اقرأ في هذا المقال
- النظرية الكلاسيكية المحدثة في التنظيم في علم الاجتماع
- الفروض الموجهة للنظرية الكلاسيكية المحدثة عند مايو في علم الاجتماع
النظرية الكلاسيكية المحدثة في التنظيم في علم الاجتماع:
لقد ظهرت النظرية الكلاسيكية في التنظيمات بهدف تجاوز أوجه النقص التي عانت منها النظرية الكلاسيكية، ويمكن القول بوجود تطابق بين النظرية الكلاسيكية المحدثة وبين حركة العلاقات الإنسانية في الفكر الاجتماعي التنظيمي.
وتبدأ هذه النظرية بمسلمات النظرية كمعطيات يمكن أن تتغير من خلال حركة أعضاء التنظيم أثناء تجمعهم داخل الجماعات غير الرسمية، وتتمثل أهم اسهامات النظرية المحدثة في محاولة الاستعانة بنتائج العلوم السلوكية في صياغة نظريته في التنظيم في نطاق إطار تصوري متكامل.
وقد استطاع أنصار النظرية الكلاسيكية، من خلال الاستعانة بنتائج ونظريات العلوم السلوكية، أن يوضحوا كيف أن محاور النظرية الكلاسيكية ليست مطلقات أو أشياء نهائية أو متغيرات مستقلة، ولكنها متغيرات تخضع لتأثير الأفعال والعلاقات والجماعات الاجتماعية، يضاف إلى ذلك أن هذه النظرية ركزت على دراسة التنظيم غير الرسمي ومعالجته معالجة منهجية مع تحليله وبيان أثره على التنظيم الرسمي ذاته، ولعل هذا هو ما جعل أنصار هذه النظرية يحاولون تعديل أساسيات النظرية الكلاسيكية ويجرون بعض التعديلات عليها بهدف تطويعها للكشوف الجديدة المتعلقة بالجماعات غير الرسمية وأثر العوامل الإنسانية والاجتماعية على معايير وقواعد وعلاقات التنظيم الرسمي.
وقد استلهم أنصار هذا الاتجاه نتائج دراسات الباحث هاوثورن الشهير، وقد صدر العديد من الدراسات في هذا الصدد مثل دراسة جاردنر ومور حول العلاقات الإنسانية في الصناعة، ودراسة كند دافيز عن العلاقات الإنسانية في العمل.
أهم دراسات التون مايو:
ويحسن هنا أن نعرض في إيجاز ﻷهم دراسات التون مايو فقد اهتم هذا الباحث ببعض المشكلات التي قابلتها صناعة الغزل مثل اخفاض معدل الإنتاج وتزايد معدلات تغيير العمل بين العاملين، وانتشار ظواهر التعب والقلق وعدم الرضا عن العمل وانخفاض الروح المعنوية، وقام مايو سنة 1933 بدراسة عن أسباب تغيير العمل بين العاملين بصناعة الغزل بأحد مصانع الولايات المتحدة الأمريكية.
فقد أوضح في دراسة له بعنوان المشكلات الاجتماعية الحضارة الصناعية أن العادات التي تنشأ داخل جماعات العمل، وما يحكم سلوك أعضائها من معايير جماعية تسهم في تشكيل سلوك أعضائها، كذلك فقد افترض الباحث أن شعور العمال بالمسؤولية الجمعية وباهتمام الإدارة بمشكلاتهم وآرائهم لها أثر واضح على الإنتاج وعلى السلوك الاجتماعي لأعضاء التنظيم.
الفروض الموجهة للنظرية الكلاسيكية المحدثة عند مايو في علم الاجتماع:
حاول الباحث مايو وزملاؤه في جامعة هارفارد اختبار هذه الفروض النظرية داخل أحد التنظيمات الصناعية وهو مصنع هاوثورن أحد مصانع شركة وسترن الكتريك وذلك من خلال برنامج استغرق أكثر من خمس سنوات من 1927 حتى 1932، ومر هذا البرنامج بمراحل أربع تختلف كل منها عن الأخرى، من حيث الفروض الموجهة للدراسة والأساليب المنهجية المستخدمة.
وقد تركزت المرحلة الأولى حول دراسة ظروف العمل وعلاقتها الإنتاج وكفاية العمل واستخدام في هذه المرحلة أسلوب غرفة الاختبار، واهتم الباحثون خلال هذه المرحلة بدراسة أثر مجموعة من المتغيرات على الإنتاج مثل فترات الراحة ووجبات الغذاء الوسطية وتقليل ساعات العمل وتحسين الظروف المادية للعمل كالإضاءة والتهوية والرطوبة.
وقد انصدم الباحثون بظاهرة غريبة تتمثل في تزايد الإنتاجية باستمرار بغض النظر عن تحسين أو صعوبة الظروف، وحاول الباحثون تفسير هذه الظاهرة الغريبة، فذهب جورج هومانز إلى أن شعور العاملات بالأهمية واهتمام الإدارة بهم وتكوين علاقات طبية بينهن وظهور قيادة جديدة بينهن يرضون عنها، يمكن أن يفسر لنا هذه الظاهرة وحاول بينوك تفسير هذه الظاهرة في ضوء تغير نموذج الإشراف التقليدي الصارم وظهور نموذج جديد أكثر أهمية وديموقراطية وإتاحة الفرصة للعمال للعمل بحرية أكثر.
وقد ركزت المرحلة الثانية على قياس اتجاهات العمال نحو العمل وظروفه ونموذج الإشراف السائد، بهدف الوقوف على العلاقة بينها وبين الإنتاجية كذلك فقد حاول الباحثون خلال هذه المرحلة التعرف على مكونات الإشراف الجيد، وقد استخدم خلال هذه المرحلة جدول للمقابلة.
وخرج الباحثون من هذه الدراسة إلى وجود علاقة قوية بين الروح المعنوية للعمال ورضائهم عن العمل وبين نموذج الإشراف في الخط الأول أو الإشراف المباشر، كذلك كشفت هذه المرحلة أن العمال يكونون أثناء العمل جماعات فرعية غير رسمية لها قيمها وقياداتها ومعاييرها وأهدافها الخاصة، وتؤثر في نفس الوقت على التنظيم الرسمي أو على إنتاجية العمال وسلوكهم داخل تنظيم العمل، وعلى اتجاهاتهم نحو العمل والتنظيم وسياسة التنظيم.
وكانت المرحلة الرابعة الأخيرة محاولة لاختبار هذه النظرية من خلال تحقيق المزاوجة بين عدة أساليب منهجية كالملاحظة والاستبيان، وكان أهم ما كشفت عنه هذه المرحلة وجود ما يطلق عليه التنظيم غير الرسمي، ذلك التنظيم الذي يتألف من بعض أعضاء التنظيم الرسمي بطريقة تلقائية.
ويتخطى حدود الإدارات والعلاقات والمعايير الرسمية ويطور مجموعة من المعايير والعلاقات الخاصة به، كما تكون له قيادته الخاصة التي قد لا تتفق مع الرئاسة التنظيمية الرسمية.