هناك منظوران أساسيان في علم الاجتماع لدراسة العلاقة بين الأسرة والمرض في مجال الشيخوخة ألا وهو المنظور الأول الذي يعتبر أن الأسرة بيئة المرض ومحيطه، والمنظور الثاني الذي يعتبر أن الأسرة أحد مسببات المرض وأن لها دوراً مهماً في مجرياته.
المنظور السوسيولوجي للعلاقة بين الأسرة والمرض في مجال الشيخوخة
1- المنظور الأول الذي يعتبر أن الأسرة بيئة المرض ومحيطه
يصور المنظور الأول أهمية الأسرة في علاقتها مع المرض على اعتبار أن الأسرة هي البيئة أو المحيط الذي يحدث فيه المرض، ويركز هذا المنظور على مجموعة من القضايا بصفة رد فعل الأسرة، وما تتخذه من إجراءات وتدابير عند إصابة أحد أفرادها بمرض عضال أو مستعصي.
وتحاول الدراسات التي تأخذ بهذا المنظور الإجابة على مجموعة من التساؤلات ذات العلاقة، مثل كيف تتقبل الأسرة أو ترفض نتيجة الفحوص الطبية التي تؤكد إصابة أحد أفرادها بمرض عضال أو مستعصي؟ وهل تؤثر حالة القبول أو الرفض في الوضع الصحي للمريض؟ وما التغيرات التي تطرأ على دور الأسرة نتيجة لحدوث المرض؟
هل الأسرة هي أفضل المؤسسات الاجتماعية للعناية بالمريض؟ هل دور الأسرة مهم في عملية إعادة التأهيل؟ مثل هذه الأسئلة وغيرها، يجب الإجابة عنها ليس في ضوء مفهوم العائلة أو الأسرة النموذجية، بل طرجها في ضوء النماذج الأسرية الواقعية بما فيها من عيوب ومشكلات، ودون نظرة متحيزة متشائمة أو متفائلة للأسرة.
2- المنظور الثاني الذي يعتبر أن الأسرة أحد مسببات المرض ولها دور في مجرياته
ويصور المنظور الثاني الأسرة على أنها أحد مسببات المرض النفسي كمرض انفصام الشخصية بصورة خاصة لبعض أفرادها نتيجة للتفاعل غير السوي بين الوالدين، أو نتيجة للخل الذي يعتري أساليب الاتصال بين الوالدين.
كما تؤكد دراسات أخرى أن كثيراً من الأعراض المرضية وأنماط السلوك غير السوية تعود بالدرجة الأولى إلى العناية غير الملائمة من قبل الأم، كما تؤكد دراسات أخرى أن الضغوط الناجمة عن المشكلات الأسرية، ربما تكون المسؤولة عن بعض الأمراض العضوية، كقرحة الأمعاء ومشكلات القلب والأمراض النفسية.
ولقد أدى الاهتمام بقضية الأسرة والمرض في مجال الشيخوخة إلى سحب معطيات مجموعة من النظريات في محاولة لتفهم هذه القضية الهامة، انطلاقاً من كون الأسرة أهم المؤسسات الاجتماعية في حياة الفرد ورفاهيته.
