اقرأ في هذا المقال
عصر الأهرامات أو عصر بناة الأهرامات وهو ما عرفت به المملكة المصرية القديمة التي امتدت تقريبًا للأعوام 2613-2181 قبل الميلاد، وذلك بسبب أنّه في عهد الأسرة الرابعة العظيمة كان الملك سنفرو متقنًا لفن هندسة وبناء الأهرام، حيث قام بتشييد أهرامات الجيزة تحت حكم الملوك خوفو (Khufu) وخفرع (Khafre) ومنقرع (Menkaure).
مصادر تاريخ المملكة المصرية القديمة
المصادر التاريخية لهذه الحقبة من الأسرة الرابعة والسادسة في مصر قليلة، حيث أنّ تاريخ هذه الحقبة قد كتب ونحت على الحجر بشكل حرفي وذلك كما يعتبره المؤرخون، كما أنّها حقبة معمارية بدرجة كبيرة وذلك من خلال الآثار والنقوش التي تمكن العلماء من ذلك لبناء التاريخ، حيث هناك صعوبة في نقل معلومات عن بناء الأهرامات نفسها، بخلاف المعابد الجنائزية التي بنيت في القرب من الأهرامات وكذلك الشواهد المرافقة لها تعطي أسماء الملك بالإضافة إلى معلومات مهمة أخرى.
بالإضافة إلى ذلك فإنّ هناك اختلاف في القت والأحداث والتواريخ التي سجلت على المنحوتات الحجرية والنقوش المتوفرة في مكان، وفي النهاية فإنّ قبر آخر ملوك الأسرة الخامسة الذي يدعى أوناس مصدرًا تاريخيًا من النصوص على شكل نقوش ولوحات تم اتقانها بشكل حرفي في داخل المقبرة عن الهرم الأولى، والتي تسلط الضوء على المعتقدات والجوانب الدينية في تلك الفترة.
الأهرامات
يعد بناء الأهرامات في الصدارة الأولى ومن أبرز ما تميزت به المملكة المصرية القديمة، فقد وصف المؤرخ التاريخي مارك فان دي ميروب بأنّ المملكة القديمة كيف استطاعت والتي ربما هي الفريدة في تاريخ العالم فيما يتعلق لمقدار البناء الذي عملوا عليه، حيث تطلب بناء الأهرامات في كل من الجيزة وأماكن غيرها في هذه الفترة مهارة بيروقراطية مشهودة بالتنظيم للقوى العاملة التي علمت على تشييد وبناء الأهرامات، وهذا بالطبع ممكن في تفعيل هذه البيروقراطية فقط تحت راية ملوك وحكومة مركزية قوية.
كما يوصف فان دي ميروب بأنّ معظم الملوك البالغ عددهم 20 ملوكًا قد أجبروا آلاف العمال على استخراج ونقل وتركيب وتزيين كميات هائلة من الأحجار من أجل تشييد أعمدة جنائزية ملكية، وقاموا بتحويل موارد هائلة من البلاد بأكملها لهذا الغرض، وملأو امتداد 70 كيلومترًا من الحافة الصحراوية على طول الضفة الغربية لنهر النيل بالقرب من القاهرة الحديثة بآثار ضخمة لا تزال تثير الرعب حتى اليوم على الرغم من ويلات الزمن.
الفترة الانتقالية
صاغ علماء الآثار اسم المملكة القديمة في القرن التاسع عشر الميلادي في محاولة لتحديد تاريخ مصر الطويل، ولم يشر المصريون أنفسهم إلى هذه الفترة بهذا الاسم ولن يروا أي فرق بين الفترة التي سبقتها أو تلتها.
لقد قام العلماء تقليديًا بضم الأسرة الثالثة في مصر التي حكمت في الأعوام 2670-2613 قبل الميلاد في حقبة المملكة المصرية القديمة؛ وذلك بسبب أول هرم تم تشييده في مصر هرم وهو الملك زوسر في منطقة سقارة، ومن الظاهر أنّ الملك زوسر يقوم بربط السلالة للأسرة الثالثة بجهود البناء من سلالة الأسرة الرابعة؛ وذلك لأنّ آخر ملوك الأسرة الثالثة كانو ذو علاقة بالملك الأول من سلالة الأسرة الرابعة، ولأنّ زوسر وخلفائه حكموا من ممفيس (الجدران البيضاء) التي ظلت العاصمة خلال المملكة القديمة، ومع ذلك فإنّ المنح الدراسية الحديثة ترفض هذا الرأي، وذلك بسبب أنّ تسييد هرم زوسر يبدو أكثر تناغمًا مع حقبة الأسرات المبكرة في مصر أي في فترة الأعوام من 3150 إلى 2613 قبل الميلاد من المملكة المصرية القديمة وكذلك الممارسات والطقوس والاحتفالات الثقافية.
