تركيز الخدمة الاجتماعية على الأسرة
ركزت الخدمة الاجتماعية الأسرية في إطارها الحديث على النَّسق الأُسري ككلٍّ وكوحدة للدراسة والعلاج، أكثر من التّركيز على الفرد، إذ أنه في داخل الوحدة الأُسرية يمكن أن نستكشف مصدر المُشكلة وحلّها.
وعلى هذا الأساس لا يكون هدف التَّدخُّل المهني للخدمة الاجتماعية أن تتعرَّف الأُسرة أسباب الصُّعوبات القائمة في حياتها بسبب أخطاء في المُمارسات السابقة والمُتراكمة، ولكن في مساعدتها على إعادة بناء حياتها الحالية بطرقٍ جديدة أفضل، حيث يركّز على المشكلات المنظورة في الفترة الرَّاهنة أكثر من التركيز على تقصي التهديدات المتشابكة والمعقدة لبيان الأسباب.
ولذلك يحتاج هذا الهدف من الأُسرة إلى القابلية للعمل من أجل معالجة المشكلات الناجمة عن خروج العلاقات الأُسرية عن إطارها الطبيعي الإيجابي، ويبرز دور الأخصائي هنا في تنمية هذه القابلية، والاستعداد لإدراك المُشكلة والتعاون في حلِّها لمواجهتها.
غير أنهُ يجب ألّا نتصوّرَ أن جميع المشكلات الإنسانية تنشأ وتبدأ داخل الأسرة، فقد تنبعث الصعوبات والمُعاناة من داخل الفرد، وقد تُرَد في أحيان أخرى إلى المجتمع بإطارهِ الأوسع، ويجب أن ندرك أن الأسرة لها أثر في معالجة المشكلة التي يريد الأخصائيُّ حلَّها.
الأساليب الجديدة للتدخل المهني للخدمة الاجتماعية الأسرية
تجدر الإشارة إلى أنه قدّ دخل على أساليب الخدمة الاجتماعية الأُسرية أساليب جديدة في السنوات القليلة الماضية، يتمكّن الأخصائي الاجتماعي باستخدامها من الوصول إلى فئات أخرى من الناس لم تستطع الأساليب التقليدية الوصول إليها والتعامل معها، كانحرافات الشباب بسبب مُعطيات الحياة المعاصرة، والمُسنين الذين لا يعرفون عن إمكانيات الرعاية المُتاحة، والفقراء الذين لا يطرقون أبواب مصادر العون والمساعدة.
هذا بالإضافة إلى نشوء وَحَدات الاستجابة السَّريعة في حالات الكوارث والأزمات العامة، التي تبقى مع الأُسَر المُصابة حتى الوصول إلى حلول سريعة وشاملة، وتسهيل مواجهة مُتطلبات الحياة من جديد.
كما نشأ اتّجاه جديد بالتركيز على الأهداف الواقعية المُشتركة للأسرة عن طريق مساعدة مهنية قصيرة الأمد وقليلة التّكاليف، وسيطرة سريعة على المُشكلات.
وقد عملت المؤسّسات التي تتبنّى مثل هذه الاتجاهات التي تتطلَّب السرعة في التدخُّل والسرعة في إيجاد الحلّ إلى إيجاد نقاط متقدِّمة بالأحياء والجمعيات السُّكّانية، لتلتقط بصورة فوريّة، أيّ مشكلة تعترّض إحدى الأُسَر في تلك الأحياء والتجمُّعات، ووضعت فيها الآليات المهنية المناسبة للاتصال بالشباب والمراهقين للكشف عن أوجه الصراع بينهم وبين أهاليهم، والمبادرة إلى معالجتها بالتعاون مع الطرفين، ومن هؤلاء من أظهر لأهله العِداء وعَمد إلى هجر البيت وهجر المدرسة أيضاً.
وقد أظهرت مثل هذه الأساليب فاعليتها في التعامل مع الأطفال أيضاً، حيث أفسح المجال لهم للتعبير عن مشاعرهم بالضجر والقلق أو المُعاناة من الفراغ، ومَهَّدَ ذلك لمُناقشة هذه الموضوعات بين الأطفال، وأهاليهم بحضور أخصائي اجتماعي، مثلما استُخدِمت هذه الأساليب لمساعدة بعض الأُسَر التي تواجه صعوبات في الحصول على خدمات، أو في إنجاز بعض المعاملات لدى المؤسَّسات العامة.
وبرز من هذه الأساليب أيضاً أن تُنظِّم المؤسَّسة لقاء لثلاث عائلات أو أكثر، للتَّباحث في قضايا ومشكلات مشابهة أو مشتركة، ومُحاولة الوصول إلى حلول لها بمساعدة الأخصائيين الاجتماعيين، أو أن تُنظِّم لفئة مُتشابهة في الخصائص مثل: الأرامل، أو المهجورات، أو الأمهات بالتبنّي، لبحث قضايا مُتشابِهة، وإيجاد الحلول لها بمساعدة الأخصائيين الاجتماعيين أيضاً.
أهمية تركيز الخدمة الاجتماعية على المجال الأسري
تعد الأسرة مؤسسة أساسية في المجتمع، وتلعب دورًا حيويًا في بناء الهوية وتأسيس القيم. يعكس التركيز المهني على الأسرة في ميدان الخدمة الاجتماعية التفاني في تعزيز استقرارها وتحسين جودة حياتها. يُعَدّ ذلك النهج مهمة أساسية للمحترفين في ميدان الخدمة الاجتماعية، حيث يسعون لتعزيز العلاقات الأسرية وتحسين الظروف الاجتماعية لأفراد المجتمع. في هذا المقال، سنتناول أهمية التركيز المهني على الأسرة وتأثيره على الرفاهية الاجتماعية.
تحليل الوضع الأسري
يبدأ المحترفون في الخدمة الاجتماعية بتحليل هيكل ووضع الأسرة. يتعمقون في فهم الديناميات الأسرية، والتحديات التي قد تواجهها، والفرص المتاحة. هذا التحليل يمكنهم من تقديم الدعم المناسب وتطوير خطط تدخل فعّالة.
تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأسرة
يشمل التركيز على الأسرة تقديم الدعم النفسي والاجتماعي. يمكن أن يكون هذا خاصة في مواقف الأزمات أو عند مواجهة الأسرة لتحديات نفسية أو اجتماعية، المحترفون يعملون على بناء القدرات النفسية لأفراد الأسرة وتوجيههم نحو آليات التكيف الإيجابية.
تعزيز المهارات الأسرية
يتضمن التركيز المهني تعزيز المهارات الأسرية، سواء كان ذلك في مجال التواصل أو حل النزاعات أو إدارة الضغوط. يعمل المحترفون على تقديم ورش عمل وبرامج تدريبية لتعزيز قدرات الأسرة على التعامل مع التحديات بشكل بنّاء.
معالجة التحديات الاقتصادية للأسرة
يتدخل المحترفون في الخدمة الاجتماعية لمساعدة الأسر في التغلب على التحديات الاقتصادية. يمكن ذلك من خلال توجيههم نحو الموارد المالية المناسبة وتقديم النصائح لتحسين إدارة الأموال.
تعزيز الحقوق والمساواة في الأسرة
يعكس التركيز المهني على الأسرة التزامًا بتعزيز حقوق الأفراد داخل الأسرة وتحقيق المساواة. يعمل المحترفون على تعزيز بيئة صحية وآمنة لجميع أفراد الأسرة.
الوقوف بجانب الفئات الهشة في الأسرة
تعد الأسر ذات الاحتياجات الخاصة أو التي تواجه تحديات متعددة هدفًا رئيسيًا. المحترفون في ميدان الخدمة الاجتماعية يعملون على تقديم الدعم الخاص والتكييف مع احتياجات هذه الفئات لضمان حقوقهم ورفاهيتهم.
تعزيز التواصل والتفاعل الإيجابي في الأسرة
يشجع التركيز المهني على الأسرة على تعزيز التواصل الإيجابي داخل الأسرة، مما يسهم في بناء علاقات قائمة على الاحترام والتفهم.
الاستجابة للاحتياجات التعليمية
تتضمن خدمة الرعاية للأسر توفير الدعم التعليمي للأطفال والشبان، وضمان حصولهم على التعليم الكافي وفتح أفقهم المستقبلي.
في الختام، يُظهر التركيز المهني على الأسرة في ميدان الخدمة الاجتماعية أهمية الاستجابة لاحتياجاتها المتنوعة. يسعى المحترفون في هذا المجال إلى بناء أساس قوي للمجتمع من خلال تعزيز رفاهية الأسرة وتوفير الدعم الشامل لتحقيق استقرارها.