تهيمن الجريمة في كثير من الأحيان على دورة الأخبار غالبًا ما تقوم المجتمع ووسائل الإعلام بإثارة حياة الجناة، بينما يتم تجاهل احتياجات الضحايا في كثير من الأحيان، ويميل الأشخاص الأكثر تضررًا وحتى اللذين يتكرر عليهم جريمة الإيذاء إلى دفن قصصهم وإسكات أصواتهم حتى عندما يرتقي المجرمون أحيانًا إلى مرتبة المشاهير الزائفين، ويضمن تحويل التركيز إلى ضحايا الجريمة أن يتم أخذ هؤلاء الأفراد في الاعتبار في دراسات العدالة الجنائية ومن قبل صانعي السياسات، مما يمنع القصة من جانب واحد.
التمييز بين التكرار وتعدد الضحايا
تمت الإشارة إلى الأشخاص الذين تعرضوا للإيذاء مرتين أو أكثر على أنّهم ضحايا متكررون، والضحية المتكررة هو الشخص الذي يتعرض لنفس النوع من الإيذاء مرتين أو أكثر في إطار زمني معين، فعلى سبيل المثال إذا تعرض منزل للسطو والسرقة مرة ثانية في وقت لاحق من نفس الشهر فسيتم اعتبار المالك ضحية متكررة، والضحية من نوع الجرائم المتعددة أو الضحية المتعددة هو الشخص الذي يقع ضحية أكثر من نوع واحد من الجرائم على مدى فترة زمنية، وعلى سبيل المثال إذا تعرض شخص ما للإيذاء الشخصي وإيذاء الممتلكات.
خصائص تكرار الإيذاء
أكدت الدراسات حول موضوع تكرار الإيذاء أنّ الإيذاء يميل إلى التجمع، وتظهر مجموعة متزايدة من الأبحاث أنّ الأهداف المتكررة تشهد أيضًا قدرًا غير متناسب من جميع الإيذاء بالجريمة، وأفادت الدراسات التي استخدمت عينات من عامة السكان ومجموعات الكلية والشباب أنّ نسبة صغيرة من الممتلكات أو الضحايا الشخصيين -أفرادًا أو أسرًا- يتعرضون لنسبة كبيرة من جميع حوادث الإيذاء.
أنماط تكرار الإيذاء
ظهر نمطان متميزان من دراسة المسار الزمني لتكرار الملكية وبحوث الإيذاء الشخصي:
1- أولاً إذا كانت حادثة ثانية ستحدث فمن المحتمل أن تحدث بسرعة نسبية بعد الحادثة الأولى.
2- ثانيًا هناك فترة من المخاطر المتزايدة فور وقوع الحادث السابق والتي تتناقص بمرور الوقت، وأفادت دراسات السطو والعنف المنزلي والاعتداءات العرقية والاعتداءات البسيطة والإيذاء الجنسي بوجود هذين النموذجين.
نظريات وأنماط الضحايا المتكررة
ركز الكثير من العمل المبكر على الضحايا المتكررين على أنماط الضحايا التي سعت إلى شرح تكرار الإيذاء من حيث قابلية الضحية، وعلى غرار علماء الضحايا الأوائل طور سباركس تصنيفًا للإيذاء المتكرر الذي تضمن العناصر التالية: تهور أو التسرع والتيسير أو التبسيط والضعف والفرصة والجاذبية والإفلات من العقاب.
نمط تكرار الإيذاء لدى فاريل وفيليبس و بيز
بالانتقال إلى ما وراء النماذج قام فاريل وفيليبس و بيز بفحص أسباب تكرار الإيذاء في سياق الخيارات العقلانية للجاني والأنشطة الروتينية فضلاً عن قراراتهم بإعادة النظر في نفس الأهداف أكثر من مرة، بالإضافة إلى تفصيل سيناريوهات الإيذاء المتكرر عبر مجموعة متنوعة من الجرائم قدم هؤلاء المؤلفون مفهومين مهمين لشرح سبب احتمال أن يكون الجناة أكثر عرضة للإساءة ضد أهداف ضحية بالفعل وهي:
1- خطر عدم التجانس: تكمن الفكرة وراء عدم تجانس المخاطر في أنّ الضحية تمتلك خصائص تجعل تعرضه لاحقًا للإيذاء أكثر احتمالية، على سبيل المثال المنزل الذي يُترك باستمرار دون حراسة ولا يمتلك أي أجهزة وقائية مثل الإنذار.
2- اعتماد الدولة: يشير الاعتماد على الدولة إلى الظروف التي تم إنشاؤها عن طريق الإيذاء الأول الذي يسمح بالإيذاء اللاحق، على سبيل المثال تخريب مبنى مع كتابات على الجدران حيث يصبح الهدف بعد وضع العلامات الأول أكثر جاذبية للراغبين اللاحقين.
وجد لوريتسين وديفيس كوينيت دعمًا لكل من حجج الاعتماد على الدولة وعدم التجانس في دراستهم للشباب البالغين، وحجة عدم التجانس المقترحة هي تلك التي تبقى فيها الخصائص المستمرة مثل المزاج مع الشباب طوال حياتهم، كما تم دعم فرضية الاعتماد على الدولة والتي تؤكد أنّ حادث الإيذاء يغير شيئًا عن الضحية بطريقة ما يغير المخاطر المستقبلية.
ركز هوب وزملاؤه على الإيذاء المتعدد وأبلغوا عن وجود صلة بين خطر الوقوع ضحية لجريمة ممتلكات وخطر الوقوع ضحية لجريمة شخصية، وقرر أوتلو وروباك وبريت أن العوامل الفردية والسياقية كانت تنبئًا مهمًا بتكرار الملكية وتكرار الإيذاء العنيف والمتعدد النوع، وكانت الإيذاء المتعدد مدفوعًا أكثر بالخصائص الفردية، في حين تم توقع خاصية التكرار والإيذاء العنيف المتكرر من خلال كل من الخصائص الفردية وإعدادات الحي، وربما تكون إحدى المساهمات الأكثر قيمة لهذه الدراسة هي فكرة أنّ الإيذاء المتكرر والمتعدد يتأثر بعمليات فريدة.
آثار وعواقب الإيذاء
العواقب المادية
غالبًا ما تكون العواقب الجسدية للإيذاء مرئية وتتراوح في خطورتها من كدمات وخدوش إلى كسور في العظام وإصابات مميتة، ويمكن أن تكون الإصابات الأخرى الأقل توقعًا مثل خطر الإصابة بالأمراض المنقولة جنسياً نتيجة لحادث إيذاء، ويمكن أن يكشف جمع أدلة الطب الشرعي عن الإصابة الجسدية والأدلة المفيدة الأخرى لدعم الادعاء بارتكاب جريمة، فعلى سبيل المثال يمكن لممرضة طبية مدربة بشكل خاص إجراء فحص الطب الشرعي للاعتداء الجنسي وتوثيق إصابة المهبل والشرج والفم من ضحية اغتصاب مزعومة.
العواقب النفسية أو العاطفية والعقلية
قد تكون العواقب العاطفية والنفسية والعقلية للإيذاء أقل وضوحًا من الخارج ولكنها لا تقل خطورة عن الإصابة الجسدية، فالإجهاد والاكتئاب والقلق والاضطرابات العقلية الأخرى ليست سوى أمثلة قليلة يعاني منها ضحايا الجريمة، وهناك مراحل ذهنية مميزة تتبع حادثة الإيذاء وهي:
1- مرحلة الصدمة: في البداية يشعر الضحايا بالصدمة والمقاومة.
2- مرحلة الخوف: وربما التراجع عن المجتمع.
3- مرحلة التكيف: بعد أن يبدأ هذا الشعور الأولي بالصدمة في التلاشي يمر الضحايا بمجموعة من المشاعر عندما يبدأون في التكيف مع حياتهم.
4- مرحلة التوازن: وهي المرحلة الأخيرة ولكن مع العواقب التي يحملها الإيذاء يحاول الضحايا التوفيق وإيجاد توازن للسماح لهم بمواصلة حياتهم الروتينية من حيث توقفوا، ويمكن أن تحدث عواقب نفسية مستمرة مثل اضطراب الإجهاد الحاد واضطراب ما بعد الصدمة والاعتماد على المواد.
العواقب المالية
من السهل أحيانًا حساب التكاليف المالية للإيذاء للضحية وفي أحيان أخرى يستحيل قياسها، فالنفقات الطبية وخسائر الممتلكات والأجور المفقودة والتكاليف القانونية هي عواقب مالية يجب أن يتحملها الضحايا وعائلاتهم، فالخسائر التي تتكبدها الضحية والتي ليس من السهل تقدير قيمتها بالدولار ولكنها مع ذلك بارزة وهي الألم والمعاناة والخوف من بين أمور أخرى.
هناك أيضًا عواقب مالية للإيذاء يجب أن يتحملها المجتمع من مثل: خدمات الضحايا وبرامج مساعدة الشهود والتكاليف التي يتحملها نظام العدالة الجنائية والرأي العام السلبي، ففي عام 1996 قدرت الجرائم الشخصية بتكلفة 105 مليار دولار سنويًا في التكاليف الطبية والأرباح المفقودة وتكاليف البرامج العامة المتعلقة بمساعدة الضحايا، وقفزت التكلفة التقديرية إلى 450 مليار دولار سنويًا عندما تم تضمين الألم والمعاناة وانخفاض نوعية الحياة التي أدت إلى زيادة تكلفة الجريمة للضحايا.