يعد الوزير والمهندس المعماري زوسر إمحوتب أحد أبرز من قام باطلاق ثورة في التشييد والبناء في مصر، وذلك عن طريق تشييد قبر الملك في منطقة سقارة من الحجر، وقبل ابتكار إمحوتب تم بناء المقابر وغيرها من الهياكل من الطوب اللبن، وكانت المقابر المبكرة لمصر عبارة عن مصاطب من الطوب اللبن، ولكن إمحوتب أراد نصبًا تذكاريًا دائمًا لملكه وبالتالي أنشأ مجمعًا بهرم حجري مركزه والمعابد المحيطة به، وهكذا اختراع النموذج الذي ستتبعه كل سلالة تليها درجات أكبر أو أقل.
علاوة على ذلك خلال الأسرة الثالثة أصبحت الدول المستقلة في البلاد تُعرف باسم (nomes) أي المقاطعات مباشرة تحت حكم حكومة مركزية في ممفيس، ولقد أوضحت هذه التطورات في العمارة والسياسة والممارسات الدينية -كلها خروجًا عن الماضي- لعلماء المصريات أنّ الأسرة الثالثة كانت بداية حقبة جديدة في تاريخ مصر ويجب تضمينها في المملكة القديمة بدلاً من الدولة القديمة وفترة الأسرات المبكرة.
ومع ذلك يرى العلماء اليوم أنّ الأسرة الثالثة هي مرحلة انتقالية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالفترة السابقة أكثر من الأخيرة، وعلى الرغم من أنّ هرم زوسر الحجري كان ابتكارًا جديدًا تمامًا، إلّا أنّه لا يزال يستخدم تقنيات فترة الأسرات المبكرة، فالهرم في سقارة هو في الواقع عدة من المدرجات المتراكمة وليس هرمًا حقيقيًا، وفيما يتعلق بالإصلاحات السياسية وإنشاء الأسماء فإنّ الحكومة المركزية للأسرة الثالثة لم يكن لديها القدرة على الوصول إلى موارد الأسرة الرابعة أو السيطرة عليها، ولهذه الأسباب وغيرها يُعتقد الآن أنّ المملكة القديمة بدأت مع الأسرة الرابعة في مصر على الرغم من أنّه يجب ملاحظة أنّ هذا الادعاء غير مقبول عالميًا على الإطلاق بين العلماء.
فترة الازدهار
كانت الأسرة الرابعة للمملكة القديمة فترة ازدهار، حيث البيروقراطية وحكومة ذات مركز قوي بحيث يمكنها أن تحصل على الاحترام اللازم للبدء بالقيام لمثل هذه المشاريع من البناء، وبالرغم من ذلك فإنّ الأسرة الخامسة والسادسة كانت قد استخدمت قوة الكهنوت في التقدم كأسلوب في الدرجة الأولى عن طريق فرض السيطرة على الطقوس الجنائزية ذاتها التي أنتجت في النهاية بناء الأهرامات العظيمة، وتقوية أصحاب القرار المحليين في الولايات والمقاطعات والملك الذي عانى، ثم بدأت المملكة المصرية القديمة في السقوط مع تعاقب المزيد والمزيد من الحكام المحليين وبذلك المزيد من السيطرة على مناطقهم، وكان يُنظر إلى الحكومة المركزية في ممفيس (Memphis) على نحو متزايد على أنّها غير ذات صلة.
فترة الانهيار
في آخر فترة حكم الأسرة السادسة لم يبقى هناك حكومة ذات مركز وقوة بشكل ملحوظ، وبدأت مصر فترة من التزعزع الاجتماعي والإصلاح المعروفة، والتي أطلق عليها اسم الفترة الانتقالية الأولى، والتي حكمت خلالها مصر إقليمياً من قبل قضاة محليين وفرضوا قوانينهم الخاصة.
لم يكن صعود هؤلاء أصحاب القرار المحليين وسيطرة الكهنوت نهو السبب الوحيد لسقوط المملكة المصرية القديمة، ولكن نتيجة الجفاف الشديد في آخر فترة حكم الأسرة السادسة التي أدت إلى حدوث مجاعة والتي فقدت الحكومة فيها قدرتها على عمل أي شيء للحد من هذه المشكلة.