اقرأ في هذا المقال
- التطورات الاقتصادية
- اقتصاد نجد
- محاور النشاط الاقتصادي الأساسية في عهد الملك سعود
- تقديم خدمات البنك الزراعي
التطورات الاقتصادية:
شهد الاقتصاد الوطني للدولة السعودية الحديثة منذ توحيدها على يد الملك عبد العزيز تحولاً كبيراً في بنية الاقتصاد، من اقتصاد تقليدي يعتمد بشكل كبير على الزراعة والرعي، إلى اقتصاد حديث يتميز بتنوع مدخلاته وقطاعاته نتيجة لاكتشاف البترول وتنامي إيراداته، وما تبع ذلك من نهوض الصناعة، ومن ثم تبعها تنوع اقتصادي شامل لجميع أرجاء الدولة.
فقد كانت اقتصاديات الدولة قبل اكتشاف البترول تتسم بالبساطة والقلة، حيث حصرتها بيئتها الصحراوية في إطار اقتصادي معين، اعتمد على الرعي والزراعة التي تتوقف على هطول الأمطار، وكذلك التجارة وتعاملاتها الضيقة في حدود القرى والمدن المجاورة، وبالتالي فإنّ هذا الأمر جعل دخل الدولة محدودة، ومصادره معلومة، فكان من مصادر دخل الدولة الزكاة، يضاف إلى ذلك فرض بعض الضرائب مثل ضريبة الجهاد وتكون على من لا يشتركون من الحاضرة في الجهاد، وكذلك على دخل الحج.
إلا أنه بعد اكتشاف النفط واستخراجه بكميات تجارية تطورت ميزانية الدولة بشكل كبير، ومن البديهي القول: إنّ للمملكة العربية السعودية مركزاً مرموقاً بين الدول العربية والإسلامية ذلك أن الله تعالى قد منّ عليها بثروات طائلة كانت بحاجة إلى من يوجهها الوجهة الصحيحة، الأمر الذي مكن هذه البلاد الكريمة من الانطلاق السريع في مدارج الرقي والحضارة.
وضع جلالة الملك سعود منذ توليه الحكم في المملكة سياسة حكيمة ترمي إلى القضاء على الفقر والجهل والمرض وقال جلالته: ” ومنذ اعتلائنا العرش عقدنا العزيمة على انتهاج خطة في داخل البلاد تضمن للرعية مصالحها وترفع من شأنها، في جميع مرافق الحياة ووضعنا نصب العين القضاء على الفقر والمرض والجهل.
اقتصاد نجد:
لقد كان الدور الذي قام به الملك سعود في مجالات التعاون والتعاضد مع الدول العربية والعالمية قد جعل المملكة مقصداً للجميع؛ لأنّ هدفه هو مصالح شعبه ورفاهيته والعمل على تقدمه في شتى المجالات. لقد كان الاقتصاد في نجد يرتكز على الزراعة والرعي والتجارة، والتي تقوم بدورها على المنتجات الزراعية والحيوانية، بالإضافة إلى استيراد بعض أنواع الأقمشة والمفروشات والسلع الضرورية، كالأسلحة وبعض أنواع الكماليات والمصوغات النسائية والعطور. لكن تغير الوضع الاقتصادي أحدث تطورات سريعة في الدولة وزاد حجم تعاملاتها، مما أدى إلى زيادة متطلباتها واحتياجاته الناس، حتى المهن طرأ عليها تغير واضح، حيث وجدت مهن لم تكن موجودة.
محاور النشاط الاقتصادي الأساسية في عهد الملك سعود:
إنّ المهن التقليدية طرأ عليها تغير جذري حيث اختفت الأدوات التقليدية وحلت مكانها الأدوات والمعدات الحديثة. وفي عهد الملك سعود كان النشاط الاقتصادي يدور حول العديد من المحاور الأساسية منها: الزراعة، التجارة، الصناعة. بالنسبة للزراعة يقول ابن خلدون: ” هذه الصناعة ثمرتها اتخاذ الأقوات والحبوب بالقيام على إثارة الأرض لها وازدراعها وعلاج نباتها وتعهده بالسقي والتنمية إلى بلوغ غايته، ثم حصاد سنبله واستخراج حبه، وهي من أقدم الصنائع.
لقد كانت الزراعة تشكل العمود الفقري لاقتصاديات الدول وكان الناتج الزراعي يسد معظم الحاجات الغذائية للجزيرة العربية؛ وذلك لأن كل العوامل التي تساعد على الإنتاج الزراعي قد توافرت في المملكة، من ذلك تنوع مناخاتها واختلاف السطح الذي وفر أنواع التربة الجيدة للزراعة، فهناك الجبال والسهول الساحلية والأماكن المنبسطة، كل ذلك ساهم في اختلاف نوع التربة.
أما بالنسبة للماء فالمملكة خالية من الأنهار الضخمة الصالحة لقيام زراعات حولها، لكن الله سبحانه منحها الأمطار وكذلك المياه الجوفية التي تستخرج من الآبار العميق. وقد شهد الاقتصاد الوطني للدولة السعودية تحولاً كبيراً في بنيته الاقتصادية، من اقتصاد تقليدي يعتمد بشكل أساس على الزراعة والرعي إلى اقتصاد حديث ومتطور، والدراسات التي قامت بها منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة وبعثة البنك الدولي للإنشاء والتعمير دلت على أنّ المملكة العربية السعودية تضع من بين الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها الوصول إلى الاكتفاء الذاتي في الحقل الزراعي.
وخطت الزراعة خطوات واسعة إلى الأمام في عهد الملك سعود، حيث كان للمرسوم الملكي الذي أصدره عام 1373/ 1954 ميلادي، بتحويل مديرية الزراعة إلى وزارة وتعيين الأمير سلطان بن عبد العزيز وزيرة لها، ذلك معنی کبیر دل على مدى اهتمام حكومة جلالته بالزراعة لكونها دعامة حيوية من الدعائم التي يقوم عليها الاقتصاد الوطني، واعتمدت الزراعة في عام 1374 ھجري اعتمادات كبيرة لإنشاء وحدات زراعية في ست مناطق كبيرة منها الرياض، جازان، الإحساء، المدينة المنورة، ثم تعددت فروعها في المناطق المختلفة.
فقد بلغت الوحدات الزراعية 20 وحدة زودت بالمختصين من الفنيين الذين يقومون بالإرشاد والتوجيه وزودت كل وحدة بالمعدات الزراعية والآلات الحديثة التي تستخدم في الزراعة، منها على سبيل المثال: في عام 1378 هجري أنشئت مندوبية الزراعة بالمنطقة الشرقية، ثم تطورت وحولت إلى مديرية الزراعة والمياه سنة 1383 هجري. وأول وحدة زراعية افتتحت في عنيزة سنة 1378 هجري حيث كانت قبل ذلك فرق الوزارة الزراعة والمياه، ثم تحولت إلى مديرية للشؤون الزراعية عام 1995/ 1385.
وافتتحت أول وحدة زراعية بشقراء عام 1380 هجري وهي مديرية الزراعة والمياه بالوشم. أما الوحدة الزراعية بالدوادمي فافتتحت عام 1381 هجري، ثم رفعت إلى مديرية للزراعة والمياه فيما بعد. وافتتحت أول وحدة زراعية بالرس عام 1378 هجري. وقد بدأت هذه الوحدات الزراعية منذ اليوم الأول لإنشائها تقوم بأعمال كثيرة متوخية الغاية الكبرى من وجودها.
من هذه الأعمال التي قامت بها وزارة الزراعة، شجعت المزارعين فمنحتهم القروض وطلبت من الشركات بيع المكائن الزراعية بالتقسيط، وتوفير قطع الغيار لها ونتيجة للزيارات التي يقوم بهابها جلالة الملك سعود وتفقده لمدن المملكة كان يأمر بتركيب مضخات آلية على الآبار القديمة والاستفادة منها.
كما فعل عندما توجه إلى تيماء سنة 1373 هجري، حيث أمر بتركيب أربع مضخات آلية تعمل بالديزل عند بئر هداج، وعلى الرغم من ذلك كانت استجابة المزارعين للتحول من أساليب الزراعة القديمة إلى الزراعة الحديثة خلال تلك المدة محدودة. على سبيل المثال لم تتجاوز عدد آلات الدراس المملوكة للمزارعين في منطقة الرياض وحدها حتى عام 1380 هجري (12) آلة فقط، ثلاث منها في الخرج وأربع في الأفلاج واشتان في كل من سدير ووادي الدواسر، وواحدة في القويعية.
أما التركترات الحراثات فقد بلغ عددها في منطقة الرياض 127 آلة، أكثر من نصفها موجود في الخرج والمناطق المحيطة بمدينة الرياض والحصادات لم يزد عددها في مختلف أرجاء المملكة في ذلك العهد عن ثلاث فقط، اثنان منها كانت في منطقة الخرج والثالثة في بني حارث بالطائف. وتعود أسباب قلة استخدام تلك الآلات في تلك المدة إلى سببين رئيسين: ارتفاع أسعار هذه الآلات وضعف القدرة الشرائية للمزارعين. عدم ملائمة استخدام معظم تلك الآلات في هذه المزارع القديمة الصغيرة. كذلك المساحة وطغيان أشجار النخيل المتقاربة والنخلة كما هو معروف، تحتاج إلى عناية خاصة خصوصاً وأن هذه الأشجار قد زرعت منذ سنوات عديدة وهذا أدى إلى صعوبة توافر آله تقوم بهذه الوظيفة.
كثر استخدام نوع آخر من الآلات الزراعية وهي آلات الري الزراعي ومضخاته، حيث دلت آخر الإحصائيات على أن هناك ما يزيد عن ستة آلاف مضخة، قوة كل منها ما بين خمسة أحصنة وثلاثين حصاناً. ولقد طلبت الحكومة من الشركات المستوردة اتباع نظام بيع مضخات المياه للمزارعين بالتقسيط على ضمان وزارة الزراعة وقد حمل في نهاية سنة 1377، خبراً مفرحاً للمزارعين الذين استفادوا من نظام شراء الآلات بالتقسيط ويبلغ عددهم حوالي 10 مزارع، فقد أصدر الملك سعود أمره بإعفائهم من بقية الأقساط التي عليهم للشركات الزراعية وكلف ذلك مبلغاً مقداره مليون وثلاث مئة وخمسة وستون ألفاً من الريالات.
قامت الحكومة في عام 1992/ 1382 بتأسيس البنك الزراعي بالرياض. وفي سنة 1384 هجري أنشئ فرع للبنك الزراعي في بريدة وحولت الوحدة الزراعية إلى مديرية، لتكون مركزاً إنمائية حكومية متخصصة في تمويل مختلف مجالات النشاط الزراعي، لتوفير السيولة النقدية المطلوبة ولتأمين مستلزمات الإنتاج الزراعي، كالآلات والمضخات الزراعية والبذور والأسمدة، بالإضافة إلى تمويل المشروعات الختانة.
تقديم خدمات البنك الزراعي:
استمر البنك الزراعي في تقديم خدماته للمزارعين عن طريق 12 فرعاً يتبعها اثنان وخمسون مكتبة منتشرة في أنحاء المملكة تيسيراً على المزارعين وضمانة لتوصيل خدماته لكل من يحتاج إليها. عممت الحكومة طرق الوقاية من الآفات والحشرات الزراعية المختلفة ومكافحتها، فأثمرت الجهود الإرشادية في تبصيرهم بأفضل السبل المقاومة تلك الآفات، وجرت أول دراسة علمية شاملة حول الآفات والحشرات وأمراض المزروعات، بينت أن الآفات الزراعية الضارة الموجودة في واحات منطقة القطيف وحدها حوالي 45 نوعاً ما بين حشرة، أو مرض فطري، أخطرها العناكب الحمراء التي تأكل الطماطم، ودودة البرسيم وغيرها.
كذلك بذلت الوزارة جهوداً ضخمة في مكافحة الجراد الصحراوي بالتعاون مع البلاد العربية المجاورة والمؤسسات الحكومية. وفي سنة 1382 هجري وقعت الحكومة السعودية مع منظمة الأغذية والزراعة الدولية اتفاقية إنشاء محطة تجارب زراعية في القطيف، كان الهدف منها رفع مستوى الإنتاج الزراعي عن طريق تحسين مختلف أنواع المحصولات الزراعية وتنمية الثروة الحيوانية، وذلك بإجراء تجارب عديدة بحث عن الأصناف الأكثر جودة والأوفر إنتاجاً.