الترابط بين المادية التاريخية والمادية الديالكتيكية في التطور الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


إن الماركسية اللينينية هي عقيدة علمية كاملة لا تنفصم علاقاتها وتتسم بالدأب والمثابرة، وهي تعكس الواقع عكساً سليماً وتعبر عن المصالح الجذرية للطبقة العاملة، وهي تمثل وحدة عضوية تتكون من المادية الديالكتيكية والتاريخية والتعاليم الاقتصادية ونظرية الشيوعية العلمية.

الترابط بين المادية التاريخية والمادية الديالكتيكية في التطور الاجتماعي

إن المنحرفين بكونهم أعداء الماركسية حاولوا ويحاولون، وهم يتقنعون بلباس الماركسية، أن يمزقوا وحدة الأجزاء التي تتكون منها الماركسية وأن يجمعوا بين الماركسية والفلسفة البرجوازية.

إن المنظرين من الاشتراكيين المعاصرين قد تخلوا تماماً عن الماركسية في غالبيتهم العظمى، حتى أن الكثير منهم لا يسمون انفسهم اليوم بالماركسيين، بين أنهم يحاولون كما حاول قبلهم منظرو الأممية الثانية، أن يبرهنوا على أن الاشتراكية لا ترتبط بأية عقيدة فلسفية، وأنه من الممكن الانتساب إلى الحزب الاشتراكي والتمسك بأية رؤية للعالم.

حتى أن البعض من المنظرين الاشتراكيين يستند إلى حقيقة تعاظم الأفكار الاشتراكية للبرهنة على أن وحدة العقيدة داخل الحزب من المستحيلات، لقد كتب بعض الباحثين في جريدة الحزب الاشتراكي الديمقراطي، يستطيع الاعتراف بالأفكار الاشتراكية بصراحة ودون تأنيب الضمير.

إن الأفكار الاشتراكية أصبحت في يومنا هذا منتشرة على نطاق واسع إلى درجة أنها تجذب إليها أناساً ينتمون إلى عقائد متنوعة، ولكن هل بإمكاننا أن نستنتج من هذه الحقيقة أن الترابط الداخلي بين الأفكار الاشتراكية والعقيدة العلمية المادية الديالكتيكية قد زال؟ ثم هل تعني هذه الحقيقة أن الحركة الاشتراكية قد فقدت هويتها الطبقية وأصبحت هدفاً عاماً ترمي إليه كافة الطبقات، كما يدعي المنظرون الاشتراكيون.

حيث يؤكد بعض المنظرين الاشتراكيين الديمقراطيين، في موضوعات التي تنتشر في المجلات الأسبوعية، أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي لا يسترشد في سياسته بأية نظرية موحدة من نظريات علم الاجتماع، إنما يسترشد بالقيم الأخلاقية للحرية والعدالة الشيوعيون، ويرفض العقيدة الاجتماعية والاقتصادية الوحيدة التي ترتكز عليها الأيديولوجيا الشيوعية.

كما يبين أن الشيوعيين لا يستبعدون مطلقاً الخلافات في وجهات النظر والنقاشات في قضايا معينة، متعمداً تبسيط الأمور، ولا يبعدون عنهم هؤلاء الذين يرغبون في الواقع في الكفاح من أجل الاشتراكية، غير أنهم لا يتمسكون بالعقيدة العلمية، إلا أنه لا ينبغي في الوقت نفسه أن نستنتج مطلقاً من هذا الموقف أن المناضلين الطليعيين أنفسهم لا يحتاجون إلى العقيدة العلمية لغرض اثبات سلامة مواقفهم فكرياً، ومحاولات ربط الاشتراكية بعقائد غربية عنها لم تثمر مطلقاً ﻷحد حتى الآن.

إن فكرة محو الأيديولوجية ترتبط بطائفة من الأفكار بكاملها، ترتبط بالادعاء أن الرأسمالية تتحول إلى مجتمع للرفاهية العامة، حيث تزول التناقضات بين الطبقات وتتكامل الطبقة العاملة في هذا المجتمع، فإذا أصبح الصراع الطبقي في طيات الماضي شيئاً فشيئاً، فإن الأيديولوجية الطبقية تنعدم الحاجة إليها كذلك، فيتحول الحزب الاشتراكي الديمقراطي من حزب الطقة العاملة إلى حزب الشعب بأسره.

وأن تطور الرأسمالية يحطم كل هذه المجموعة من الأفكار من أساسها، فلم يتحقق مجتمع الرفاهية العامة الذي وعدوا به، بالعكس نشاهد بدلاً منه ظاهرة مواصلة تعمق الأزمة العامة للرأسمالية والأزمة الاقتصادية والمالية وما شابه ذلك، ونلاحظ عدا ذلك تعاظم التضخم المالي وانتشار البطالة وتصاعد اضرابات الطبقة العاملة.

يسعى المنظرون البرجوازيون في هذه الظروف بكل طاقاتهم وجهودهم أن يجدوا أفكاراً من شأنها أن تؤدي دوراً متكاملاً، لقد اخذوا يتحسسون خطر انعدام أفكار قائدة من شأنها أن تكون ما يشبه بالقاعدة الاجتماعية القوية، وعاملاً لاستقرار النظام، على هذا الأساس ظهرت في أواخر الستينات وأوائل السبعينات اتجاهاتن نحو بعث الأيديولوجية.

أهمية العقيدة الماركسية اللينينية في التطور الاجتماعي

في ضوء أهمية العقيدة الماركسية اللينينية، ليس من الصعب أن ندرك الرابطة الوثيقة بين المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية، إن محاولات المحرفين المعاصرين في صفوف بعض الاحزاب الشيوعية الهادفة إلى فصل المادية التاريخية عن المادية الديالكتيكية، هي محاولات غارقة في الأخطاء ومضرة كل الضرر.

يدعي المحرفون أن المادية التاريخية ليست جزءاً من الفلسفة الماركسية، إنما هي علم من العلوم المستقلة ولا ترتبط بالفلسفة، وعلى هذه الطريقة يحاولون تمهيد السبيل إلى ربط المادية التاريخية بعلم الاجتماع البرجوازي الحديث، إنهم يدعون أن هذا العلم قد صاغ أساليب دقيقة لتسجيل وقياس وتحليل الظواهر، التي لا ترتبط حسب قولهم بالأيديولوجية ولا تتأثر بالمصالح الطبقية، ولهذا فإن المحرفين ينادون بفصل المادية التاريخية عن المادية الديالكتيكية ويعتبرونها مستقلة عن الفلسفة والعقيدة، وبذلك يحاولون من الناحية الجوهرية، تبديل النظرية الماركسية للمسيرة التاريخية بفرضيات علم الاجتماع البرجوازي.


شارك المقالة: