كان المغيرة بن شعبة من صحابة رسول الله الشجعان، امتاز بقامته الضخمة وشعره المجعد الأصهل وكان لا يفرقه، قال عنه الطبري: “كان لا يقع في أمر إلا وجد له مخرجاً ولا يلتبس عليه أمران إلا أظهر الرأي في أحدهما”، مات المغيرة بن شعبة في الكوفة وكان عمره 70 عام.
الوالي المغيرة بن شعبة:
هو المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف الثقفي ويُكنّى بأبي عبد الله، ولد المغيرة بن شعبة في ثقيف بالطائف نشأ فيها، دخل إلى الإسلام في عام الخندق، لك بعد أن قتل 13 رجل من بني مالك وأتو معه إلى المقوقس في مصر، حيث قام بأخذ أموالهم، فغرم دياتهم عمه عروة بن مسعود.
كان المغيرة بن شعبة والياً على الكوفة حتى توفي عمر بن الخطاب، فاستمر في عهد عثمان بن عفان حيناً ثم قام بعزله، كما أنّه قام باعتزال الفتنة علي فلقيه عمار بن ياسر في سكك المدينة فقال له: “هل لك يا مغيرة أن تدخل في هذه الدعوة فتسبق من معك وتدرك من سبقك؟ فقال: وددت والله أني علمت ذلك وإنّي والله ما رأيت عثمان مصيباً ولا رأيت قبله صواباً.
“فهل لك يا أبا اليقظان أن تدخل بيتك وتضع سيفك وأدخل بيتي حتى تنجلي هذه الظلمة ويطلع قمرها فنمشي مبصرين؟ قال عمار: أعوذ بالله أن أعمى بعد إذ كنت بصيراً يدركني من سبقته ويعلمني من علمته، فقال المغيرة: يا أبا اليقظان إذا رأيت السيل فاجتنب جريته”.
أُصيبت عين المغيرة بن شعبة في معركة اليرموك وقيل في معركة القادسية، كما قيل أنّه نظر إلى الشمس وهي مكسوفة فاختفى ضوء عينه كما جاء في حديث أم المؤمنين عائشة، حدّث عنه العديد من أصحابه قال: “صحبت المغيرة فلو أنّ مدينة لها ثمانية أبواب لا يخرج من باب منها إلا بمكر لخرج من أبوابها كلها”.
قام عمر بن الخطاب بوضع المغيرة بن شعبة على البحرين فكرهوه، فقام عمر بعزله، قال المغيرة بن شعبة لعلي بن أبي طالب بعد وفاة عثمان: ” اجلس في بيتك ولا تدعُ إلى نفسك؛ فإنّك لو كنت في جحر بمكة لم يبايعوا غيرك”، كما قال لعلي: “إن لم تطعني في هذه الرابعة لأعتزلَنَك، ابعث إلى معاوية عهده، ثم اخلعه بعدُ، فلم يفعل فاعتزله المغيرة باليمن، فلما شُغل علي ومعاوية فلم يبعثوا إلى الموسم أحدًا، جاء المغيرة فصلى بالناس، ودعا لمعاوية.
فقام رستم بإرسال رسالة إلى سعد بن أبي وقاص بأن يبعث إليهم رجل يكلموه، فقام بإرسال المغيرة بن شعبة، فذهب إليهم وعليهم التيجان والثياب التي نُسجت بالذهب، فأقبل المغيرة حتى جلس مع رستم على سريره، فوثبوا عليه وأنزلوه ومعكوه، وقال: “قد كانت تبلغنا عنكم الأحلام ولا أرى قوماً أسفه منكم، إنّا معشر العرب لا نستعبد بعضنا بعضا، فظننت أنكم تواسون قومكم كما نتواسى”.
“فكان أحسن من الذي صنعتم أن تخبروني أن بعضكم أرباب بعض، فإنّ هذا الأمر لا يستقيم فيكم ولا يصنعه أحدٌ، وإنّي لم آتكم ولكن دعوتموني اليوم، علمت أنكم مغلبون وأن ملكاً لا يقوم على هذه السيرة ولا على هذه العقول، فقالت السفلة: صدق والله العربي وقالت الدهاقين: والله لقد رمى بكلام لا تزال عبيدنا ينزعون إليه”، تكلم رستم فحمد قومه وقام بتعظيم أمرهم وعرض عليه الأموال لينصرف العرب عن بلاد فارس.
مواقف من حياة المغيرة بن شعبة مع رسول الله:
يقول المغيرة بن شعبة : “بعثت قريش عام الحديبية عروة بن مسعود إلى رسول الله ليكلمه، فأتاه فكلمه وجعل يمس لحيته وأنا قائم على رأس رسول الله مقنّع في الحديد، فقال المغيرة لعروة: كُفَّ يدك قبل أن لا تصل إليك، فقال: من ذا يا محمد؟ ما أفظه وأغلظه، قال: “ابن أخيك”، فقال: يا غُدر والله ما غسلت عني سوءتك إلا بالأمس”.
حضر المغيرة بن شعبة بيعة الرضوان والمشاهد التي تلتها، لما قدم وفد ثقيف أنزلهم النبي محمد عنده، فأحسن ضيافتهم، وبعثه عليه الصلاة والسلام رسول الله مع أبي سفيان بن حرب بعد إسلام أهل الطائف فهدما اللات، لمّا دُفن النبي صلى الله عليه وخرج علي من القبر الشريف ألقى المغيرة خاتمه وقال: “يا أبا الحسن خاتمي، قال: انزل فخذه، فقال المغيرة: فمسحت يدي على الكفن فكنت آخر الناس عهداً برسول الله”.