السلوك العدواني تبعًا لعلم النفس يعرف بأنّه هو أي عمل وفعل يؤدي إلى إيقاع الأذى بأشخاص أو بحيوانات أو إلحاق الضرر بالممتلكات المادية، حيث إنّ العدوان والعنف عبارة عن بنيات غير متجانسة، ولكن أساليب الفرز بما في ذلك الفروق حسب المسار التنموي وتطور الشدة وأنواع السلوكيات، فتوضح طرقًا لإضفاء مزيد من الوضوح على وصفها وتحديد هويتها، ويُظهر السلوك العنيف على مدى التطور مسارًا مشابهًا لمنحنى العمر والجريمة العام، بينما يكشف السلوك العدواني عن معدلات عالية من العدوانية في مرحلة الطفولة المبكرة والتي بالنسبة لمعظم الأفراد تتوقف عند المراهقة.
السلوك العدواني وتطوره مع العمر
من أكثر الاكتشافات الإجرامية رسوخًا هو منحنى العمر والجريمة الذي يلتقط طبيعة الجنوح المصنفة حسب العمر، ويشبه منحنى العمر والجريمة حرف (U) المقلوب، حيث لا يوجد التورط المتأخر حتى سن 12 تقريبًا ثم يرتفع بشكل حاد حتى سن 18 أو 19 عامًا وعند هذه النقطة يبدأ في الانخفاض بسرعة نسبيًا، وبحلول سن الثلاثين تقترب معدلات التورط الإجرامي من الصفر وتظل على هذا النحو طوال بقية الحياة، ولوحظ منحنى العمر والجريمة في فترات زمنية مختلفة في بلدان مختلفة وبواسطة تقنيات منهجية مختلفة، حيث إنّه باختصار نتيجة إجرامية قوية، وكنتيجة مباشرة لم يكن هناك سبب وجيه للشك في أنّ منحنى العمر والجريمة قد لا يرسم صورة دقيقة لمد وجذر الانحراف بمرور الوقت.
يرجع جزء من سبب عدم وجود خلاف ضئيل حول علاقة العمر بالجريمة إلى أنّ معظم علماء الجريمة يدرسون المراهقين والبالغين، لكنهم يفشلون في التحقيق في السلوكيات المعادية للمجتمع بين الأطفال، فبعد كل شيء كيف يمكن للأطفال ارتكاب جرائم مثل الاغتصاب أو السرقة أو الاعتداء؟ وهذا بالطبع سؤال بلاغي، فالأطفال في الواقع لا يستطيعون ارتكاب هذه الأنواع من الجرائم، ومع ذلك يمكنهم البدء في إظهار علامات السلوكيات المعادية للمجتمع ويمكنهم الانخراط في أشكال مختلفة من العدوان خلال السنة الأولى أو الثانية من الحياة، ومع ذلك تكمن المشكلة في أنّ هذا القسم من مسار الحياة لم يتم دراسته على نطاق واسع بين علماء الجريمة.
في مرحلة الطفولة يبلغ سن الذروة الذي يستخدم فيه الأطفال العدوانية والعنف حوالي 2 إلى 3 سنوات وبعد ذلك تنخفض معدلات العدوانية حتى منتصف المراهقة، والأنواع الأخرى من السلوكيات المعادية للمجتمع التي ليست بالضرورة عدوانية في حد ذاتها هي أيضًا سلوكيات عالمية تقريبًا بين الأطفال، على سبيل المثال وجد تريمبلاي وزملاؤه أنّ ما يقرب من 90٪ من الأطفال يأخذون الأشياء من الآخرين، ومع تقدم العمر تصبح كل هذه الأنواع من السلوكيات أقل انتشارًا.
فئات السلوك الإجرامي والظهور الإجرامي
بناءً على الدراسات التي فحصت الاستقرار السلوكي قام علماء الجريمة أيضًا بفحص ما إذا كان سن البداية الإجرامية مرتبطًا بالسلوكيات المخالفة في وقت لاحق من الحياة، وعادة ما يتم تقسيم سن البداية الجنائية إلى فئتين:
1- فئة السن المبكرة للظهور الإجرامي
على الرغم من وجود العديد من الطرق لتفعيل سن مبكرة للظهور الإجرامي، فإنّ معظم علماء الجريمة يقيسون المخالفة المبكرة من خلال فحص العمر عند أول اعتقال، وعادة ما يعتبر الجناة الذين تم القبض عليهم في سن 14 أو قبلها مجرمين مبتدئين، في حين أنّ أولئك الذين تم القبض عليهم بعد سن 14 يعتبرون في سن متأخرة من الظهور الجنائي.
وقد أظهرت النتائج المستوحاة من مجموعة مؤلفات مثيرة للإعجاب أنّ الجناة الذين لديهم سن مبكرة من ظهور المجرمين يكونون أكثر عنفًا وعدوانية عند مقارنتهم بالمجرمين الذين لديهم سن متأخرة في الظهور الإجرامي، وعلى عكس الجناة في وقت لاحق ينخرط الجناة في وقت مبكر في الأفعال الجانحة، وارتكاب جرائم أكثر خطورة وعنيفة والاستمرار في ارتكاب السلوكيات الإجرامية لفترة أطول من الوقت وعادة حتى مرحلة البلوغ، ووفقًا لجميع المعايير الموضوعية يكون لدى الجناة في وقت مبكر تكهن أسوأ بكثير من حيث النتائج الجنائية مقارنة بالمجرمين الذين لديهم سن متأخرة في الظهور الإجرامي.
2- فئة السن المتأخر لبدء الجريمة
تتمثل إحدى المآزق الرئيسية في قياس بداية المخالفة بإحصاءات رسمية للجريمة (على سبيل المثال العمر عند أول اعتقال جنائي) في أنّ النزعات العدوانية تبدأ في الظهور في وقت أبكر بكثير من سن الجريمة الرسمية، ولهذا السبب جادل تريمبلاي وآخرون بأنّ منحنى العمر والجريمة لا يرسم بالضرورة صورة دقيقة للتورط الإجرامي بمرور الوقت، وبدلاً من ذلك يتجاهل الطفولة المبكرة ويتظاهر بأنّ هذه المرحلة من مسار الحياة ليس لها تأثير على السلوك العدواني في وقت لاحق من الحياة.