عندما أصبحت الجمعية الوطنية الفرنسية هي الهيئة الوحيدة المسؤولة عن شؤون البلاد في فرنسا، وذلك بعد أن جُرّد الملك من أكثر سلطاته وعمل على جعل الشعب ممثَّلاً في مندوبيه.
دور الكنيسة في الثورة الفرنسية:
قامت الجمعية الوطنية الفرنسية بمحاولة حل الأزمة المالية التي كانت تعاني منها فرنسا، حيث كانت الأزمة المالية هي الشرارة الأولى في اندلاع الثورة، والتي بقيت منذ ذلك الوقت تزداد حدة وخطورة، وقد كانت خزينة الدولة الفرنسية بحاجة ماسة إلى المال، وكان يجب على الجمعية الوطنية الفرنسية توفير ذلك المال، ومن أجل تلك المشكلة قام الراهب الفرنسي “تاليران” والذي كان عضواً في الجمعية الوطنية، بتقديم اقتراح بمصادرة جميع أملاك الكنيسة والتي كانت تُقدّر قيمته حينها مليارين وثلاثة مليارات ليرة.
وتم الموافقة على الاقتراح الذي قدمه الراهب تاليران، وقد كان ذلك الاقتراح شديد الخطورة والذي تم الإقدام عليه دون دراسته أو التفكير فيه، وفي عام 1789 ميلادي قامت الحكومة بإصدار سندات على الخزينة؛ وذلك بضمانة أملاك الكنيسة والتي يجب عليها أن تسدد قيمة السندات في المستقبل من ربيع بيع تلك الأملاك، إلا أن تلك السندات لم تحل المشكلة إلا بصورة مؤقته فقط، وقد قامت الدولة الفرنسية بإصدار عدة إصدارات فضعفت قيمتها أمام الناس وفقدوا الثقة فيها.
وقد استمر العجز في خزينة فرنسا؛ ممّا جعل نيكر (وزير فرنسي) يستقيل من منصبه في عام 1790 ميلادي ويهاجر إلى سويسرا، وبقي العجز بعد ذلك ملازماً لجميع حكومات الثورة الفرنسية، ولمّا تم تجريد الكنيسة من جميع ممتلكاتها، فقد أصبح على الثورة تنظيم أمورها والعمل على توفير موارد لرجالهم؛ من أجل أن يستمروا في رسالتهم، وقد قامت الجمعية الوطنية الفرنسية بإصدار قرار الدستور المدني في عام 1790 ميلادي، والذي كان يقتضي إعطاء الشعب حرية اختيار الأساقفة بعد أن كان ذلك القرار مقتصراً على الملك والبابا.
وبعد ذلك أصبح الأساقفة يأخذون رواتبهم من خزينة الدولة، وأصبح رجال الدين عبارة عن موظفين يقومون بخدمة الشعب، وقد كان هذا الأمر شديد الخطورة؛ لأنه يتنافى مع تقاليد الكنيسة القديمة، ويجعل من عمل رجل الدين عبارة عن وظيفة مأجورة، وبينما هي عبارة عن رسالة مهمة، ولم توافق الكنيسة على تلك القرارات وطلبت الجمعية الوطنية من رجال الدين، أن يقسموا يمين الولاء للملك والشعب والقانون المدني الجديد، وقد أدت تلك القرارات إلى صراعات مع البابوية.