الثقافة والمجتمع عند وليامز:
العالم رايموند وليامز ناقد وراوي من الجنسية البريطانية، يعتبر وليامز من أشهر أنصار المواد الثقافية، من أشهر الكتب التي ألفها: الثقافة والمجتمع الذي كان في نهاية عام 1955، إذّ اعتبر هذا الكتاب الهدف والجانب الرئيسي لفكرة وليامز عن الثقافة وعلاقتها بالمجتمع.
بما يمثل المجتمع من سياق تاريخي ممتد من الماضي إلى الحاضر، على صورة ثقافات متغيرة تتوقف عن التغيرات المؤثرة في الحياة الاجتماعية والتي تؤثر بدورها في تطور فكرة الثقافة من جهة، وفي طرائق فهم المجتمع لفكرة الثقافة، من جهة أخرى.
إذّ يرى العالم وليامز أن التقدم الذي حدث على فكرة الثقافة هو عبارة عن سجل لردود الحركات والأفعال ذات الطوابع الثقافية، وهو سجل فكري وشعوري للظروف المتغيرة في حياتنا العامة ويعيد هذا العالم التأكيد على هذه الفكرة بعبارة أخرى، من شدة اقتناعه بها بقوله: “وتاريخ فكرة الثقافة هو سجل لمفاهيمنا ومعانينا التي يجب أن تفهم عبر سياق أفعالنا الثقافية”.
وقد ورد عن العالم وليامز أن التكلم عن تاريخ تطور فكرة الثقافة يستدعي استحضار التاريخ الثقافي للمجتمع الإنجليزي، وعراقته الفنية والنقدية كأمر لا يمكن تجاهله لانشاء مثل هذه المعرفة، وحسب رأيه أن فكرة الثقافة قد مرت بتاريخ من التطور والتحول، تغير فيها منطق المعنى ومحدداته واتجاهاته، وهذا التطور كان يستجيب من جهة لتطور وتراكم المعرفة، ولطبيعة التطور الاجتماعي، من جهة أخرى.
والجانب الرئيسي الذي قامت عليه كتبه كما يقول، هو استكشاف أن فكرة الثقافة واللفظة ذاتها في استعمالاتها الحديثة والعامة، برزتا في التفكير الإنجليزي في الفترة التي نصفها عادة بالثورة الصناعية وما يستهدفه هذا الكتاب، هو تبيان كيف حدث هذا ولماذا حدث، ثم متابعة الفكرة وكيف وصلت إلينا، وبذلك يغدو سرداً وتفسيراً لاستجاباتنا في مجال الشعور والتفكير، تجاه التغيرات التي الكتاب كما يضيف وليامز، حدثت في المجتمع الإنجليزي، منذ أواخر القرن الثامن عشر.
لقد راقب العالم وليامزالتغير الذي حدث لخمس ألفاظ أساسية هي: الصناعة، والديمقراطية، والطبقات، والفن، والثقافة، والتغيرات التي حصلت في تركيبة معاني هذه المصطلحات إلى أن وصل إلى لفظة ثقافة، فحدد تأقلم المفاهيم التي مرت بها في تسلسلاتها التاريخية.
فبعد أن كان مفهومها قبل تلك الفترة يدل على اتجاه التكاثر الطبيعي، أصبح فيما بعد يدل على تهذيب شيء ما في العادة، إلى أن تغير المعنى وأصبحت لفظة في حد ذاته، وذلك في القرن الثالث عشر، الثقافة تعني شيئاً في أوائل القرن التاسع عشر.
فقد أصبح المعنى الذي يختص بها مستقلاً كما تحدث هذا العالم حالة أو عادة عقلية عامة تتمسك بفكرة الكمال الإنساني الرئيسي، وهذا ما تعنيه من معنى لآخر، الحالة العامة للتطور الفكري في مجتمع بأسره، إلى جانب معنى ثالث هو الكيان العام للفنون.
وإلى نهاية القرن الثامن مفهوم الثقافة أصبح يعني مفهوماً آخر، هو أسلوب يضم الحياة المادية والعقلية والروحية بشكل كامل وهذا المفهوم الأخير للثقافة هو الذي أخذه وليامز ودافع عنه.
يؤكد بعض الدارسين على أن مراحل تقدم تاريخ فكرة الثقافة عند العالم وليامز، فيها نوع وأسلوب من أساليب التحدث الزائد بسبب توسعه واكتفائه بالكُتّاب الإنجليزية فقط عن غيرهم، وبالرغم من أن الباحث تيري إيجلتون درس ودقق على الثقافة الأكبر في بريطانيا ما بعد الحرب، اعتبر وليامز من أبرز علماء الثقافة إلا أنه لم يتحدث عنه في كتابه.
فكرة الثقافة عندما عد العالم وليامز المفاهيم والمصطلحات المتعددة والمختلفة والمتعاقبة للثقافة، فقد وجد أحد العلماء كما يقول أنه في أي منطقة، بكمّ محدد ومعين عند رايموند وليامز، الذي قدّم حولها تعقيد فكرة الثقافة التي كانت تتضح في البداية.
ومن أهم التعريفات والمصطلحات للثقافة، في مراحل متعددة ومختلفة من عمله وفي الحقيقة أن العالم وليامز لم يقوم بتقديم نظرية في تحديد وتعيين العلاقة بين الثقافة والمجتمع أو النظرية المحددة التي تختص في الثقافة، بل عمل على عرض تجارب الكُتّاب والباحثين والنقاد المؤثرين، والذين ينتمون إلى ثالث العصور تمتد من عام 1780 إلى عام 1950، فكتابه يؤرخ لتاريخ الثقافة في المجتمع البريطاني، ويفترض أن مثل هذا العمل يختم بنظرية أو بتصور حول موضوعه القائم على السرد التاريخي.