتقدات تتطلب من الباحث الأنثروبولوجي الميداني أن يبدأ بملاحظة السلوك بدقة ثم توجيه السؤال حول لماذا كانت الاستجابة بالطريقة التي لاحظها.

الخبرة الميدانية عند إجراء البحث الأنثروبولوجي:

ومهما كان حجم المناقشات فهي لا تغني، أو تحل محل الخبرة الميدانية. لذا يجب التدريب على إجراء البحث الأنثروبولوجي في نفس المنطقة أو منطقة مشابهة باتباع التالي:

1- ملاحظة الباحثين الميدانيين للقائم على البحث الأنثروبولوجي من حيث كيفية دخوله إلى وحدة المعيشة، وأيضاً كيفية تكوينه لروابط الألفة، وكيفية تقديمه لنفسه للمجتمع المحلي، وكذلك كيفية إجرائه للمقابلة، وملاحظته الدقيقة لبعض الأنشطة المختلفة.

2- يجري الباحثون الميدانيون بحثاً أنثروبولوجياً ميدانياً في وحدة معيشة أخرى، ويقدمون ملاحظاتهم في تقرير بعد عودتهم من الميدان. حيث أن القائم على البحث الأنثروبولوجي باستطاعته أيضاً ملاحظة الباحثين، وكيفية دخولهم إلى مجتمع البحث، وكذلك تعاملهم مع الإخباريين، فقد يساعده ذلك على تقييمهم، واختبار قدراتهم.

3- يناقش القائم على البحث الأنثروبولوجي الملاحظات الميدانية التي يقدمها الباحثون ويوضح نقاط القوة والضعف فيها. ومن الأفضل للباحثين الأنثروبولوجيين الميدانيين أن يكتبوا مذكرات يومية بملاحظاتهم الميدانية بعد عودتهم من الميدان؛ لأن انشغالهم بالكتابة بالتفصيل أثناء المقابلة سوف يضيع عليهم فرصة ملاحظة مواقف وردود الأفعال والأنشطة. أو قد يتسببون في إزعاج الإخباريين.

الإشراف على الباحثين الميدانيين في البحوث الأنثروبولوجية:

لا تتوقف عملية الإشراف عند حد معين، وإنما هي عملية مستمرة للتأكد من جمع البيانات وتفاصيلها، واستكمالها. لذا يجب أن يشمل الإشراف على ما يلي:

1- ملاحظة ميدانية منتظمة للباحثين الميدانيين.

2- مراجعة الملاحظات الميدانية أسبوعياً للتعرف على المجالات التي تتطلب توجيهات.

3- إجراء بعض الاختبارات للتأكد مما إذا كانت هناك نقاط تحتاج إلى إضافة أو أن الباحث الأنثروبولوجي يحتاج إلى مساعدة.

ولا تقتصر أهمية الإشراف على توجيه الباحثين والتأكد من كيفية جمع البيانات، وإنما أيضاً يعطي الباحثين تدعيماً معنوياً يمنحهم الثقة، وكذلك يزيد من قدراتهم. لذا يجب أن تعقد مقابلات مستمرة للفريق لتبادل الخبرات، وأيضاً لتحسين المستوى الفني للبحث الأنثروبولوجي. وهي كلها نقاط منهجية هامة تدعم وحدة الفريق، وتجعل أفراده ويشعرون بأن الكل واحد في الميدان.


شارك المقالة: