إن التراث النظري له دور كبير في وجود الكثير من المقالات والدراسات والأبحاث العلمية الاجتماعية التي اهتمت بدراسة التمييز بين المرأة والرجل، التي تتميز بها النظريتين التي لهما أثر واضح وكبير في أغلب الأبحاث والدراسات هما نظريتي بارسونز النظرية الوظيفية ونظرية سيجموند فرويد نظرية التحليل النفسي.
المنظور المحافظ في دراسات المرأة:
يقوم المنظور الوظيفي بتقييم المقولات النظرية من خلال افتراض أن دور المرأة الأول والأساسي هو دور المرأة في الأسرة، وذلك من خلال اعتبار المرأة زوجة وأم ومربية وربة المنزل وبالتالي تؤكد هذه النظرة تبعية المرأة، كما حاول تالكوت بارسونز الذي يعتبر من أهم العلماء في هذا الاتجاه وقدم نظرية تفسر أهمية تقسيم العمل بين المرأة والرجل.
حيث أن الرجل في النظرية الوظيفية يهتم ويختص في العمل والإنتاج، ويمارس جميع الأنشطة الاقتصادية والسياسية في المجتمعات وبالتالي يستطيع أن يحقق قدر عالي من التوازن في داخل النسق الاجتماعي للمجتمعات بشكل كامل، كما أن هذا المنظور تطور عنه اتجاه آخر يرى أنه في المجتمع يوجد تطور وتغير ملموس على أدوار المرأة وأدوار الرجل.
وهذا المنظور يفسر أن هذا التغير يرجع إلى التطورات العلمية والتكنولوجية التي رافقت تطور المجتمعات الصناعية الأوروبية المتقدمة والحديثة، ومن العلماء الذين اهتموا في تفسير وتحليل هذه الدراسات المتعددة والمختلفة هم كوما روفسكي، هارتلي، لوبات، روسي، وأن أغلب هؤلاء العلماء تأثروا بدراسات وكتابات عالمي الاجتماع ميرتونوزنانيكي.
ومن وجهة نظر أخرى هناك نظرية ساهمت على تكوين المناخ والإطار النظري والفكري من أجل تفسير أدوار المرأة والرجل، وكان لها أثر كبير وواضح على ردود الأفعال التي تعكس فيما بعد عن دراسات وكتابات أصحاب الفكر النسوي نجد أنها نظرية التحليل النفسي لسيجموند فرويد.
فنجد عدد كبير من علماء علم النفس والمحللين في علم النفس، منهم العالم أدلر، هيلين، دوبتس، فروم وغيرهم الذين يرون من خلال نظرية فرويد دونية المرأة وفي هذه النظرية من الممكن أن دور المرأة يرجع إلى البناء التشريحي للمرأة وبالتالي هو الذي يحدد مصير المرأة وحالتها النفسية.
كما أن سيجموند فرويد يرى أن البناء التشريحي لجسم المرأة هو بناء ناقص، إذا ما تم مقارنته بالبناء الجسمي للرجل، وبالتالي فإن المرأة تشعر بالغيرة من الرجل.
واجهت نظرية سيجموند فرويد نظرية تالكوت بارسونز والكثير من الاتجاهات النظرية التقليدية التي تقوم بالتمييز بين الرجل والمرأة إلى النقد من علماء علم الاجتماع وعلماء علم النفس الراديكاليين، وهذا بالإضافة إلى النقد الذي وجه إلى النظريتين من قبل أصحاب الاتجاه النسوي.
وقد قام العلماء بتقديم نقد يقوم على رفض الافتراضات التي قام بوضعها المنظرين في النظرية الوظيفية، والمحللين النفسيين الذين يتبعون نظرية فرويد من خلال تحليل التمييز بين أدوار المراة والرجل باعتبار أن المرأة هي كائن بيولوجي وليست كائن إنساني.
كما قام العلماء الذين قدموا النقد بالتأكيد على أن الفرضيات والمعطيات البيولوجية من الصعب الاعتماد عليها من أجل تفسير ظاهرة اجتماعية، واعتبروا أن الدراسات والمحاولات التي قدمها العلماء التقليديين من أجل تفسير ظاهرة التمييز بين أدوار المرأة والرجل نتج عن عوامل اجتماعية وثقافية واقتصادية وحضارية وسياسية.
كما أن تطور وتقدم العلاقات الملكية لعب دور واضح وأساسي، ويعتبر العالم رايت ميلز من أهم العلماء علم الاجتماع الراديكاليين الذين قدموا نقد تجاه النظرية الوظيفية وعلى وجه الخصوص النظرية الوظيفية البارسونزية، كما قام ميلز بالتركيز على تقديم نقد لنظرية تالكوت بارسونز في تقسيم العمل وتوزيع الأدوار بين الرجل والمرأة.
حيث يرى ميلز أن تالكوت بارسونز حاول أن يقدم نموذج يقوم من خلاله بتقديم التكامل الأسري والتكامل المهني ومن أجل أن يتحقق هذا التكامل في النظامين العائلي والمهني فلابد من وجود نوع من العزل والتحديد في الأدوار بين الرجل والمرأة، وذلك من خلال أن تكون أدوار المرأة مختصرة في داخل المنزل والأسرة في حين أن الرجل يترك له العمل خارج المنزل والعمل والإنتاج المادي.
وأن تصور تالكوت بارسونز في النهاية يعكس الخلفية التصورية الأيدولوجية لتالكوت بارسونز والحرص من بارسونز على تحقيق التكامل والتوازن في داخل النسق الاجتماعي في المجتمعات الصناعية والمجتمعات الرأسمالية والحفاظ على علاقات القوة المنتشرة في هذه المجتمعات، على الرغم من أن المساحة الفكرية والنظرية لا تكاد تخلو من النظريات الاجتماعية التي لها دور وإسهام واضح في تفسير المواضيع التي تتعلق بالتمييز بين أدوار المرأة والرجل.