حتى عام 1961 ميلادي لم تحظَ الإناث في شبة الجزيرة العربية بالقدر الكافي من التعليم الرسمي، فقد كان للأمر الملكي لتأسيس الرئاسة العامة لتعليم البنات انتشار وترحيب واسع في المملكة؛ لأنه اعتبر نقطة تحول مهّدت الطريق إلى تطور سريع في تعليم البنات، ففي اليوم التالي قامت الصحف والمجلات بالكتابة تعبيراً منها على مدى السعادة بهذا القرار المهم، لكن كان يتواجد هناك العدبد من المعارضين لتعليم البنات وهذه المعارضة لم تظهر فقط جراء ذلك الإعلان، بل إنها كانت من قبل ذلك بمدة طويلة.
الأوضاع الاجتماعية:
لقد كان السبب وراء ذلك الرفض الأوضاع الاجتماعيةوالاقتصادية في منطقة شبه الجزيرة، فالطبيعة الصحراوية الصعبة وأساليب الإنتاج القديمة التي لا تعطي نتاجها القدر المطلوب، التي جعلت شبة الجزيرة ولفترة طويلة بعدم تطور اقتصادي على المنطقة، أدى ذلك بدوره إلى تأخر جميع المجالات الباقية، خاصة على المجال الاجتماعي الذي كان يعيق المرأة في ذلك الوقت عن تلقي حقها في التعليم، لكن ذلك لم يمنع بعض الأمُهات في شبه الجزيرة من السماح لبناتهن بالذهاب على الكتاتيب التي تديرها تلك النساء رغبةً من الآباء في تعليم بناتهم أمور دينهن وتطبيقاً لتوجيهات القرآن الكريم في مجال تعليم النساء.
الأوضاع الاقتصادية:
اضطر بعضهم إلى الانتقال للعيش في أماكن أخرى يتوافر فيها التعليم للفتيات، لتتلقى بناتهم التعليم ومن الناحية الاقتصادية فإنّ شبه الجزيرة العربية قبل وبعد التوحيد عاشت فترة صعبة تتمثل في قلة الموارد الاقتصادية ويعود ذلك لطبيعة البلاد الجغرافية، إضافة إلى الانهيار الاقتصادي العالمي الذي حدث بالثلاثينيات والذي صادف بداية ظهور الدولة السعودية، وما أدى إليه ذلك من فترة الركود الكبرى بالعالم بما جاء معه من أزمة اقتصادية كبيرة في أثناء قيام الحرب العالمية الأولى.
إنّ اكتشاف البترول في الدولة السعودية لم يكن كافياً لحل المشكلة الاقتصادية التي واجهها سكان شبه الجزيرة، حيث لم تحصل على مكسب مالي منظم من البترول يسد ببعض احتياجاتها، وكان ذلك خلال عهد الملك سعود والملك فيصل، وهذا الأمر جعل الناس ينشغلون بأمور أكبر من حيث قيامهم في تأمين احتياجات حياتهم اليومية دون التفكير بمثل هذه الأمور، خاصة أنّ المرأة أكبر عامل مساعد للرجل في حياته سواء في البيت أو في الحقل.
في تلك الفترة حاول البعض من العمل على إغلاق مدارس وكتاتيب البنات لكن بعض المؤيدين لهم تفاضوا عن هذا الأمر، لذلك استمرت بعض تلك المدارس الأهلية التي كانت فيما بعد نواة التعليم البنات. واختلفت وجهات النظر بين أبناء الدولة حول موضوع تعليم البنات، فقد دار جدال حاد وطويل بين المحافظين ودعاة التجديد، حيث كان رأيهم إبقاء المرأة على ما كانت عليه من معارف قليلة اكتسبتها من تجربتها البسيطة في الحياة الاجتماعية.
عندما أخذت المملكة السعودية تفكر بنشر تعليم الإناث في الدولة وأن لا تجعله محصوراً على الأولاد الذكور وظهر في ذلك الوقت اعتراض قوياً على مبدأ تعليم الفتاة السعودية من الأصل، في جانب آخر قام المؤيدون بمطالبة بوجوب تعليم الإناث، لكنهم عارضوا أن تتولى وزارة المعارف تعليمهن، حتى لو أسست لهن مدارس خاصة، وبعد العديد من الأبحاث تقرر أن تمنح فرصة التعليم أمام الإناث السعوديات وأن تقام لهن مدارس من قبل الدولة.
قام عدد من العلماء وعلى رأسهم سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله وغيره يردون على المعترضين ويبينون إنّ الإسلام دين الحق والعلم الصحيح، وأنّ النصوص العديدة التي تحث على طلب العلم بالشكل العام ويضّم الرجال والنساء.
وعلى الرغم من جميع المعارضات التي حدثت لم تنجح محاولة المعترضين في نشر الشائعات أو إقناع القائمين على التعليم وسماحة المفتي بوجهات نظرهم. حيث قام الأمير فيصل عندما كان ولياً للعهد بمناقشة الاعتراضات التي سمعها، واستخدم كل أساليبه وفهمه ليقنع المعترضين بأنّ تعليم البنات عمل جيداً، وأنّ كل الضمانات متوافرة في المدارس التي أسستها الدولة لتبقى الفتاة السعودية التي تتعلم محافظة على دينها وأخلاقها.
فلما أصر المعترضون على رأيهم، أصر الأمير فيصل على أنّ الدولة لن تغلق مدارس الإناث حتى ولو لم تأتِ إليها ولا فتاة واحدة لتتلقى التعليم، وقال لهم أيضاً أنّ الدولة تفتح المدرسة تنفيذاً لواجبها تجاه المجتمع ولكنها لا تملك إجبارهم على إرسال بناتهم إليها.