اقرأ في هذا المقال
- قيام الدولة السلجوقية
- ما هو أصل السلاجقة؟
- الوضع الداخلي في بغداد عشية زحف السلاجقة باتجاه الغرب
- دخول السلاجقة بغداد
قيام الدولة السلجوقية:
بقيام السلاجقة الترك، بزغ عصر جديد هام في تاريخ الخلافة والإسلام. ولما ظهروا من الشرق في مطلع القرن الحادي عشر الميلادي كان الخليفة لا يتمتع بشيء من سلطة الخلافة الحقيقية وكانت دولة الخلافة العباسية قد تمزقت إرباً إرباً. فالأمويون قد استتب أمرهم في الأندلس وكذلك العبيديون في مصر وشمالي إفريقية، ولم يعد لبغداد من سبيل إلا القضاء على شوكة هؤلاء جميعاً.
أما شمالي سورية والجزيرة الفُراتية فقد شاهدنا كيف أصبح أمرهم ومال إلى أيدي زعماء من الثائرين العرب نجح بعضهم في تأسيس دولة قوية. ثم إن فارس وما وراء النهر قد تقاسمها بنو بويه أو امتلكها حُكام مختلفون يترقب كل منهم الفرصة للفتك بمنافسه، حتى عمّت الفوضى السياسية والعسكرية جميع الأنحاء. وتفاقم الخطب المذهبي بين السُنّة وغير سُنّة بحيث شيل للناظر أن دولة الإسلام في طور النزع الأخير. تلك كانت حال الخلافة الإسلامية حين ظهرت على مسرحها السياسي، وعلى أنقاض أسلافهم البويهيين (الإمارة السلجوقية).
ما هو أصل السلاجقة؟
ينحدر السلاجقة من قبيلة قنق الغزية التركية وينتسبون إلى جد هو سلجوق بن دقاق، وكانت منازلهم في الصحراء الواسعة والسهوب الممتدة من الصين حتى شواطىء بحر الخزر، اعتنقوا المذهب السُئّي ونصروه بغيرة وحماسة.
وفي عام (375 هجري)/(985 ميلادي)، نزحوا من موطنهم الأصلي إلى بلاد ما وراء النهر وخراسان بسبب الظروف الاقتصادية السيئة فى هذه المناطق الصحراوية أو بسبب الحروب التي كانت تدور بين القبائل المختلفة عادة، فاصطدموا بالغزنويين الذين كانوا يُسيطرون على المنطقة، وطردوهم منها بعد سلسلة من الاصطدامات.
وأسس السلطان السلجوقي طغرلبك دولة في خراسان في عام (431 هجري)/(1040 ميلادي)، على أثر انتصاره على السلطان مسعود الغزنوي في معركة داندانقان. واعترف الخليفة العباسي القائم به سُلطاناً في العام التالي. واصل السلاجقة سياستهم التوسعية في فارس ضمن دائرة اعتراف الخلافة العباسية، بهدف القضاء على قوة البويهيين، تمهيداً لمد نفوذهم إلى العراق.
فاستولوا على الري في عام (432 هجري)/(1041 ميلادي)، ودخلوا في العام التالي جرجان وطبرستان، واستولى السلطان طغرلبك في عام (442 هجري)/(1050 ميلادي)، على أصفهان واتخذها عاصمة له، ثم ضمَّ بعد أربع سنوات إقليم أذربيجان. وهكذا قامت دولة السلاجقة العظام في خراسان وفارس، وأضحت جيوشهم على أهبة الاستعداد لدخول العراق.
الوضع الداخلي في بغداد عشية زحف السلاجقة باتجاه الغرب:
كان الأوضاع الداخلية في منطقة بغداد، آنذاك كا في حالة من الزعزعة، يحتوي على حالة من الفوضى وعدم الراحة مما ساهم في عملية على إصلاح الطريق أمام مهمة وصول السلاجقة إليها، وضمّ العراق إلى دولتهم التي أسسوها في خراسان وإيران، وذلك بفعل الخلافات الأُسرية داخل البيت البويهي. إذ قامت النزاعات والتنافسات بين الأمراء البويهيين من جهة وبينهم وبين الجند من جهة أخرى، كما انتشرت الفتن بين الجند.
ففي عام (424 هجري)/(1033 ميلادي)، أضحى التنافس بشكل واضح بين جلال الدولة البويهي وبين ابن أخيه أبي كاليجار، وخُطب على المنابر في بغداد. وأصبحت المدينة شكلاً من أشكال الشغب والمنازعات المذهبية والأسرية. ولما وافته المنية لجلال الدولة في عام (435 هجري)/(1044 ميلادي)، لم يتمكن ابنه الملك العزيز من الاحتفاظ بالحكم طويلاً، مما دفع أبو كاليجار إلى تثبيت أقدامه في الحكم، واستقر في بغداد في عام (436 هجري)/(1045 ميلادي).
بسبب هذا التنافس العائلي، وبسبب ثورات الجند المستمرة، فقدت الأمن والأستقرار في بغداد. وقد شعر الخليفة العباسي بهذا التفكك والانحلال، ورأى أن الدولة البويهية عاجزة عن إقرار الأمور في العراق.
دخول السلاجقة بغداد:
حينما وصل السلاجقة العظام على العراق، كان أبو الحارث أرسلان البساسيري، أحد قادة بني بويه الأتراك، كان يحكم على بغداد وما حولها، كما أن لدية نفوذ كبير لدرجة أنه أصبح يُخطب له على المنابر في العراق والأهواز. ولم يُعد بإمكان أيّ من الخليفة العباسي أو الملك البويهي، اتخاذ أي قرار يتعلق بأمور الدولة إل بعد موافقته. وقد شكل هذا القائد خطراً حقيقياً على الخلافة العباسية والدولة البويهية.
أما خطره على الخلافة العباسية، فقد تجلّى في عام (446 هجري)/(1054 ميلادي)، حين نشب الخلاف بينه وبين الخليفة القائم، مما دفعه للاتجاه نحو الفاطميين، واستعان بهم، وأما خطره على الدولة البويهية، فقد تجلّى فى الخلاف الذي نشأ بينه وبين الملك الرحيم البويهي، مما هدّد النفوذ البويهي في العراق بعد ضياع أملاك البويهيين في إيران على يد السلاجقة.
في هذا الجو المضطرب، أخذ كل طرف يسعى لمصلحته. أما الخليفة الذي فقد ثقته بمن حوله، رأى أن مصلحته تقضى عليه الاتصال بالقوة الغالبة، خاصة وأنها كانت تدين بالمذهب السُنّي، وتحترم الخلافة، وتدين لها بالولاء. فاستنجد بالسلطان السلجوقي طغرلبك طالباً مُساعدته ضد البساسيري.
سنحت للسلطان هذه الفرصة، وقاد بجيوشه إلى منطقة بغداد، ودخلها في عام (447 هجري)/(1055 ميلادي). كما أنهُ قبل الخليفة به حاكماً على كل المناطق التي بين يديه وأمر بأن يُذكر اسمه في الخطبة. وهكذا دخل العراق ضمن دائرة نفوذ السلاجقة العظام.