المبادئ العامة التي يمكن استخلاصها من دراسة العمليات الاجتماعية

اقرأ في هذا المقال


المبادئ العامة التي يمكن استخلاصها من دراسة العمليات الاجتماعية:

إن قانون الحياة والكون قد جمع بين الأضداد والمتناقضات، فعلى سبيل المثال هذا نهار أبيض وذاك ليل أسود، وهكذا الحال في الحياة الاجتماعية على أنها جزء من الطبيعة الكونية، ففي العمليات الاجتماعية نجد منها الإيجابي المُجمّع، ونجد منها السلبي المُفرّق، نجد التعاون ونجد الصراع، وقد يؤدي كل منهما إلى الآخر.

فمن الأهداف المجتمعية ما يجعل الفرد أو الجماعة متعاوناً أحياناً ومتنافساً في حالات أخرى، وتفرقت آراء الاجتماعيين بين مَن أبرزوا مبدأ الصراع من أجل الحياة والبقاء للأصلح، وبين مَن حمل لواء التعاون، والعون المتبادل.

الثنائية في العمليات الاجتماعية:

إن الثنائية في العمليات الاجتماعية (التعاون والصراع) لم تكن جامدة، أو أن سيادة إحداهما لفترة بين شخصين أو جماعتين أو مجتمعين هي دائماً كذلك، وإنما يمكن الانتقال من هذه إلى تلك تدريجياً، وخلال مدة زمنية قد تطول أو  تقصر، وقد دعا هذا بعض المفكرين إلى قبول فكرة التصنيف الدائري للعمليات الاجتماعية، وقسموها إلى خمس مراحل هي التعاون والتنافس والصراع والتوافق والتماثل.

وإن كل مرحلة يمكن أن تؤدي لما بعدها، ويبرز هذا التصنيف أن العمليات الاجتماعية وإن كشفت بأن بعضها مقترن، وبعضها الآخر منفصل، إلا أن التفاعل الاجتماعي قوامه العمليات الموجبة المجمعة، وكذلك العمليات السالبة المفرقة، وأنه لا عملية خير أو شر في ذاتها، فكما يقول (كولي) أنه كلما أمعنا النظر تبين لنا أن الصراع والتعاون ليسا شيئين منفصلين، بل هما وجهان لعملية واحدة مطردة، تنطوي على كليهما باستمرار، ذلك أن أفراد المجتمع لا يمكن أن تنسجم مصالحهم تمام الانسجام، وحتى تلك الجماعات التي تتصل فيما بينها بأقوى العلاقات، لا يمنع ذلك من حدوث المشاجرات والتصادم والصراع بينها.

وقد تكون صورة الصراع أكثر ظهوراً في الحياة العملية؛ ﻷنه يتم في صورة ظاهرة ومكشوفة في أغلب الأحيان؛ وﻷنه صورة انحرافية في حياة الإنسان، فإنه كثيراً ما تتسلط عليه الأضواء لاسخلاص العِبر والعِظات من أسبابه ونتائجه، أما التعاون فيتم في صمت وهدوء وإنكار للذات، ومع ذلك فإن العمليات المجمعة (التعاون، التوافق، التماثل)، أبقى وأقوى من العمليات المفرقة (الصراع والتنافس). بدليل بقاء المجتمعات الإنسانية وتقدمها.

مبادىء العمليات الاجتماعية في ضوء الصراع والتعاون:

وهكذا في ضوء دراستنا لهذه العمليات بنوعيها يمكن استخلاص المبادئ التالية:

1- أن أفراد المجتمع في كل مكان يجتهدون من أجل إنجاز أهدافهم، إما بالمساهمة مع الآخرين، من خلال التعاون أو النضال ضدهم الصراع، ولا يوجد جماعة أو مجتمع فيهما تعاون أو تصارع كاملين، والأهداف إذا كانت نادرة يصبح طابع السلوك تنافسياً، وإذا كانت وفيرة يصبح طابع السلوك تعاونياً، وتساعد عملية التنشئة الاجتماعية في إيمان الأفراد بالتعاون أو التنافس.

2- العمليات المجمعة هي أساس التكامل والاستقرار والرقي، والتنافس يشحذ همم الأفراد الخلاقة، بينما الصراع يعتبر من دعائم الحركة الاجتماعية والتطور.

3- هناك اعتدالاً بين فاعلية كل من العمليات الاجتماعية المقترنة، والمنفصلة على حد سواء، وبينهما تأثير متبادل وجميعها مهمة للمجتمع.


شارك المقالة: