النظرية الكلاسيكية في التنظيم في علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


النظرية الكلاسيكية في التنظيم في علم الاجتماع:

تهتم هذه النظرية اهتماماً واضحاً بتحليل التنظيم الرسمي أو بما يمكن أن نطلق عليه التشريح التنظيمي، حيث حاولت تتبع الانقسامات التنظيمية حتى أبسط وحدة ممكنة داخل التنظيم، كذلك تتسم تلك النظرية بمحاولة إطلاق تعميمات فضفاضة حول بناء التنظيمات، ويمكن أن نرجع هذه النظرية إلى فريدريك تايلور الملقب بأبي الإدارة العلمية.

كذلك تبنى هذه النظرية كل من موني ورايلي في أمريكا واللذان قاما بنشر مؤلف مشترك عن الصناعة سنة 1931، ثم تتابعت بعد ذلك المؤلفات العديدة المسايرة للاتجاه التقليدي في دراسات التنظيم، وأهم ما صدر في هذا الصدد هو دراسة برش عن التنظيم ودراسة الباحث النز عن الإدارة والتنظيم.

وكما يشير هكمان فإن أي مشروع عمل ناجح لا بدّ له من بناء رسمي من حيث تحديد التخصصات وتجميع الناس في أقسام وتحديد خطوط السلطة والمسؤولة وإجراءات العمل أو ميثاق التنظيم.

وينافس المشتغلون بالبناء الرسمي مسألة تفويض السلطات واللامركزية، كضرورة حيث تمتد السلطات والمسؤوليات إلى مختلف أعضاء وقطاعات التنظيم بشكل معين، ومسألة التخصص وتقسيم العمل، سواء التخصص الأفقي ويشير إلى تقسيم العمل حسب الأنواع المختلفة للواجبات والمهام والمهارات، أو التخصص الرأسي وهو إصدار الأوامر والقرارات، ومسألة السياسات وتوجه اتخاذ القرارات وتوضح طرق تحقيق الأهداف العليا للتنظيم.

كما يشير هكمان وهنرييجر فإن المشتغلين بالإدارة أصبحوا ينظرون اليوم إلى المؤسسات الاقتصادية ومؤسسات العمل على أنها منظمات اجتماعية وهما يوضحان هذا الرأي من خلال تحديد أبعاد ثقافة الجماعة.

وتشير القيم هنا إلى المعتقدات والأهداف المشتركة، ويشير التنظيم الاجتماعي إلى العلاقات النمطية المنظمة بين الأعضاء، ويشير مصطلح الشخصية إلى كيفية صياغة الثقافة السائدة أعضاء المجتمع وفق أطر ثقافية معينة، أما الأساليب الفنية إلى المستوى المهاري والتكنولوجي المتوافر داخل الثقافة وداخل تنظيمات العمل، وتدور النظرية الكلاسيكية في التنظيم حول أربعة محاور أساسية بحيث يمكن لنا أن نفهم أساسيات هذه النظرية من خلال استعراض هذه المحاور.

محاور أساسية في النظرية الكلاسيكية في التنظيم في علم الاجتماع:

1- تقسيم العمل في النظرية الكلاسيكية:

وهو حجر الزاوية في النظرية الكلاسيكية، وقد عالجت هذه النظرية قضية تقسيم العمل تحت عنوان تقسيم التنظيم إلى إدارات أو أقسام، وتنبثق المحاور التنظيمية الأخرى عن هذا المحور الأساسي فالتدرج الوظيفي يفترض وجود التخصص وتقسيم العمل، كذلك فإن بناء التنظيم يقوم على أساس وجود مجموعة من الأقسام التخصصية المتفاعلة والمتبادلة الاعتماد بهدف تحقيق أهداف التنظيم، وأخيراً فإن تحديد أعداد العاملين الذين يمكن للمشرف أن يمارس الضبط والتوجيه عليهم، أمر يتعلق بطبيعة العمل ونوع التخصص.

2- العمليات التدريجية والوظيفية في النظرية الكلاسيكية:

ويقصد بالعمليات التدريجية تسلسل السلطات داخل التنظيم أو تتابع سلسلة إصدار الأمر، ويقصد بالعمليات الوظيفية تحليل المهام التنظيمية إلى وحدات عمل مبسطة وصغيرة، ثم إعادة تجميع بعض المهام أو الأدوار معاً في صورة قسم أو إدارة.

3- البناء في النظرية الكلاسيكية:

ويقصد بالبناء العلاقات التنظيمية بين مختلف الأدوار التي يتضمنها التنظيم، تلك الأدوار التي يتم ترتيبها بأسلوب يحقق أهداف ذلك التنظيم بدرجة عالية من الكفاءة، وتركز النظرية الكلاسيكية على نوعين أساسيين من البناء داخل التنظيم الرسمي وهما، بناء الخط وبناء الهيئة، ويقصد بالبناء الأول بناء العاملين في مجال الإنتاج بطريقة مباشرة، كما يقصد بالبناء الثاني بناء الإدارة والأعمال المساعدة.

4- نطاق التمكن في النظرية الكلاسيكية:

ويقصد به تحديد عدد أعضاء التنظيم الذين يمكن للمشرف أن يمارس عليهم الضبط والتوجيه والرقابة التنظيمية بدرجة عالية من الكفاءة التنظيمية، وقد كان جريكيوناس هو أول من أشار إلى وجود حدود معينة لعدد المرؤوسين الذين يمكن للمشرف أن يمارس عليهم الضبط التنظيمي، ويذهب الباحث بريش إلى مفهوم النطاق يشير إلى عدد الأشخاص الذين يتحملون مسؤولية إشرافية والذين يشرف عليهم مديراً أعلى.

ويعد مسؤولاً عنهم من حيث التوجيه والتخطيط والضبط والدفع، وبغض النظر عما إذا كان نطاق التمكن يشير إلى عدد الأعضاء العاديين في قاع التسلسل التنظيمي الذين يمكن للمشرف أن يمارس عليهم الإشراف بكفاءة، أم إلى عدد المشرفين الذين يشرف عليهم مديراً أعلى، فإن ضيق أو اتساع نطاق التمكن يؤثر على بناء التنظيم ذاته.

فنطاق التمكن المتسع يؤدي إلى أن يكون البناء من النوع المسطح، في حين يؤدي النطاق الضيق إلى بناء من النوع المستطيل وعلاوة على هذا فإن مفهوم النطاق يوجه انتباهنا إلى تعقد بناء العلاقات المتداخلة بين الأعضاء والمراكز والأدوار داخل البناء التنظيمي.


شارك المقالة: