أوضاع التجارة في دولة الكويت:
لقد كانت الأوضاع الاقتصادية للتجارة الأثر الأكبر في تطور البلاد، ومن هنا كان لدولة الكويت المكانة العظيمة في العالم المتقدم لأنّ المال لا يتطور إلا بها والمال هو أساس العمران وأصل الحياة، ومنذ وجد وترعرع أسرة آل صباح في الدولة الكويتية أخذوا بأسباب التجارة منذ استقرارهم بالكويت؛ لأن التجارة ضرورية لا يمكن الاستغناء عنها ولأن الكويت أيضاً قاحلة لا زرع فيها يغنيها عما سواها ولا صنائع تقوم بما يحتاجون إليه.
حيث أخذوا البصرة أول بلدة لهم كمصدر لسداد حاجاتهم الضرورية والمالية، فكانوا يستصدرون منها الرز والقمح والشعير والتمر والخضار والفواكه وغيرها، كذلك اتخذوا بغداد لتصبح سوقاً لتجارة اللؤلؤ، ولم تكن سفنهم لتتجاوز البلاد التي على ضفاف الخليج العربي لأنّها صغيرة الحجم.
فقد استمرت التجارة مدة من الزمن وهي ضعيفة، حيث لم يهاجر إلى البلاد من المارين من يستطيع تأسيس السفن الكبيرة أو تسييرها الى الدول الشاسعة کالهند واليمن وغيرها، حيث بقيت التجارة كذلك في عهد صباح الأول، ولكن بعد تسلم ابنه عبدالله زمام الحكم تحسّنت بشكل ما وكان لها وضع مختلف عن الأول لأسباب متعددة، وكان من أبرزها: كثرة المهاجرين إليها من الأثرياء والوجهاء.
وفي فترة والد الشيخ أحمد الرزق، كانت الكويت قبل هجرته إليها كما قال العلامة الشيخ عثمان بن سند في كتابه سبائك العسجد الذي ألفه في ترجمة ابنة الشيخ احمد فقال: (هذا وحيث أشرنا إلى بلده المصغرة بأوضاعها، المكبرة بطلعتها)، فنقول هي الكويت بضم الكاف وإسكان التاء بلا خلاف على ساحل بحر العدان (بفتح العين). فذلك ضبط متقن بشكل جيد. حيث لم تعمر قبل قدوم أبيه العظيم إلا بفترة من الزمان.
سكنها بنو عتبة، كان لهم في عنزه ابن أسد نسب، والذي يظهر أنهم واضحي النسب تجمعهم شجرة ام وأب، أما نجله الأكبر الشيخ احمد الرزق الذي اشتهر صيته في الآفاق ومدحت الركبان فضله عليهم، ومدحه لكرمه الزائد لكثير من الشعراء، فقد كانت له تجارة واسعة، حيث حظيت بها الكويت وسارت على نهج جديد أفضل مما كانت عليه في عهد أبيه، فيقول الشيخ عثمان بن سند في هذا المطلع الكريم في كتابه المتقدم بالكويت: وقد أبرزته قدرة النادر من الرحم الطيب الطاهر.
وكذلك إنشاء السفن الكبيرة التي تصل إلى البلاد النائية، حيث كان الشيخ أحمد الرزق هو أول من أستخدمها، فقد عثر على كتاب له بعث به إلى أحد ولاة بغداد ينبئه فيه بوصول أخشاب، بحيث قام بتوصية عليها في أحد سفنه التي كانت تسافر الى تلك الأماكن.
ونشير في ذلك الوقت إلى استمرار أهل الكويت السفر إلى بعض بلاد الشام ونجدوالأحساء ليقوموا في التجارة، ولكنها مع هذا كله قد مرت على حكم عبدالله وجابر وصباح وعبدالله الثاني ومحمد بعض التغيرات البسيطة التي لا تقارن بما حصل في أيام من بعدهم من الحكام مبارك وسالم، فإنها في تلك الفترة تغيرت بشكل كبير واتسعت بكل وضوح لعدة أسباب وهي:
- حرص مبارك على الحفاظ على التجارة من السلب والنهب، وحرصه الكبير على دعمها بكل قوة ومال، وقيامه بمعاقبة من يقوم بالتعدي على أصحابها، ولمبارك الكثير من الأخبار في هذا الشأن.
- بالإضافة إلى كثرة السكان والمهاجرين إلى الكويت من بلاد نجد و فارس والعراق والإحساء لما كان يوفره مبارك من النشاط في تجديد طرق التجارة وتيسيرها. وكذلك وجود اللؤلؤ وكبار العاملين به من أهل الكويت، فقد تطورت مكانتها بسبب التجار، فكانت رواتبهم تقدر بالملايين من الروبيات بعد أن كانت الألوف.
إنّ التجارة في تلك الأيام قطعت شوطاً كبيراً في التقدم، فقد حققت الكثير من الأرباح والفوائد، فقد وصلت إلى العديد من الدول المجاورة التي كانت واقعة تحت الحصار البحري مثل: الشام والحجاز والعراق، بل وصلت إلى أبعد من تلك النقطة، حيث وصلت إلى الاستانة وترعرعت بأسواقها، واستمرت بذلك حتى آخر أيام مبارك وأيام جابر كلها، وفي النهاية حصل لها انقلاب فجائي وما زال يتفاقم إلى يومنا هذا.
أسباب تراجع التجارة:
- الحصار التي ضُربت فيه الكويت أثناء الحرب.
- نزول الأسعار بعد الهدنة، فقد سبب ذلك النزول العديد من الخسائر الكبيرة للتجار.
- حدوث أزمة تجارية في الكويت أصبحت تعاني بسببها من الإفلاس.