اقرأ في هذا المقال
التعريف بالشرطة:
الشرطة هي فرقة من نخبة المقاتلين أو الحراس الخاصين، وتتخلل دراسة الشرطة في العهد الأموي صعوبات ترتبط بطبيعة المصادر، وقد استعملت كلمة شرطة في عهد الخليفة علي بن أبي طالب، حيث قام بتكوين شرطة الخميس وكان يبلغ عدد أفرادها اثنا عشر ألف شرطي، لكن الشرطة التي أسسها الخليفة معاوية تختلف كلياً عن شرطة علي، وتطوَّر نظام الشرطة في عهد الأمويين بتطور ظروف الدولة من الناحية السياسية والاجتماعية، بعد أن تطور نظام الحكم من خليفة إلى ملك.
الشرطة في عاصمة الخلافة الأموية:
تأسست الشرطة في عهد الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان، وخرجت فكرة تأسيسه للشرطة بعد تعرّضه لمحاولة اغتيال من الخوارج سنة 40هـ عندما كان أميراً في الشام، وكانت مهمة الشرطة عند بداية إنشاءها أن تبقى عند رأس الخليفة عند سجوده، وبالتالي نشبهها لوظيفة الحرَّاس الذين يقفون عند الخليفة أثناء صلاته.
ولا يوجد شك أن الخليفة معاوية قد بلور فكرة االشرطة من باب التطوير، وتأثره بالبيزنطيين والساسانيين حيث كان لديهم شرطة، وهذا لا يعني أن الخليفة معاوية لم يطوِّر مؤسسة الشرطة التي كانت في عهد الخليفة علي بن أبي طالب، وأن الشرطة في الدولة الأموية كانت مرتبظة في التنظيم العسكري ومهمتها الحفاظ على انضباط الجيش.
وكانت وظيفة الشرطة المحافظة على الأمن والأمان والنظام، حماية الدولة من اللصوص والفاسدين والدفاع عن الخليفة وحمايته، ولم تكن الشرطة مسؤولة عن صد أي هجمات لخارجي عن الدولة، ومن الأشخاص الذين عينهم الخليفة معاوية في الشرطة هم: قيس بن حمزة الهمذاني، زمل بن عمر العذري، الضحاك بن قيس الفهري ويزيد بن الحر العنسي.
ولم يقتصر وجود الشرطة فقط في العاصمة بل كانت في جميع الولايات، وكانوا يتبعون الولاة الذين يختارونهم، وكان وجود الشرطة مهماً لأنها كانت ضرورية لقمع المتمردين والخارجين عن القانون، وللقضاء على الثورات والإضطرابات، وقد قام الخلفاء الأمويين بتكليف رؤساء الشرطة بأمور في داخل وخارج بلاد الشام، فقد قام معاوية بن أبي سفيان بتكليف الضحاك بن قيس بإبلاغ وصيته لابنه يزيد وأن يأخذ البيعة له.
الشرطة في العراق:
كان المغيرة أول والٍ يُعيّنه معاوية بن أبي سفيان في الكوفة، واستعان بالشرطة ليبسط الأمن، ووضع صاحب شرطة قبيصة بن دمّون حيث عُرف ببسالته وشجاعته، وكانت من الحوادث التي بيَّنت أهمية الشرطة، صراع المغيرة مع الخوارج وذلك حين أخبر قبيصة بإجتماعهم بالكوفة لإثارة الاضطرابات، فأصدر المغيرة أوامره لمحاصرة مكان الاجتماع، وألقى القبض عليهم ووضعهم في السجن.
أمّا في البصرة فقد أعطى معاوية الولاية لعبدلله بن عامر، وعزله في سنة 45هـ، ثُمَّ عيَّن من بعده زياد بن أُبيه، وعندما وصل زياد للبصرة رأى مدى تدهور الأمن الحاصل في البصرة، وكان زياد مصمماً على نفر الأمن والنظام بغض النظر عن الوسيلة المستخدمة حتى لو كان بالعنف، وكان زياد أول من وضع قانون حظر التجول، حيث منع الناس من الخروج ليلاً.
الشرطة في الأقاليم الأخرى:
عندما نقارن مصر بالأمصار الإسلامية الأخرى نجد فرقاً واضحاً، حيث أن الشرطة لم تلعب الدور نفسه؛ لبُعد مصر عن الاضطرابات التي كان يحدثها الخوارج في العادة، وكان الولاة حريصون على اختيار صاحب شرطة مناسب، فقد عيَّن مروان بن الحكم مصعب بن عبد الرحمن بن عوف في منصبيّ الشرطة والقضاء معاً.
وكان مصعب بن عبد الرحمن حازماً وشديداً على المذنبين والخارجين، وقد أرسل إلي مروان بن الحكم أنه يريد زيادة في عدد الشرطة؛ ليستطيع المحافظة على الأمن والنظام، وأن عدد أفراد الشرطة لم يكن كافياً، فاستجاب مروان لطلبه وأرسل له مائتي شرطي، وبقي مصعب في منصبه حتى وفاة معاوية بن أبي سفيان.