التعليم الأهلي في عهد الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود

اقرأ في هذا المقال


التعليم الأهلي:

يعد التعليم الأهلي في المملكة العربية السعودية عنصراً يساند التعليم الحكومي في جميع مستوياته، فهناك المدارس الأهلية الابتدائية والمتوسطة والثانوية وتعليم الكبار، كما أنّه يساهم بدور إيجابي في تنمية وتطوير القوى البشرية للمجتمع. وبعد تأسيس وزارة المعارف أطلق مجلس الوزراء في عام 1372/ 1953 ميلادي قراراً يخص المدارس الأهلية

وقد جاء في هذا القرار ما يأتي: لوزارة المعارف أحقية الإشراف والإطلاع  على المدارس الأهلية من الجانب المالي والفني في المقابل أن تقوم الوزارة بصرف المستحقات المالية الكاملة لهذه المدارس أو جزءًا منها، كما تقوم بتسديد العجز الذي تقع فيه مدارس أخرى تتبع لإشراف الوزارة من الناحيتين الفنية والمالية، المدارس التي تدفع لها الوزارة مبالغ شهرية أو سنوية بكونها مساعدات لها، من تلك المدارس التي أمر لها جلالته بخمسة آلاف ر.س كل شهر وكذلك مدرسة العلوم الشرعية في المدينة ودار الإسلام بمكة وغيرها.

كذلك تقع تحت إشراف وزارة المعارف من الجانب الفني فقظ المدارس التي تساعدها الوزارة ببعض كوادر التدريس من المعلمين الذين تختارهم الوزارة للعمل فيها مثل مدرسة دار الحديث. وقد ألحق الإشراف على المدارس الأهلية إلى إدارة الثقافة الشعبية في جهاز وزارة المعارف، ثم ربطت عملية الإشراف على تلك المدارس في مديرية التعليم بالمناطق التعليمية وطالبت الوزارة أن يكون نظام كل مدرسة أهلية (الفني، الإداري، المالي) مطابقاً لنظام المدارس الحكومية.

ولمزيد من الاهتمام والتأييد وتوجيه أطلقت وزارة المعارف قراراً في تاريخ 1379/ 1951 ميلادي جاء فيه: تأسيس إدارة خاصة تسمى (إدارة التعليم الأهلي) تكون تابعة للمدير العام للتعليم وأول من قام في إدارتها الأستاذ عبد الكريم الجهيمان.  وتطلب إلى هذه الإدارة رعاية شؤون التعليم الأهلي والإشراف عليه في إطار الأنظمة وفي عام 1382/ 1992 ميلادي، نفذ القرار وأحدثت إدارة خاصة بالتعليم الأهلي لدعم هذا القطاع وكانت تلك المدارس تسير وفق خطط ومناهج المدارس الحكومية الموضوعة.

حيث انقسمت إلى قسمين: مدارس أهلية نهارية ومدارس أهلية ليلية. كما يوجد مدارس أهلية تقوم بالإعداد المهني فتعد دورات اللغة الإنجليزية وتعليم المحاسبة ومسك الدفاتر، والتدريب على ظبط الخطوط  والدراسة في معظم هذه المدارس في الفترة المسائية. ويمكننا تقسيم المدارس الأهلية أربعة أقسام بناء على المناهج، مدارس أهلية تعتمد على مناهج الوزارة منذ إنشائها، تطور وتحديث التعليم فيها حسب المدارس الحكومية. ومدارس أهلية كانت تدرس المواد الدينية عندما أنشأت، ثم تركت نهائياً مناهجها السابق، فأصبحت تسير على مناهج وزارة المعارف.

وأيضاً مدارس كانت تدرس المواد الدينية عند تأسيسها، ثم دخلت إلى فرعين أحدهما يسير وفق قوعد الوزارة والآخر مختص بتدريس المواد الدينية بعد إضافة بعض المواد الأخرى كالرياضة والاجتماع.  ومدارس أهلية دينية منذ نشأتها استمرت على حالها ولم يطرأ عليها تغيير. وقد تمت المدارس الأهلية تقسيماً آخر وذلك حسب الدعم الذي تحصل عليه، وهي على النحو الآتي:

أولاً: مدارس مجانية تأخذ دعماً من الدولة على شكل مساعدة للمدرسين ومساعدة مالية أخرى تصرف عن طريق وزارة المالية.

ثانياً: هناك مدارس لا تهدف إلى الربح، وهذه أيضاً لها مساعدة حسب وضعها.

ثالثاً: مدارس هدفها الريح وهذه تقدم لها مساعدات قليلة حسب مستواها وعدد طلابها، ومن أشهر المدارس الأهلية في عهد الملك سعود بأن يلحظ من خلال هذه الدراسة التي أجريت أنّ أعداد المدارس الأهلية في عهد مديرية المعارف كبير مع قلة الإمكانيات لديها وهذا لا يعني أنّ الوزارة أهملت التعليم الأهلي، بل إنه لولا الاهتمام والرعاية لما تأسست له إدارة خاصة به، كما أنها عملت على الاهتمام في المدارس التي استمرت في عهدها وتعهدتها بالمساعدة المالية والإشراف العام عليها، إلا أنه قامت في عهد الوزارة مدارس أهلية ولكن ليست معروفة كما المدارس التي أنشأت قبل عهد الملك سعود ومنها:

مدرسة دار الحديث:

كانت الرعاية بالتعليم الأهلي بعد تأسيس وزارة المعارف أكبر وأعظم بسبب الإمكانيات التي توافرت لها. ومن أهم هذه المدارس مدرسة دار الحديث أنشأت في عام 1352/ 1932 ميلادي، ومؤسسها هو الشيخ عبد الظاهر أبو السمع وكان السبب لإنشائها هو ما رآه مع بعض من المشايخ من عدم العناية بالحديث وقلة الدارسين لعلومه، فرفع اقتراحة إلى الملك عبد العزيز بفتح هذه المدرسة وفعلاً فتحت وجعلت مدة الدراسة سنتين، يدرس فيها الحديث من الصحاح الستة.

وتطورت هذه المدرسة تدريجياً حتى أصبحت الدراسة فيها ثلاث سنوات في عام 1379/ 1959 ميلادي، ثم زيدت إلى أربع سنوات في عام 1379/ 1959 ميلادي، وأصبحت بعد ذلك الدراسة تشمل الحديث وعلوم التفسير وقواعد اللغة العربية وكان الانتساب فيها للسعوديين وغيرهم واستمرت في القيام بواجبها حتى تقرر ضمها للجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1401 هجري.

مدرسة دار السلام الأهلية:

هي مدرسة ابتدائية أنشأت في عام 1356 هجري في مكة المكرمة ومؤسسها هو محمد سلامة الهندي المولود في مدينة دكا وهي عاصمة بنجلاديش الآن وقد تولى إدارتها شخصياً حتى وفاته عام 1383 هجري، إذ حل محله ولده محمد صديق سلامة خريج المعهد العلمي السعودي وتتبع المدرسة المذكورة منهج المدارس الحكومية وتستلم من الحكومة إعانة سنوية.

معهد الأنجال بالرياض:

أسسه ولي العهد الأمير سعود بن عبد العزيز عام 1392/ 1940 ميلادي وكان المعهد في الغترة الأولى مبني صغير خصصه الأمير سعود لتعليم أحفاده والتحق به في ذلك الوقت عشرة طلاب بالإضافة إلى أبنائه وكان يتكون من عدد محدود من الغرف. وقد امتدحه عدد من الشعراء الكبار في ذلك الوقت منهم حسين أبو بكر قاضي حيث قال: بناء على التقوى تسامت عماده وخير بناء أخلد الذكر معهد يظل على مر الليالي مجدداً يردد بالتوحيد يدعو وينشد.

وفي عام 1371/ 1951 ميلادي تأسس القسم المتوسط وحدث في المعهد تطور، بحيث غدا يضم المرحلة الابتدائية والمرحلة المتوسطة تحت اسم معهد أنجال ولي العهد . وفي عام 1373/ 1953 ميلادي ضم إليه القسم الثانوي وكان يحوي حوالي 15 طالبة واستمرت المدرسة في تطورها حتى دمجت مدرسة الأمراء فيها بعد وفاة الملك عبد العزيز فأصبحت مدرسة واحدة أطلق عليه معهد أنجال جلالة الملك سعود.

تأسست المدرسة في بدايتها على يد اثنين من المعلمين هما الأستاذ عبدالله حسين وعبد الرحمن قهیدان، وفي عام 1383/1993 ميلادي، انتقل المعهد إلى مبناه الجديد بالناصرية وطلب إليه مهرة من المدرسين المصريين أصحاب الخبرات والمؤهلات والخبرات، فتطورت المدرسة تطور ملحوظ وواسع، حيث أصبح لكل مادة مدرسون مختصون وكان على رأس الجميع مشرف فني هو الأستاذ صالح جمال مهمته توزيع الدروس بناء على الاختصاص.

وكان المعاون الأول لمدير المدرسة الأستاذ عثمان الصالح. وقد بلغ عدد طلابه في ذلك الوقت إلى 1990 طالباً وعدد معلميه 90 معلماً وعدد فصوله 53 فصلاً  واستمر المعهد  في قيامه في مهامه في الجانب العلمي والثقافي حتى الآن باسم معهد العاصمة النموذجي.

مدارس القرعاوي :

سميت بذلك نسبة إلى الشيخ عبدالله بن محمد القرعاوي الذي غادر من القصيم إلى منطقة الجنوب وبالتحديد منطقة جازان من أجل نشر التعليم فيها إلى جانب نشر الدعوة السلفية، فافتتح له مدرسة في صامطة ثم افتتح مدرسة أخرى في فرسان، ثم مدرسة ثالثة في قرية أخرى  في منطقة مجاورة وهكذا بدأ القرعاوي في إنشاء المدارس الأهلية في مناطق كثيرة من الجنوب، أما المناطق الجبلية وعسير فلم يتطلع إليها الشيخ إلا بعد عام 1395/ 1945 ميلادي وذلك بعد مقابلته   أميرها تركي السديري وطلب منه ذلك، فاستأذن القرعاوي من الملك عبد العزيز وبدأ في فتح مدارس في منطقة عسير.

كان منهج الدراسة في تلك المدارس يعتمد على قسمين: قسم للمبتدئين وآخر للمتقدمين، وكلا القسمين  يقوم في تدريس مواد مختلفة كان منها القرآن والحديث والتوحيد والفقه واللغة العربية والتاريخ والحساب والإنشاء والخط والإملاء. أما مستحقات تلك المدارس فكانت في بداية الأمر من أموالة الخاصة، ثم تولت الحكومة سواء في عهد الملك عبد العزيز أو الملك سعود تكاليف هذه المدرسة، حيث كان الأمير سعود عندما كان ولياً للعهد يشجع دعوة الشيخ وحركته التعليمية.

لذلك فقد أمر جلالته عندما تولى الحكم في تخصيص ميزانية المدارس القرعاوي  تقدر بما يقارب أربعة ملايين ر.س ونصف المليون من الريالات، تصرف منها رواتب المعلمين والإداريين والكسوة ومؤونة الطلبة المغتربين. وقد استمرت حركة الشيخ القرعاوي التعليمية في التوسعة ولاقى الثقة والمؤازرة والدعم من الدولة، لذلك كلفته الدولة بتولي منصب مدير مدارس الجنوب الأهلية، بالإضافة إلى معتمدية المعارف بجازان.

وقد سلكت مدارس القرعاوي على نحو جيد لا بأس به إلى آخر عام 1377/ 1955 ميلادي، فبدأت تلك المدارس يقل عددها. وفي عام 1380/ 1990 ميلادي صدر أمر بضم ما بقي من مدارس الشيخ القرعاوي إلى وزارة المعارف  وذلك بسبب توحيد التعليم في البلاد.

المدرسة الأهلية في بلجرشي:

أنشأت في عام 1370/ 1950 ميلادي وكان المشرف عليها في عهد الملك سعود محمد بن علي جماح الغامدي، كانت تقوم في عملية تدريس المرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية وتعطي شهادات وتعطي بعض المكافآت المشجعة والمحفزة للطلبة. وعندما زار الملك سعود المنطقة في عام 1374/ 1954 ميادي أعان المدرسة وقرر لها ميزانية سنوية تقدر ب 78 ألف ر.س، كذلك أعان المدرسة السلفية الأهلية في قرية جافان.


شارك المقالة: