الواقع الاجتماعي للمشكلات الاجتماعية

اقرأ في هذا المقال


يفحص علماء الاجتماع التركيبات الاجتماعية للواقع الاجتماعي من حيث صلتها بالمشاكل الاجتماعية المرتبطة بالجنس والعرق والهوية والعمر والطبقة الاقتصادية والدين والعوامل الأخرى التي تشكل موقع الإنسان الاجتماعي، إذ يأخذ الجميع أدوارًا مختلفة طوال الحياة، وتعتمد التفاعلات الاجتماعية على أنواع الأدوار التي يتولوها، والأشخاص الذين يتفاعلون معهم والمشهد الذي تحدث فيه هذه التفاعلات الاجتماعية.

الواقع الاجتماعي للمشكلات الاجتماعية

يفهم علماء الاجتماع أن الواقع مبني اجتماعيًا، مما يعني أن الناس يشكلون تجاربهم من خلال التفاعل الاجتماعي، ففي عام 1966 كتب عالما الاجتماع بيتر بيرجر وتوماس لوكمان دراسات بعنوان الواقع الاجتماعي للمشكلات الاجتماعية، وفي هذه الدراسات جادلوا بأن المجتمع يخلقه البشر والتفاعل البشري، ويصفون الواقع الاجتماعي للمشاكل الاجتماعية على إنه أي إجراء يتكرر بشكل متكرر يصبح مصبوبًا في نمط يمكن بعد ذلك القيام به مرة أخرى في المستقبل بنفس الطريقة وبنفس الجهد.

إذ لا يقوم الواقع الاجتماعي للمشاكل الاجتماعية فقط ببناء المجتمع الخاص ولكن قبوله كما هو لأن الآخرين قد خلقوه من قبل، وفي الواقع هي مسألة العادة، وهناك طريقة أخرى للنظر إلى مفهوم الواقع الاجتماعي للمشكلات الاجتماعية وهي من خلال نظرية عالما الاجتماع توماس ويليام الأول ودوروثي توماس التي تنص على إنه إذا تم تحديد واقع المشكلة الاجتماعية على أنها حقيقية، فهي حقيقية في عواقبها، وهذا يعني أن سلوك الناس يمكن تحديده من خلال بنائهم الذاتي للواقع بدلاً من الواقع الموضوعي.

كما ذكر علماء الاجتماع أن القواعد الأخلاقية والأعراف الاجتماعية يتم إنشاؤها من خلال التعريفات المتتالية لواقع المشكلة الاجتماعية، فواقع مشكلة العنصرية الاجتماعية هو الاعتقاد بأن عرقًا ما متفوقًا على جنس آخر، وهي بناء اجتماعي لواقع القواعد الأخلاقية والأعراف الاجتماعية، إذ تم تم تعريف مشكلة العنصرية الاجتماعية بمرور الوقت من خلال تلك القواعد التي فسرتها مرارًا وتكرارًا، واستخدم عالم الاجتماع روبرت ك.ميرتون عبارة أن الواقع الاجتماعي للمشكلات الاجتماعية تحقق ذاتها لوصف كيف حتى الفكرة الخاطئة يمكن أن تصبح صحيحة إذا تم العمل على أساسها.

ويقدم علماء الاجتماع التفاعليون والرمزيون عدسة أخرى يمكن من خلالها تحليل الواقع الاجتماعي للمشكلات الاجتماعية من خلال منظور نظري يركز على الرموز مثل الكلمات والإيماءات التي يستخدمها الناس للتواصل والتفاعل، كما أن هذا المنظور مهتم بكيفية تفسير الأشخاص لتلك المشكلات الاجتماعية في التفاعلات اليومية، ويدركون أيضًا أن اللغة ولغة الجسد تعكس قيم المشكلات، حيث على المرء فقط أن يتعلم لغة أجنبية ليعرف إنه ليس من السهل ترجمة كل كلمة إنجليزية إلى لغة أخرى، ونفس الشيء ينطبق على الواقع الاجتماعي لكل مشكلة اجتماعية.

العلاقة بين التوقعات والمشاكل الاجتماعية

يقدم علماء الاجتماع العديد من القضايا العامة المتعلقة بالعلاقات بين التوقعات والمشاكل الاجتماعية، وهي القضايا التي تمثل الموضوعات الرئيسية للحياة الاجتماعية، فهناك عدد لا يحصى من المشاكل الاجتماعية التي تنطوي على التوقعات، كما أن بعض التوقعات تخلق مشاكل اجتماعية في حين أن التوقعات الأخرى تعكس مشاكل اجتماعية مختلفة، وقد تكون التوقعات إما شخصية كتوقعات شخص ما فيما يتعلق بشخص آخر أو توقعات داخلية كتوقعات الأفراد لأنفسهم.

كما يركز علماء الاجتماع على التفاعلات الثنائية في تحديد دور التوقعات الشخصية في الصور النمطية والتحصيل التعليمي والمهني، ويجادلون بأن تأثيرات التوقع ليست كبيرة بشكل عام وأن الدقة تمثل حدًا رئيسيًا لمساهمتها في المشكلات الاجتماعية، ثم يناقشون سبب أهمية هذه التأثيرات مع ذلك، وأيضاً الظروف التي قد تزيد من حجم تأثيرات التوقع، ولماذا قد تكون التوقعات مفيدة جدًا لتصميم التدخلات الاجتماعية الإيجابية، ويتم التعامل مع تسخير تأثيرات التوقع في خدمة التدخلات مثل العمل الإيجابي المصممة للحد من بعض المشاكل الاجتماعية.

ومن وجهة نظر النظرية الأساسية والسياسة الاجتماعية من المهم فهم مدى مساهمة التوقعات في المشاكل الاجتماعية، وتتم مراجعة الأدلة الطبيعية والتحليلية لتظهر ما يلي:

1- أن التوقعات تؤثر على الواقع الاجتماعي وقد تساهم في المشكلات الاجتماعية مثل مشاكل التحيز وعدم المساواة في الفرص التعليمية والمهنية.

2- إن تأثير التوقعات على الواقع الاجتماعي بشكل عام محدود في كثير من الأحيان، فقد يكون أحد أهم القيود على مساهمة التوقعات في المشكلات الاجتماعية أنها غالبًا ما تكون دقيقة أي أنها تتنبأ بسلوكيات الآخرين وصفاتهم دون التأثير على سلوكيات الآخرين وصفاتهم، فالتوقعات الدقيقة لا تخلق تحيزات معرفية ولا نبوءات تحقق ذاتها.

3- أن التوقعات تظهر أن الأشخاص غالبًا ما يكونون دقيقين تمامًا، ومع ذلك فحتى تأثيرات التوقع المتواضعة نسبيًا قد تساهم في بعض المشكلات الاجتماعية بطرق مهمة.

4- تشير الأبحاث الاجتماعية إلى أن ظروفًا معينة تسهل أو تمنع حدوث تأثيرات التوقع، وبالتالي في ظل بعض الظروف قد تكون مساهمة تأثيرات التوقع في المشكلات الاجتماعية أكبر مما تشير إليه الأدلة التجريبية الحالية.

5- إن التوقعات تظهر أحياناً كيفية تسخير التأثيرات لتطوير تدخلات للتخفيف من مشاكل اجتماعية معينة.

العلاقة بين المشاكل الاجتماعية والحياة الشخصية

علم الاجتماع كعلم يهتم بقضايا الاهتمام الاجتماعي، لذلك شجع علماء الاجتماع على الانخراط في السلوكيات الفردية المرتبطة بالحياة الشخصية، وبالتالي يمكن القول أن أحد أهداف علماء الاجتماع هو تعزيز العلاقة بين المشاكل الاجتماعية والحياة الشخصية على نطاق واسع، حيث تدور بعض المشاكل الاجتماعية الأكثر إلحاحًا وبروزًا حاليًا حول البيئة الطبيعية وتغير المناخ على وجه الخصوص، وهذه قضية لا يربطها كثير من الناس بحياتهم الشخصية.

لذلك بعد أن وضح علماء الاجتماع بإيجاز لماذا يجب اعتبار القضايا البيئية مشاكل اجتماعية، قاموا بمناقشة الطريقة التي ترتبط بها القضايا البيئية بالحياة الشخصية، واستخدم القضايا البيئية لاستكشاف العلاقة بين المشاكل الاجتماعية والحياة الشخصية.

تطبيق علم الاجتماع رؤيته على المشاكل الاجتماعية


شارك المقالة: