المصادر والتسلسل الزمني للحضارة المصرية

اقرأ في هذا المقال


تعد الآثار من الأدلة الحصرية الشاهدة على عصور ما قبل التاريخ المصري، باستثناء العصر الحجري الحديث وما بعده بالعادة عهد وفترة ما قبل الأسرات، وهناك مصادر أخرى لحقت المصادر الأثرية والتي لها علامات أسطورية.

كتابات مانيثو

بعد ايجيبتياكا (Aegyptiaca) للكاتب اليوناني المصري مانيثو من سيبينيتوس (أوائل القرن الثالث قبل الميلاد)، والتي تم حفظ مقتطفات منها في أعمال الكتاب اللاحقين، الذي نظم كتاباته من حيث السلالة والعاصمة التي حكمت فيها، ويعد هذا التقسيم والتنظيم انعكاسًا للعديد من التغيرات ذو الطابع السياسي او السلالة الكاملة فقد عمل على تجميع عدة سلالات في العديد من الفترات.

كانت المصادر الرئيسية لمانيثو هي قوائم الملك المصرية السابقة والتي قلد تنظيمها، كما إنّ أهم مثال محفوظ لقائمة الملوك هو بردية تورين (تورينو كانون)، وهي عبارة عن وثيقة تم حفظها لدى المتحف المصري في تورين بإيطاليا، والتي في الأصل تم ادراجها في جميع ملوك الأسرة الأولى حتى الأسرة السابعة عشر، حيث تم قبلها اسباق سلالة أسطورية من الآلهة وأحد (الأرواح أتباع حورس)، مثل هذا العمل لمانيثو اللاحق فقد أدى إلى إعطاء وثيقة تورين فترة مدة حكم الملوك الفرديين وكذلك لمجاميع بعض من السلالات والفترات الأطول المتعددة الأسرات.

التقويم الزمني

في الفترات الأولى والمبكرة من حكم الملوك لم تكن السنوات مرقمة على التوالي، ولكن تم تسميتها إبراز الأحداث وبذلك تم القيام بعمل عدة قوائم بالأسماء، وتمت إضافة تفاصيل أكثر شمولاً إلى قوائم الأسرتين الرابعة والخامسة، وعندما تم تحديد التواريخ وفقًا لتعدادات الماشية التي تُجرى كل سنتين، والتي تم ترقيمها خلال فترة حكم كل ملك، وأجزاء من هذه القوائم محفوظة على حجر باليرمو، وهو قطعة منقوشة من البازلت (في المتحف الإقليمي للآثار في باليرمو في إيطاليا)، والقطع ذات الصلة في متحف القاهرة وكلية لندن الجامعية وربما تكون هذه كلها أجزاء من نسخة واحدة من وثيقة أصلية من الأسرة الخامسة.

لم يؤرخ المصريون في عصور أطول من عهد ملك واحد، لذلك يجب إنشاء إطار تاريخي من مجاميع أطوال الحكم، والتي ترتبط بعد ذلك بالبيانات الفلكية التي قد تسمح بإصلاح فترات كاملة بدقة، ويتم ذلك بواسطة العلامات إلى الأحداث الفلكية والارتباط مع التقويمات المستخدمة في العصور القديمة المصرية وعددها ثلاثة، حيث يتميز كل التاريخ بتقويم مدني الذي تم اشتقاقه من التقويم القمري، وفي الوقت نفسه تم تقديمه في النصف الأول من الألفية الثالثة قبل الميلاد.

كانت السنة المدنية تتكون من 365 يومًا وبدأت من حيث المبدأ عندما أصبح سيريوس أو نجم الكلب -المعروف أيضًا باليونانية باسم سوثيس (المصري القديم: سوبديت)- مرئيًا فوق الأفق بعد فترة من الغياب، والتي حدثت في ذلك الوقت قبل أسابيع قليلة، وبدأ النيل في الارتفاع بسبب الفيضان، وتقدم السنة المدنية كل 4 سنوات يومًا واحدًا فيما يتعلق بالسنة الشمسية (3651/4 يومًا)، وبعد دورة تبلغ حوالي 1460 عامًا ستتفق مرة أخرى مع التقويم الشمسي، وتم تنظيم الاحتفالات الدينية وفقًا لتقويمين قمريين لهما شهران من 29 أو 30 يومًا مع أشهر إضافية كل ثلاث سنوات أو نحو ذلك.

التسلسل الزمني

تم الاحتفاظ بخمس علامات عن صعود سيريوس (المعروفة بشكل عام باسم التواريخ السوثية) في النصوص من الألفية الثالثة إلى الألفية الأولى، ولكن هذه الإشارات بحد ذاتها لا يمكن أن تسفر عن تسلسل زمني مطلق، ويمكن حساب هذا التسلسل الزمني من عدد أكبر من التواريخ القمرية والتحقق من حلول ملاحظات سيريوس، والعديد من التسلسلات الزمنية قيد الاستخدام.

ومع ذلك تختلف بما يصل إلى 40 عامًا للألف الثاني قبل الميلاد وبمرور أكثر من قرن لبداية الأسرة الأولى، وبالنسبة إلى الألفية الأولى، فإنّ التواريخ في الفترة الانتقالية الثالثة تقريبية، حيث سنة ثابتة مفترضة 945 قبل الميلاد، وبناءً على الروابط مع الكتاب المقدس تبين أنّها متغيرة بعدد من السنوات، وتم إصلاح تواريخ الفترة المتأخرة -664-332 قبل الميلاد- بالكامل تقريبًا.

استخدم من عهد الأسرة الأولى إلى عهد الأسرة الثامنة 955 عام في تورينو كانون وذلك لتحديد تاريخ 3100 ما قبل الميلاد حتى بدء عهد الأسرة الأولى، حيث من الممكن هذا أن يحتاج إلى متوسط ​​أطوال حكم فوق العادة، وما تقديره 2925 قبل الميلاد حيث هو الأفضل، ومع ذلك فإنّ العمل الأحدث على تواريخ الكربون المشع من مصر يعطي نتائج مشجعة قريبة من التواريخ المحسوبة بالطريقة الموضحة أعلاه.

في حين أنّ قوائم الملك وكذلك علم الفلك أو ما يعرف بالإشارات الفلكية تعطي إطار زمني محدد، فإنّه من الواضح بقاء عدة مجموعات واسعة من المصادر الأثرية والنقوش التي تبين التاريخ المصري، وللأسف لم يتم عمل انتاج من هذه المصادر لمراعاة تفسير التاريخ، ونتيجة لذلك لا يمكن كتابة وتفسير  للتاريخ السياسي المصري القديم الثابت، والأدلة موزعة بشكل غير متساوٍ للغاية وهناك فجوات لعدة عقود، وفي الألفية الثالثة قبل الميلاد لم يتم تسجيل أي نص ملكي مستمر يسجل الأحداث التاريخية، وتسجل نقوش السيرة الذاتية الخاصة لجميع الفترات من الأسرة الخامسة -2465 – 2325 قبل الميلاد- إلى الفتح الروماني -30 قبل الميلاد- تورطًا فرديًا في الأحداث ولكنها نادرًا ما تهتم بأهميتها العامة.

تهدف النقوش الملكية من الأسرة الثانية عشرة 1938-1756 قبل الميلاد إلى العصر البطلمي إلى تقديم أفعال الملك وفقًا لمفهوم شامل للتاريخ، والذي يعد فيه منشئ النظام العالمي والضامن له، واستمرار الاستقرار أو توسعها، والهدف من عمله هو خدمة الآلهة وليس الإنسانية، بينما قد يربط الأفراد من غير العائلة المالكة نجاحاتهم الخاصة بالملك في المقام الأول وأحيانًا للآلهة.

في الفترات المتوسطة اللامركزية تم القيام بإعادة إفراز للأصوات الغير ملكية ذات النزاع الداخلي، حيث لم يتم ذكر الملوك ذلك الاختلاف في أحد نصوصهم، بخلاف إذا أتى في بداية عهد أو مرحلة من العمل، والتي تم التغلب عليه بشكل سريع وذلك لإعادة تأكيد النظام، وغالبًا ما يهيمن مثل هذا المخطط على المحتوى الواقعي للنصوص، ويخلق تحيزًا قويًا تجاه تسجيل الشؤون الخارجية لأنّه في الأيديولوجية الرسمية لا يوجد معارضة داخلية بعد انتهاء الاضطراب الأولي،

يعد التاريخ هو أحد الطقوس على نفس القدر من ما هو سيرورة للأحداث، حيث يذكر طقوس أبطال هذا التاريخ الملكيون وإلهيون، وفقط في الفترة المتأخرة ضعفت هذه الاتفاقيات بشكل كبير، وحتى في ذلك الوقت تم الاحتفاظ بهم بالكامل من أجل نقوش المعبد حيث حافظوا على حيويتهم في العصر الروماني.

ويذكر التاريخ أن السكان المصريون كانوا على علم ودراية عالية بالتاريخ وذلك كما هو موضح من قوائم ملوكهم، حيث عملوا على تقسيم الماضي إلى عدة فترات متماثلة كتلك التي استخدمها علماء المصريات، كما قاموا أيضًا بإجراء تقييم للحكام من حيث مؤسسين عصور، وكذلك من حيث مآثرهم التي برزت وخاصة الفولكلور بالإضافة إلى صفاتهم السيئة، ويعد السجل الديموطيقي (The Demotic Chronicle) وهو نص من العصر البطلمي يزعم التنبؤ بالنهاية السيئة التي ستصيب العديد من ملوك الفترة المتأخرة كعقاب إلهي لأفعالهم الشريرة.


شارك المقالة: