القادر بالله أحمد بن إسحاق المُقتدر:
هو أحمد بن إسحاق بن الخليفة المُقتدر، أبو العباس، ولد سنة (336 هجري)، أمه أم ولد اسمها (تمني). كان أبيض الوجه وذو لحية كثيفة يخضب، ديناً، عالماً، مُتعبداً، وقوراً من جلة الخلفاء وأمثلهم. عدّه ابن الصلاح في الشافعية. تفقّه على أبي بشر أحمد بن محمد الهروي الشافعي. قال الخطيب: كان من الدين، وإدامة التهجُد، وكثرة الصدقات على صفةٍ اشتهرت عنه.
وقد تم تصنيف كتاباً في الأصول والفقه، كتب فيه كرم وحُسن الصحابة، وإكفار من قال: بخلق القرآن، وكان هذا الكتاب يتكلمون فيه ويقرأون في كل جمعةٍ في دائرة أصحاب الحديث، ويحضره الناس مُدة خلافته، وهي إحدى وأربعون سنة وثلاثة أشهر. بويع بالخلافة بعد خلع الطائع عام (381 هجري)، وكان غائباً، فقدم في عاشر رمضان، وجلس من الغد جلوساً عاماً وهُنّىء.
الأحداث التي جرت في عهد الخليفة القادر بالله:
وفي عام (383 هجري)، تزوج القادر بالله سكينة بنت الملك بهاء الدولة. وعقد بولاية العهد لابنه الغالب بالله وذلك عام (391 هجري)، وكان عمر أبنه تسع سنوات، وعجّل بذلك، لأن الخطيب الواثق سار إلى خراسان، وافتعل كتاباً من القادر بأنه ولي عهده، واجتمع ببعض الملوك فاحترموه، وخطب له بعد القادر، ونفّد رسولاً إلى القادر بما فعل، فأثبت فسق الواثقي، ومات غريباً.
وفي هذا الوقت انتشر بدعوة الحاكم في جميع الأطراف، فأعطى القادر أوامر بإنشاء محضر يتكلم به في القدح في أنساب العبيديين، وأنهم ينسبون إلى ديصان بن سعيد الخرمي، فقد شهد الجميع أن الناجم بمصر منصور بن نزار الحاكم حكم الله عليه بالبوار، وأن جدهم لمّا صار إلى الغرب تسمى بالمهدي عبيد الله، وهو وسلفه أرجاس أنجاس خوارج أدعياء.
وأن هذا الناجم وسلفه كُفار خارجين عن مِلة الإسلام، ولمذهب الثانويي والمجوسي يعتقدون، عطّلوا الحدود، وأباحوا الفروج، وسفكوا الدماء، وسبّوا الأنبياء، ولعنوا السلف، وادعوا الربوبية. واستتاب القادر فُقهاء المُعتزلة، فتبرؤوا من الاعتزال والرفض، وأُخذت خطوطهم بذلك.
وفي سنة ثمان وتسعين وقعت فتنة بين السنة وغير السنة في بغداد، وكان الشيخ أبو حامد الإسفرايني أن يموت فيها، وصاح الرافضة ببغداد: يا حاكم، يا منصور، أحفظ القادر من ذلك، واطلق صراح الفرسان الذين على بابه لمُعاونة أهل السنة فانكسر الروافض. وفي ذي الحجة من سنة (422 هجري)، مات القادر بالله في أول أيام التشريق، وعاش سبعاً وثمانين سنة.