خلفاء وحكام العصر العباسي الحديث

اقرأ في هذا المقال


الخليفة القاهر بالله محمد بن أحمد المُعتضد:

هو محمد بن أحمد المعتضد، ولد عام (287 هجري)، أمّه أم ولد تُدعى (فتنة). فبعد مقتل أخيه المُقتدر جيء به وبابن أخيه عبد الله بن علي المكتفي، وكان عبد الله زاهداً بالخلافة فلم يجبهم إلى ما يريدون، وقال: عمي أحقّ بها مني، وكان عمره يومذاك سبعاً وثلاثين سنة، وبعد أن بويع القاهر بالخلافة عذَّب آل أخيه المقتدر. وكان بطّاشاً سفّاكاً للدماء، سيء السيرة، يُكنّى أبو منصور.

شغب عليه الجند عام (321 هجري)، واتفق مؤنس الخادم وآخرون على خلعه: منهم محمد بن مُقلة أبو علي، وعلي بن بليق، ووصل الخبر إليه فاحتال عليهم، وذبحهم، وتمكّن أبو علي محمد بن مُقلة من الاختفاء. واستقام الأمر بعدئذٍ للقاهر. فأمر بمنع الخمر، وتحريم القيان وبيع المُغنيّات من الجواري، وقبض على المُغنين، وكسر آلات اللهو، ونفى المخابيث ومع هذا كله كان مُغرماً بسماع الغناء، وتعاطي الخمرة.

وفي عام (322 هجري)، دخل الديلم أصبهان بإمرة (مرداويح بن زياد الديلمي)، الذي كان من قواده علي أبي الحسن بن بويه فالتقى مع قائد الخليفة الخلافة. حرّض ابن مقلة من مخبئه على القاهر، فدخل عليه الجند فهرب، فلحقوا به، وقبضوا عليه في (6) جمادى الآخرة، فامتنع عن خلع نفسه، فكحل بقضيب حديد مُحمى، ثم حبس حتى عام (333 هجري)، ثم أطلق سراحه، وبقي حتى مات عام (339 هجري)، وأصابته الحاجة حتى سأل الناس في أواخر حياته. وكان عمره عندما توفي اثنتين وخمسين سنة، ومُدة خلافته سنة وستة أشهر وأسبوع.

الراضي بالله محمد بن جعفر المُقتدر:

هو محمد بن جعفر المقتدر، ولد عام (297 هجري)، وأمه أم ولد تُدّعى (ظلوم)، يُكنّى أبو العباس،‏ وتمَّ مُبايعته بالخلافة بعد خلع عمه القاهر وذلك عام (322 هجري)، فكان عُمره خمسة وعشرين عاماً، كان سمحاً، كريماً، أديباً، شاعراً، فصيحاً، مُحباً للعلماء، له شِعر مُدوّن، وسمع الحديث من البغوي.

وكان أسمر اللون، أعين، خفيف العارضين، وكان ذو سُمرة رقيقة، ذري اللون، أسود الشعر، قصير القامة، وجسمه نحيف في وجهه طول، وفي مقدم لحيته تمام، وفي شعره رقة، يُحب مجالسة الأُدباء والفُضلاء.

مات مقدم الديلم (مرداويح)، وغدا علي بن بويه سيد الموقف في فارس وخراسان، وقاطع الخليفة على البلاد التي استولى عليها بمائة مليون درهم، لكنه كان يُماطل بالدفع. وقلّد الراضي ولديه أبا الفضل، وأبا جعفر المشرق والمغرب. وانقطع الحج من بغداد في أيامه بسبب القرامطة الذين يعيثون الفساد في البلاد، واستمر انقطاعه حتى عام (327 هجري)، حيث تدخل في الأمر الشريف أبو علي محمد بن يحيى إذ كان القرامطة يحترمونه، ووافق القرامطة على أن يُدفع لهم عن كل جمل خمسة دنانير وعن المحمل سبعة دنانير.

قام باستدعاء الخليفة الراضي محمد بن رائق من منطقة واسط ليقوم بولايته إمرة الأمراء فجاء ومعه الأمير (بجكم)، وأصبح كل شيء بأمر محمد بن رائق، وضعف أمر الخلافة جداً، واستقل الولاة كل بما تحت يده، ولم يبق للخليفة سوى بغداد وما حولها والأمر فيها أيضاً لمحمد بن رائق، والخليفة ألعوبة بيده أو صورة على الأقل.

وجاء الأمير (بجكم)، مُخالفاً لابن رائق الذي اختفى، فقرّب الخليفة (بجكم)، وحلَّ محلّ ابن رائق. وطلب ملك الروم مفاداة بين المسلمين والروم وأرسل الهدايا إلى الخليفة، وتم ذلك في عام (326 هجري)، وكان عدد أسرى المسلمين الذين بيد الروم حوالي ستة آلاف مسلم. ومات الخليفة الراضي عام (329 هجري)، وعمره اثنتان وثلاثون سنة، وكانت مُدة خلافته سبع سنوات تقريباً.


شارك المقالة: