السياسة والمجتمع في علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


السياسة والمجتمع في علم الاجتماع:

من بين أكثر الظواهر انتشاراً في الحياة الاجتماعية المعاصرة، تعاظم الدور الذي تلعبه السياسة في الحياة المادية والثقافية للإنسان، فالسياسة تؤثر في الاقتصاد، وفي شكل وتوزيع السلع المادية، وفي الأيدولوجيا، والثقافة والأخلاق، والأسرة وأسلوب الحياة، وباختصار تؤثر في كافة جوانب الحياة الاجتماعية، هذا فضلاً عن أن الأحداث السياسية المعاصرة التي شملت الثورات الاجتماعية وتكوين الأنظمة الاشتراكية وغير الاشتراكية وتفكك الإمبراطوريات الاستعمارية ونشأة الدول القومية والصراع الطبقي والدولي والتغير في أساليب الاتصال والتكنولوجيا العسكرية، قد جعلت هذه الأحداث من الظاهرة السياسية قوة اجتماعية ومحوراً لاهتمامات الباحثين.

ويعتبر علم الاجتماع من أهم العلوم الاجتماعية التي ترتبط بعلم السياسة، إذا أن ميدانهما يكاد يكون واحداً، وإن اتسع نطاق ومدى دراسات علم الاجتماع كثيراً عن مثيله في علم السياسة، فعلماء الاجتماع ينظرون إلى الدولة التي تمثل صلب الدراسة في علم السياسة، على أنها أحد النظم الاجتماعية التي يتناولها علم الاجتماع بالدراسة، ونتيجة لهذه العلاقة ظهر فرع جديد من فروع علم الاجتماع يجمع بين علم الاجتماع وعلم السياسة هو علم الاجتماع السياسي.

ويلتقي مصطلح علم الاجتماع السياسي بمصطلح علم السياسة إلى حد كبير فيما عدا أن المصطلح الأول يتعدى المصطلح الثاني بالالتفات إلى وجهة النظر العلمية الموضوعية الشاملة التي تبدأ من تداخل الظواهر السياسية وتساندها مع غيرها من ظواهر المجتمع، ويوجد مفهومان يتصارعان حول الاستحواذ على مضمون علم الاجتماع السياسي الأول هو علم الدولة، والثاني يدعى أنه علم القوة.

لقد عكس الاهتمام بقضايا القوة السياسية والتنظيم والسلطة، محاولات المفكرين الاجتماعيين على مختلف العصور ﻹيجاد صيغة مناسبة لما ينبغي أن يكون عليه النظام الاجتماعي والسياسي العام.

ولقد أسهمت هذه المحاولات في وضع البذور الأولى لعلم الاجتماع السياسي، وبخاصة في ناحيتين رئيسيتين هما أخلاقية فلسفية، وتاريخية مقارنة، إذ انتقلت الاهتمامات الأخلاقية الفلسفية من الفلسفة اليونانية إلى كافة فلسفات العصور الوسطى، وأضيفت إليهما عناصر جديدة مثل القوانين الرومانية وأسهما في صياغة التيار للفكر السياسي الحديث عند ميكافيلي وهوبز ولوك وروسو.

أما التحليل المقارن، فعلى الرغم من أنه لم يكن منتشراً في أواخر العصر الوسيط وبداية العصر الحديث، إلا أنه شهد حركة إحياء في القرن التاسع عشر في أعمال المؤرخين من أمثال جيبون وفلاسفة التاريخ مثل فيكو، وفوق ذلك كله عند أصحاب الاتجاه المقارن القدامى، مثل مونتسكيو والأخلاقيين الاسكتلنديين من أمثال آدم سميث وفيرجسون وغيرهم.


شارك المقالة: