العنف الرمزي السوسيولوجي عند بيير بورديو في علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


العنف الرمزي السوسيولوجي عند بيير بورديو في علم الاجتماع:

من المعروف أن العنف يتكون من نوعين، أولاً العنف الفيزيائي وهو الذي يلحق المضرة بالآخرين جسدياً ومادياً وعضوياً، وثانياً العنف الرمزي لطيف يكون بواسطة اللغة، والسيطرة والإيديولوجيات المعروفة، والأفكار المتداولة، ويكون أيضاً من خلال الإساءة والشتيمة، والدين والإعلام والعنف العقلي، لذا يقصد به بيير بورديو بقوله، العنف الرمزي هو عبارة عن عنف مهذب ومستساغ، وغير ملموس وهو غير مبيّن بالنسبة لذاتهم، وهو عنف يزاوله عن طريق  الأساليب الرمزية، أي من خلال الاستمرار وتثقيف المعرفة، وعلى وجه الخاص من خلال عملية التعرف والاعتراف، أو على المدى القصوى للإحساس والعواطف والوجدان.

وعليه، يتصل العنف الرمزي بالنفوذ وتحكم والنموذج المجتمعي، بقصد أن الدولة تزاول من خلال سلسلة من المنظمات الرسمية والشرعية، عنفاً رمزياً ضد المواطنين والجماعات، ويقصد بهذا أن المجتمع القائد والمتحكم يزاول عنفاً رمزياً ضد المواطنين وهذا العنف أكثر تأثيراً من العنف المادي الجسدي.

الفرق بين العنف الرمزي والعنف السياسي والبوليسي:

يتحدث بيير بورديو بأنه يستطيع أن ينجز العنف الرمزي منتجات أفضل وذلك بالقياس إلى ما ينجزه العنف السياسي والبوليسي، وإن أكبر معالم النقص في النظرية الماركسية أنها لم تعطي حيزاً لمثل هذه الأشكال المهذبة من العنف التي هي فاعلة ومؤثرة حتى في المجال الاقتصادي.

والعنف الرمزي هو ذلك الأسلوب من العنف الذي يزاوَل على فاعل اجتماعي ما بموافقته ومعرفته، ولهذه القضية محصلة واسعة على الحوار الفكري الدائر حول ما إذا كانت النفوذ تخرج من أسفل، وحول ما إذا كان الشخص يستجيب للتحكم، وأنه يحبذ هذه الوضعية المفروضة عليه، وبشكل آخر، فإن الناشطين الاجتماعيين يعرفون الإكراهات المهيمنة عليهم، وهم حتى في الحالات التي يكونون فيها مستجيبين لحتميات، يساعدون في إنتاج المفعول الذي يزاول عليهم نوعاً من التعين والإكراه، ولعل مفعول السيطرة إنما يخرج من هذه التفاعلات والتوازنات بين المحددات الحتمية وكيفيات إدراكها.

هناك كمّ من الرفض في التعرف على العنف الذي يزاوّل على الإنسان مع عدم الاعتراف به كعنف، فبدءً من أننا ننشأ في عالم اجتماعي، فإننا نتقبل عدداً من البديهيات والمسلمات التي تفرض ذاتها عليناً بتلقائية وسهولة، ولا تكاد تتطلب تلقيناً.


شارك المقالة: