المشكلات الدراسية التي يعاني منها الشباب
إذا نظرنا إلى المشكلات الدراسية التي يعاني منها الشباب فسوف نجد أن لها خطورةٌ وأهمية لا تقلّ عن المشكلات الأخرى، حيث إنَّ المدرسة ما هي إلّا مجتمع صغير نستطيع من خلاله أن نُعِدَّ الشباب لفهم فلسفة المجتمع الكبير، والتعاون في تحقيق أهدافه وذلك عن طريق تعاون الأفراد وتضامنهم داخل المجتمع المدرسي على أسس وطيدة من العلاقات الإنسانية، والتي تسعى المدرسة إلى تكوينها بين الشباب ببعضهم وبين الشباب ومدرسيهم، وعندئذٍ يصبح التلميذ مواطناً صالحاً مستعداً للتعاون والتضامن داخل المجتمع الكبير.
مهمة المدرسة وعلاقتها بالأسرة
بعد أن كان المجتمع ينظر إلى المدرسة على أنّها مؤسَّسة تعليمية بحته، مهمَّتها تزويد الطلاب بقدر معين من المعارف تغيَّر هذا الاتّجاه وأصبح المجتمع ينظر إلى المدرسة على أنها مؤسَّسة اجتماعية تربوية تتَّخذ من التعليم وسيلة لتحقيق غرضين أساسيين هما:
- إعداد الشباب العملي والفني للحياة الإنتاجية.
- إعداد الشباب للتَّفاعل السليم مع المجتمع على أسس قوية من العلاقات الطيبة التي تدربهم على كيفية تكوينها والاحتفاظ بها، وما يصحب ذلك من ألوان السلوك الذي يساعد الشباب على التوافق الاجتماعي.
والمدرسة هي الامتداد الطبيعي للأسرة فهي من ناحية تقوم بإعداد الشباب العملي والفني للحياة كما تُعدهم للتفاعل السليم مع المجتمع على أُسس قويَّة من العلاقات الطيبة، ومن ناحية أخرى تستكمّل مهمة الأسرة في مساعدة الشباب على النضج النفسي والجسمي والعقلي والاجتماعي.
ولكن علاقة الشباب بالمدرسة تختلف اختلافاً كبيراً عن علاقاتهم بالأسرة، حيث علاقة المدرسة بهم رسمية تتعامل معهم وفق معايير ومَحكّات محدّدة، حيث يؤدّي كلٌّ منهم واجباته كما يحصل على حقوقهِ، ومن يُقَصّر في واجباته منهم قد يتعرّض للعقاب والفصل من المدرسة بالإضافة إلى أنَّ علاقات الشباب داخل المدرسة هي علاقات مؤقَّته تُخلَق من العُمق والاستمرارية سواء كانت مع المُدَرّسين أو الزملاء، ولذلك نجد كثيراً من الشباب يعانون من أنواع مُختلفة من المشكلات الدراسية التي قد تعوّق استفادتهم من الفرصة التعليميَّة التي تُقدمها لهم المدرسة بل قدّ تعوُّق توافقهم في المجتمع.
أهم المشكلات الدراسية التي يعاني منها الشباب
- جمود المواد الدراسية؛ لأنَّ بعض المواد التي تقدمها لهم المدرسة لا تلتقي مع ميولهم واهتماماتهم، ولا تتلاءم مع استعداداتهم وقدراتهم، ولا تتَّفق مع آمالهم وطموحاتهم، وليس لها علاقة بمشكلاتهم وهمومهم، ولذلك لا تساعدهم في فهم الواقع أوالتعامل الناجح مع الحياة، وفي كثير من الدراسات التي أُجريت على طلبة الجامعات والمعاهد العليا في مصر اتّضح أنَّ نسبة أكثر من 50 % من الطلبة يقولون أنَّ كثيراً من محاضريهم غير قادرين على المحاضرة بالطريقة التي تمكنهم من استيعاب ما يُقدَم لهم من معارف وتجارب، ومن ثمّ فإنهم لا يستطيعون مقاومة الشعور بالملل والتعب من المحاضرات وعدم الميل اليها وعدم الاهتمام بها.
- التفكير المستمرّ في الأمور الجنسية، ويشغلهم ويُهمهم نقص معلوماتهم عن طبيعة النموّ الجنسي السوي والأمراض التناسلية بصورة خاصّة.
- الصراع بين ما هو كائن وما يجب أن يكون؛ فكثيراً منهم يجد نفسه مُقَيّد بنوعية خاصة من الدراسة أُجبِر عليها حسب مجموع درجاته علماً بأنَّ هذه النوعية لا تتَّفق مع اهتماماته وميوله، وليس له حقّ الاختيار في دراسة التخصُّص الذي يرغب فيه، وكثيراً ما يفشل الشباب في دراسات وتخصُّصات فُرِضت عليهم وهنا يشعر الشعور بالخيبة واليأس.
- مشكلات الشرود وضعف الذَّاكرة، وهي مشكلات شائعة بين عدد كبير من الشباب، حيث تنتابهم مشاعر الخوف من الرسوب والقلق والخوف من عدم الحصول على الدرجات المطلوبة التي يترتب عليها اتّجاه الشباب للوجهة الدراسية المناسبة، ومخاوف الرسوب والقلق على الدرجات يُعتبران من أكبر العوامل المُسبّبة للفشل الدراسي، ولذلك لا يستطيع الشباب تأكيد ذاتهم؛ لأنَّ ذلك يتوقَّف على مستوى النجاح المناسب، كما قد تكون المُشكلات الأُسريّة والخلافات المُستمرة بين الآباء من العوامل المُسببة للشرود وضعف الذاكرة عند الشباب، هذا بالإضافة إلى ما يُعانيهِ الشّباب من الصراع النفسي، وتناقض الرَّغبات وخاصَّة عندما يُواجه الشباب بمفردهم تلك المرحلة الخطيرة التي تبدأ بالمراهقة.
- مشكلات الحرمان من الدراسة أو متابعتها وعدم الاستمرار فيها وخاصةً الفتيات، فكثير من الآباء المُتَزمّتين ما زالوا يعتقدون في عدم فائدة التَّعليم للفتاة، ويكتفون بتعليمهم حتى مرحلة التَّعليم المتوسط الإعدادي فقط، وفي بعض الأحيان يكتفون بالمرحلة الإبتدائية فقط، أمّا بالنسبة للشباب الفتيان فإنَّ كثيراً منهم يَشكون من حرمانهم من متابعة الدّراسة بسبب ظروفهم الأسرية سواء كانت فقراً أو مرضاً أو وفاة، وفي كلِّ هذه الأحوال يضطر الشباب إلى العمل في سِنّ مُبكّرة ويقضون بقيَّة حياتهم في مشكلات مُستمرَّة.