الرعاية الاجتماعية الإسلامية على مستوى المجتمع

اقرأ في هذا المقال


يندرجُ تحت نمط هذه الرِّعاية كافَّة برامج الرِّعاية الاجتماعية على المستوى الفردي أو على مستوى الأسرة، وذلك بحكم أنَّ الأسرة هي نواة المجتمع.

التكافل العام

في حالةِ عدمِ وفاءِ الزَّكاة بمقابلة احتياجات الفقراء في المجتمع فالأغنياء لا بدَّ أنَّ يتكفَّلوا برعايتهم، ولم تكتفِ معطياتُ التشريعِ بالحثِّ على التَّكافل ولكنَّها في نفس الوقت تحول دون التعدي والإيذاء من جانب القادرين على المُحتاجين سواء بالظلم أو الغش والتَّملُّك غير المشروع أو السخرية والاحتقار ويؤكِّد التشريع على أداء الأمانة والوفاء بالعهد والتَّراحم وبُغض البخل والشُّح.

رعاية الأيتام

لقد حظيت رعاية الأيتام بالاهتمام في التَّشريع الإسلامي الحنيف، ويُلاحَظ ذلك من خلال العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تؤكِّد على الاهتمام باليتيم، وإيوائه، والنَّهيّ عن أكل ماله، والعمل على استثمار أمواله لحين بلوغه من العُمر ما يسمح لهُ بالتَّصرف الرَّشيد فيهِ.

الجوار والصدقة

أكدّ التشريعُ الإسلاميُّ على الإحسانِ إلى الجارِ ذي القربى، والجار الجنب، وفي ذلك إحقاقٌ لحقِّ الجار على جارهِ وإعطاؤهِ الأولوية في الرعاية بما يحقِّق التَّكافل والأمن ونزع الحقد أو الحسد، بلّ يحلّ مكانهُ تمني الخير للآخرين على أساس أنَّ الجارَ سوف يصيبهُ الخيرُ من وراء ذلك، وسوف ينعكسُ أثرَهُ عليهِ بطريقةٍ غير مباشرة.

المؤاخاة في الإسلام

وهي رعايةٌ لمقابلة احتياجات الإخوة في الإسلام دونَ أن يكون هناك قرابة رحم أو جيرة، وكان أحسن صورة لها عندما آخى رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ بين المهاجرين والأنصار عند الهجرة إلى المدينة، وكان للمؤاخاة أهميةٌ في الرَّعاية الاجتماعية، ومُساعدة المحتاجين من المسلمين فيما بينهم.

مسؤولية الدولة

يؤكِّد الإسلامُ على مسؤوليةِ الدَّولةِ بصفةٍ عامَّة على المواطنين فيها، وتنظيم بيت المال في عصر الخلافة ومُواجهة المُشكلات المُجتمعيَّة، وقيام الدَّولة بدورها على الوجه الأكمل، ولنا في التجربة العُمريَّة ( نسبةً إلى عمر بن الخطاب) العِظَة والحكمة، فقد كان يرى أنَّ حصولَ الفقير على نصيبٍ من بيت المال ليس من باب التَّبرُّع والإحسان ولكن هو حقٌّ مشروعٌ، وكان المسلمون على مرِّ العصور يقومون بالمسؤوليات على الوجه الأكمل في الدولة من النواحي التخطيطيَّة والتنظيميَّة والتنفيذيَّة.

الرعاية الاجتماعية الإسلامية على مستوى المجتمع: رؤية شاملة

تتميز الرعاية الاجتماعية في الإسلام بأسس إنسانية وأخلاقية تجعلها نموذجًا فريدًا لتلبية احتياجات المجتمع. يُعتبر الإسلام منهجًا شاملاً يدعو إلى تحقيق التوازن بين الجوانب الروحية والاجتماعية والاقتصادية في حياة الفرد والجماعة. في هذا السياق، يستعرض هذا المقال الرعاية الاجتماعية في الإسلام على مستوى المجتمع.

1. الزكاة: توازن الثروة والفقر

تعتبر الزكاة ركيزة أساسية في الرعاية الاجتماعية الإسلامية. تقوم الزكاة على فكرة توزيع الثروة بين فئات المجتمع، حيث يُشجع على إعطاء جزء من الثروة للمحتاجين والفقراء. يُعتبر هذا التوجيه الديني واجبًا اجتماعيًا يُسهم في تحقيق توازن في المجتمع.

2. الرعاية الاجتماعية للأيتام والفقراء: التراحم والعناية

تكرس الشريعة الإسلامية اهتمامًا خاصًا للأيتام والفقراء. يُشجع المسلمون على رعاية الأيتام وتوفير الدعم الاجتماعي لهم، مع التركيز على الرحمة والرفق. يقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا”، ويشير إلى إحاطة الله بالراعين للأيتام.

3. المشاركة في تحسين البيئة الاجتماعية: الأخلاق والتعاون

تشجع القيم الإسلامية على التعاون والمشاركة في تحسين البيئة الاجتماعية. يُعلم المسلمون أن الرعاية ليست مقتصرة على المساعدة المالية فقط، بل تمتد لتضم الدعم العاطفي والنفسي أيضًا. يحث الإسلام على الأخلاق الحميدة والتعاون المستمر لتعزيز التضامن في المجتمع.

4. العدالة الاجتماعية: تحقيق المساواة والإنصاف

تعتبر العدالة الاجتماعية من قيم أساسية في الإسلام. يُحث المسلمون على نشر المساواة والعدالة في جميع جوانب الحياة الاجتماعية. يتوجب على المجتمع الإسلامي أن يسعى جاهدًا لضمان تكافؤ الحقوق والفرص للجميع.

5. الرفق بالحيوان والبيئة: حماية الخلق والأرض

تدعو القيم الإسلامية إلى الرعاية والرفق بالحيوانات والبيئة. يُعتبر الاهتمام بالبيئة وحمايتها واجبًا اجتماعيًا ينطلق من مفهوم الخلقية الإسلامية.

في الختام، يُظهر الرعاية الاجتماعية في الإسلام استمرارية القيم الإنسانية والأخلاق في بناء مجتمع يسعى للتوازن والعدالة والتضامن. يتطلب هذا التوجه تفعيل القيم الإسلامية في الحياة اليومية وتحويلها إلى عمل فعّال يخدم الفرد والجماعة.


شارك المقالة: